في 25 مارس الماضي، كشف نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف عما وصفه بتفهم أميركي لموقف موسكو الداعي لعدم مناقشة مستقبل الأسد في الوقت الراهن، وذلك عقب اجتماع وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع نظيره سيرجي لافروف في موسكو.
وقد سارعت إدارة أوباما إلى نفي هذا الأمر، وعلق المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية جون كيربي عليه بالقول: “أي كلام عن تغيير وجهة نظرنا بالنسبة لمستقبل الأسد هو غير حقيقي، الأسد فقد شرعيته بالحكم، ونحن لم نغير موقفنا بهذا الشأن”.
وفي 31 مارس الماضي نقلت صحيفة “الحياة” عن دبلوماسي في مجلس الأمن قوله إن وزير الخارجية الأميركي جون كيري “أبلغ دولا عربية معنية بأن الولايات المتحدة وروسيا توصلتا إلى تفاهم من ضمنه رحيل الأسد إلى دولة أخرى”، وقد نفى المتحدث باسم الكريملين ديمتري بيسكوف على الفور هذا الموضوع واصفا إياه بأنه لا يمت إلى الواقع بصلة، كما وصف وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف التقارير التي تتحدث عن اتفاق مزعوم مع أميركا بشأن مصير الأسد بأنها “تسريبات قذرة”، مضيفا: “شركاؤنا الأميركيون لا يستطيعون التشكيك علنا في هذه المعادلة التي تنص على أن الشعب السوري وحده هو الذي يقرر جميع الأمور المتعلقة بمستقبل سوريا”.
في 2 أبريل الحالي نقلت الصحيفة نفسها تأكيدات مسؤول في الخارجية الأميركية قال فيها: “الموقف الأميركي من الأسد لم يتغير ويجب أن يخرج في مرحلة انتقالية والقرارات حول آلية ذلك يجب أن تكون في إطار العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة والتي ستستأنف في منتصف هذا الشهر”.
بغض النظر عن فحوى ما قرأتموه أعلاه، إذا كان بإمكاننا أن نستنتج أي شيء من هذه التصريحات والتصريحات المضادة للجانب الأميركي والروسي فهي أنهما لم يتفقا بعد على الخطوة التالية بخصوص الأسد، وأن زيارة كيري إلى موسكو ولقاءه لافروف لم تؤد إلى نتيجة إيجابية في هذا السياق، ولو كان استنتاجنا هذا خاطئا لما شهدنا بالتأكيد السجالات المنقولة أعلاه.
الموقف الروسي واضح منذ البداية، وما يقوله في العلن يتطابق مع ما يقوله في الاجتماعات الدولية خلف الأبواب المغلقة، ومفاده أن الشعب السوري يقرر بشأن الأسد، وهذا يعني عمليا كما سبق وشرحنا في مقال سابق لنا بعنوان “في التفسيرات الخاطئة للانسحاب الروسي من سوريا” أن الانتخابات الرئاسية القادمة هي التي تقرر بشأنه وفق المفهوم الروسي.
أما الموقف الأميركي فهو مطلق وعام ومفتوح مضمونا وزمانا ويركز على “الأسد فقد شرعيته” و “لا دور للأسد في مستقبل سوريا” و “الأسد يجب أن يخرج في مرحلة انتقالية” ومن غير المعروف عن أي مرحلة انتقالية يتحدثون ومتى؟ علما أن عدة دول داعمة للمعارضة السورية وعلى رأسها السعودية كانت قد أبدت مرونة في اجتماعات فيينا لبقاء الأسد مؤقتا لبضعة أشهر فقط في بداية المرحلة الانتقالية على أن يتم قبلها تحديد موعد خروجه من قبل روسيا والإعلان عن ذلك رسميا للعلن، لكن المفارقة أن واشنطن لم تدعم هذا الأمر وفضلت عدم مناقشة موضوع الأسد في الاجتماع!
في المحصلة، لا يمكن تفسير التصريحات والتسريبات الأميركية الآن على أنها إصرار على خروج الأسد مع بدء العملية الانتقالية أو حتى في منتصفها، ولو كانت جادة فيما تقول لكانت ضغطت على الجانب الروسي في هذا الأمر، ولكنها على ما يبدو تفضل أن لا تحدد زمنا كي تبقى حرة في المناورة والتسويف والمماطلة، والنتيجة إذا لم يغير أحدهما موقفه لاحقا هي بقاء الموقف الأميركي تحت سقف الموقف الروسي.
علي حسين باكير
صحيفة العرب القطرية