مع تقدم قوات نظام الأسد مدعومة بمليشيات إيرانية ولبنانية وعراقية وأفغانية في ريف حلب الشمالي مستفيدين من الغطاء الجوي الروسي، استمر تدفق عشرات آلاف من النازحين نحو معبر باب السلامة الحدودي مع تركيا لليوم الثالث على التوالي.
ويهدد القصف الروسي الكثيف بموجة نزوح كبيرة من الريف الشمالي يمكن أن تبلغ نحو ربع مليون مواطن، وتعتبر ثاني أكبر موجة تتعرض لها تركيا قادمة من مدينة حلب، بعد الموجة التي رافقت عملية تحرير حلب في أغسطس/آب 2012.
وقد سمحت السلطات التركية بدخول بعض الحالات الإنسانية من معبر باب السلامة، ليل أمس الجمعة، ومازال أكثر من خمسين ألف نازح عالقين على الحدود التركية السورية.
وأكد مدير معبر باب السلامة للجزيرة نت أن السطات التركية سمحت بإدخال بعض الحالات الإنسانية من المرضى والجرحى فقط، وأن آلاف النازحين ينتظرون منذ ثلاثة أيام السماح لهم بدخول تركيا، ولكن السلطات لم تأخذ قراراً بذلك حتى الآن.
وأضاف ناظم حافظ أن الهلال الأحمر التركي قدم بشكل عاجل نحو خمسين خيمة نصبت في المعبر وثلاث خيام كبيرة للرجال، كما قام بنصب 175 خيمة في مخيم الحرمين المجاور لباب السلامة والواقع ضمن الأراضي السورية.
مواجهة الحصار
وبعيدا عن الحدود التركية، فقد أكد رئيس مجلس حلب الحرة أن المحافظة ستبدأ السبت بنقل بعض النازحين إلى الريف الغربي لحلب وشمال إدلب عن طريق منطقة عفرين، بعد أن أنهت كل الترتيبات اللازمة.
وأضاف بشير عليطو للجزيرة نت “لقد تواصلنا مع جمعيات إغاثية والمجلس المحلي في دارة عزة، وهم جاهزون لاستقبال ثلاثمئة عائلة الآن”.
في غضون ذلك، أصدر المجلس المحلي لحلب بيانا طالب فيه الأهالي بالحفاظ على الموارد المتوفرة من الغذاء والماء والمحروقات، والتقليل من الاستهلاك حرصاً على المخزون المتوفر داخل المدينة.
وحث البيان كل المنظمات الإنسانية على تأمين السلع والمواد الأساسية، كما دعا الفصائل العسكرية بتوجيه حواجزها بمنع إخراج المواد الغذائية والمحروقات من المدينة، وكذلك ناشد العاملين بالقطاع الطبي عدم مغادرتهم المدينة واستمرار تقديمهم للخدمات الطبية اللازمة.
وقلل رئيس مجلس مدينة حلب، المهندس بريتا حاجي حسن، من مخاوف المواطنين في حصار الأحياء المحررة في حلب، ووصف تلك الإجراءات بأنها وقائية، تحسباً لأي تطور سيئ بعد القصف الروسي المكثف على الريف الشمالي وأحياء المدينة الشرقية المحررة.
ستنفار إنساني
وداخل المدينة، اجتمعت معظم الفعاليات والمبادرات الثورية الفاعلة في حلب لمواجهة “شبح الحصار” ودعم جبهات القتال الحساسة في المدينة وريفها حيث تمت مناقشة السبل والمشاريع التي يمكن العمل عليها في ظل الظروف الراهنة لإبعاد شبح الحصار عن المدينة، وأعلنوا توحيد الجهود تحت شعار “حملة واحدة.. صندوق مالي واحد”.
وقال حاجي حسن للجزيرة نت “شكلنا لجنة للتحصين والتدشيم ورفع السواتر، وكلفنا فريقا هندسيا بدراسة إمكانية حفر خندق قرب طريق الكاستيلو يستوعب حركة الآليات والمدنيين”.
ويعتبر الكاستيلو هو الطريق الوحيد المؤدي إلى القسم الشرقي التي تسيطر عليه المعارضة المسلحة، ويخشى ناشطون من تقدم النظام إليه، كما أن الطريق يقع تحت مرمى نيران وحدات حماية الشعب من جهة الشيخ مقصود، بينما يبتعد عنه النظام نحو كيلو مترين فقط.
وفي الجانب الطبي، خرجت معظم مشافي ريف حلب الشمالي عن الخدمة بعد قصفها المستمر، وأكد د. رأفت طه أخصائي الجراحة العامة ونائب مدير صحة حلب الحرة أن الطيران الروسي قصف بشكل مباشر مستشفى عندان بالصواريخ الفراغية، للمرة الثانية على التوالي، ما أدى إلى خروجه عن الخدمة نهائيا.
منهل باريش
الجزيرة نت