في 5 أبريل الحالي، قال جون كيري في تصريح له إن إيران أصبحت أقل خطرا مما كانت عليه بفضل الاتفاق النووي للرئيس أوباما معها، مشيرا إلى أنها تستحق مكافأة نتيجة التزامها بالاتفاق، وأنه من العدل أن تحصل على ما تستحقه في هذا المجال. لكن بعد لقائه وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في المنامة يوم الخميس الماضي، سمع كيري كلاما واضحا عن تعاظم الخطر الإيراني وعن استمرار تطوير طهران لبرنامجها الصاروخي وعن استمرار تدخلاتها في المنطقة.
وعلى الرغم من اعتراف كيري بهذه الحقائق إلا أن رده عليها كان مجرد مناورة كلامية، إذ قال: “لم يدّع أحد أن التحديات الأخرى التي تمثلها إيران ستختفي تماما فجأة”،
ردت إيران على تصريحات كيري حول انفتاح بلاده على القيام “بترتيبات جديدة” بخصوص صواريخها البالستية قائلة بأنه “هراء”. والحقيقة أن الجانب الإيراني محق في وصف كلام وزير الخارجية الأميركي جون كيري بالهراء لسبب بسيط جدا وهو أن كيري الذي رأس الوفد التفاوضي الذي توصل إلى الاتفاق النووي مع إيران هو الذي كان قد تنازل بنفسه في اللحظة الأخيرة لسبب غير مفهوم ووافق على تغيير صيغة قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1929 للعام 2010 التي تلزم إيران بعدم إجراء أي نشاطات تتعلق بالصواريخ البالستية المصممة لكي تكون قادرة على حمل رؤوس نووية، لتصبح غير ملزمة فيما بعد بموجب القرار 2231 الذي تم إعداده لتغطية الاتفاق النووي.
فكيف وعلى أي أساس من المنتظر منه أن يقوم بتغيير هذا الأمر؟ وهل من المتوقع أن تستجيب إيران لطلبه بكل سذاجة إلا إذا كان ذلك مقابل ثمن؟ وهو الأمر الذي دأبت الإدارة الأميركية على دفعه من جيب غيرها كلما بشرتنا بخوضها لمباحثات أو مفاوضات أو قيامها بانخراط دبلوماسي أو ترتيبات سياسية!
أضف إلى ذلك أن حالة عدم الاتساق التي يعيشها جون كيري الذي يصف اليوم إيران بأنها أقل خطرا ثم يقول لحلفائه في اليوم التالي إنه منفتح على “ترتيبات جديدة” للتعامل مع خطرها، تجرد الرجل من أي مصداقية تؤهله للقيام بهذه المهمة.
المثير للاهتمام في الموضوع أنه في الوقت الذي يحاول فيه كيري تسويق اتفاقه النووي مع إيران على أنه نجاح كامل لأوباما، يقوم الكونجرس حاليا بالتحقيق فيما إذا كانت إدارة أوباما قد ضللت المشرعين الأميركيين بشأن حجم التنازلات التي تم تقديمها إلى إيران، وعما إذا كانت الإدارة الأميركية تقوم الآن بطريقة غير قانونية بمساعدة إيران على تفادي العقوبات الأميركية لاسيما المالية منها المتعلقة بالتداولات التجارية الإيرانية بالدولار الأميركي، وذلك في تناقض بين مع ما كانت الإدارة قد وعدت به الكونجرس عند التوصل إلى الاتفاق النووي.