ينذر الاتصال الأخير للرئيس الأميركي باراك أوبامابنظيره الروسي فلاديمير بوتين حول سوريا؛ بتصاعد القلق الأميركي من احتمال انهيار اتفاق وقف الأعمال العدائية، تزامنا مع حالة الجمود التي تطبع مفاوضات جنيف للسلام.
بيد أن دلالات حديث أوباما عن ضرورة وجود “تناغم” بين بلاده وروسيا حيال الحفاظ على سوريا وتحريك المسار والانتقال السياسيين، تطرح تساؤلات حول إمكانية تحقيق اتفاق ومدى استجابة بوتين لذلك.
وكشف أوباما لقناة “سي.بي.أس” الأميركية مؤخرا أنه أبلغ بوتين بأنه يتعين عليهما تحريك الوضع إلى الأمام، وأنهما متفقان على الحفاظ على هيكلية الدولة لكنهما يختلفان حول مصير الرئيس بشار الأسد. كما حذر أوباما من أن الوضع “لن يكون في صالح أي منا” في حال عودته إلى ما قبل الهدنة.
مصالح الطرفين
ويرى أستاذ تسوية النزاعات بجامعة “جورج ميسون” الأميركية محمد الشرقاوي أن “استجابة روسيا تتحدد وفق ما إذا كان الحديث يتم عن الأزمة السياسية أو معضلة الإرهاب”، معتبرا أن واشنطن لا تعوّل على تحول جوهري في الموقف الروسي للضغط على الأسد للالتزام بالهدنة، لكنها تتوقع من موسكو مساهمة في تضييق الخناق على تنظيم الدولة الإسلامية، حسب قوله.
ويضيف الشرقاوي للجزيرة نت أنه ما لم تتغير المصالح الروسية في سوريا أو الأميركية في بقية المنطقة فلا يمكن تجاوز مسألة الأسد، وذلك في ضوء “تبادل المصالح بين الطرفين”.
وأثبتت المعطيات أن التفاهم الأميركي الروسي قد يساعد على حل الأزمة السورية كما حدث عند التوصل إلى اتفاق الهدنة الذي لعبت الولايات المتحدة وروسيا دورا أساسيا فيه، غير أن التعويل الأميركي على روسيا لإنقاذ الهدنة يطرح تساؤلات حول مدى استجابة موسكو من جهة ومدى امتثال النظام السوري لأي تفاهمات أميركية روسية من جهة ثانية.
عوائق التوافق
ويستبعد الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات توني بدران إمكانية التقاء بوتين وأوباما في منتصف الطريق، إذ يرى أن بوتين ليس مضطرا إلى الاستجابة لدعوة أوباما لأن روسيا تملك زمام المبادرة على الأرض وإمكانية التصعيد والضغط العسكري.
ويضيف بدران للجزيرة نت أن “بوتين يعلم تماما أن أوباما ليس بوارد أن يتبنى سياسة التصعيد المضاد في الأشهر الباقية له”، لذا فالحديث عن الانتقال إلى خطة بديلة “كلام عقيم”، حيث تمت هندسة مبادرة المبعوث الأممي ستفان دي ميستورا ببقاء الأسد وتعيين نائبين له من المعارضة، في المفاوضات الموازية بين أميركا وروسيا، حسب قوله.
وإذا كان أوباما قد أشار علنا إلى أنه يعترف بنفوذ روسيا وإيران في سوريا وأن أي تسوية يجب أن تحترم مصالحهما، فإن تغيّر الإطار العام لسياسة أوباما -كما يرى مراقبون- مستبعد خلال الأشهر القليلة المتبقية له في السلطة.
غير أن ذلك لا يعني بالضرورة منح ضوء أخضر لروسيا، فقد ذكرت وول ستريت جورنال أن المكالمة بين أوباما وبوتين حركتها بالأساس تقارير استخباراتية عن حشود عسكرية روسية في حلب واللاذقية قد تنذر باستعداد النظام وحلفائه لقتال جديد في حال انهيار الهدنة، مما رفع وتيرة القلق الأميركي من نوايا روسيا.
وإذا صحت هذه التقارير فستشكل ضربة للتعويل الأميركي على “النوايا الحسنة” لبوتين، كما أنه ينذر بتسريع انتقال الولايات المتحدة إلى خطة بديلة كحل مطلوب لصد الهيمنة الروسية على سوريا، رغم التردد الذي تبديه إدارة اوباما في تزويد المعارضة “المعتدلة” بأسلحة متطورة.
يذكر أن مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية جون بيرنان حذر خلال زيارته الأخيرة إلى موسكو من أن البديل عن الهدنة القائمة سيكون “تصعيدا خطيرا على الأرض”.
محمد الأحمد
الجزيرة نت