تلقّى رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري دعما معنويا كبيرا في صراعه ضدّ قوى سياسية حاولت إزاحته من منصبه، وتنصيب بديل عنه في إطار الصراع السياسي الحادّ في العراق، والذي تفجّر حول حكومة التكنوقراط التي حاول رئيس الحكومة حيدر العبادي تشكيلها وفشل في ذلك بسبب ممانعة شركاء في العملية السياسية لأي تغيير يمكن أنّ يمس بمكاسبهم السياسية والمادية التي يجنونها من وراء مشاركتهم في السلطة.
وجاءت زيارة قام بها السفير الأميركي في العراق ستيوارت جونز، الخميس إلى سليم الجبوري في مكتبه بمثابة اعتراف له بشرعية رئاسته للبرلمان، ورسالة قوية إلى خصومه بأن لا اعتراف بشرعية ما يترتّب عن جهود هؤلاء الخصوم لإقالته.
ويتجاوز الدعم الأميركي لسليم الجبوري شخصه، إلى الحفاظ على أركان النظام القائم في العراق، والذي أرسته الولايات المتحدة ذاتها بالتعاون مع إيران بعد إسقاط حكم الرئيس السابق صدّام حسين.
ويقوم هذا النظام الذي تقوده الأحزاب الشيعية على المحاصصة الحزبية والطائفية والعرقية، وقد أسهم بشكل كبير في إضعاف العراق وجعله بعيدا عن إمكانية التأثير في المعادلة الإقليمية، فضلا عن الدولية.
ويلخص الوضع العراقي المتردّي على مختلف الصعد الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية حالة الضعف الشديد التي تميز العراق اليوم.
وحفّت بالنظام العراقي خلال الفترة الماضية مخاطر كبيرة جرّاء الصراعات الشديدة التي تسرّبت إلى فرقاء الساحة السياسية، ما سبّب حالة من القلق لدى الولايات المتحدة المهتمة بتواصل العملية السياسية التي أطلقتها، والتي بدا أنها تكفل مصالحها في هذا البلد الغني بمقدّراته الطبيعية والبشرية.
وضاعف من هذا القلق أنّ تلك التهديدات جاءت في مرحلة تستعد فيها الولايات المتحدة إلى العودة بقوّة إلى العراق من نافذة الحرب على تنظيم داعش، التي تتجه واشنطن إلى الإمساك بزمامها بعد أن أظهرت القوات المسلّحة العراقية ضعفا شديدا قارب الانهيار، وفسح المجال لميليشيات شيعية موالية لإيران لفرض سيطرة ميدانية على مناطق شاسعة بالعراق.
وأبدت القيادة الأميركية اهتماما شديدا بحماية أركان السلطة في العراق من رئاسة الحكومة إلى رئاسة البرلمان.
ووصف الرئيس باراك أوباما، الخميس، رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بـ”الشريك الجيد” لبلاده، قائلا في ختام القمة الخليجية الأميركية التي عقدت في العاصمة السعودية الرياض، إنّ “الدور العراقي مهم بالنسبة إلينا في محاربة داعش”.
وقال مكتب رئيس مجلس النواب العراقي، الخميس، في بيان إنّ سليم الجبوري “استقبل في مكتبه السفير الأميركي لدى العراق ستيوارت جونز، وجرى خلال اللقاء استعراض التطورات السياسية والأمنية والأزمة البرلمانية وضرورة السير بخطوات قانونية ودستورية للحفاظ على اللحمة الوطنية من خلال الاتفاق على رؤية موحدة للخروج من الأزمة الحالية”.
وأمام الضغط الأميركي الإيراني بدأت أزمة البرلمان العراقي، تأخذ طريقها إلى الانفراج.
وأعلن النواب المعتصمون في مقر مجلس النواب، الخميس، أن رئاسة البرلمان (المقالة من قبلهم) تقدمت بطعن على إقالتها أمام المحكمة الاتحادية، مشيرين إلى أنهم سيلتزمون بقرار المحكمة في هذه القضية.
ويرجّح أن يكون قرار المحكمة لمصلحة سليم الجبوري ما سيمثّل مخرجا يحفظ ماء وجه النواب المعتصمين الذين أصبحوا في وضع صعب بعد أن انسحب الكثيرون منهم بفعل ضغط قادة كتلهم، وباتوا عاجزين عن تحقيق النصاب الضروري لاستصدار قرارات نيابية ملزمة.
صحيفة العرب اللندنية