تستمر المعارك وتتقدم الآرتال العسكرية في المحاور القتالية التي رسمت معركة الفلوجة وهي تدخل اسبوعها الثاني بعد أن تم محاصرة المدينة من جهاتها الآربعة بتواجد أعداد كبيرة من المقاتلين والآليات والمعدات العسكرية يساندها طيران التحالف الدولي وبمعاونة واسناد أرضي باعداد الخطط العسكرية الميدانية وتقديم المشورة والآستشارات الآمنية والآستخبارية والعسكرية من قبل المستشاريين الامريكيين والايرانيين .
ان هذا التواجد العسكري الكثيف والذي فاق في عديد مقاتليه ومعداته وألياته أي تواجد وتقدم في الميدان وعلى جميع الجبهات القتالية التي تشهدها المدن العراقية التي لا زالت تعاني نزاعات عسكرية ومصادمات مسلحة قبل معركة الفلوجة ، انما جاء لعدة أسباب وأهداف سبقت عملية الآعداد لدخول الفلوجة ويمكن قراءتها بالآتي :
1.ان عملية توقيت واعداد المعركة جاء في ظل أزمة سياسية غير مسبوقة شهدتها وعاشتها الحكومة العراقية والآحزاب والكتل السياسية المتنفذة في ادارة البلاد بعد ان شهدت الآشهر الماضية من عام 2016 تظاهرات واعتصامات عديدة ومستمرة في مدينة بغداد وبعض المدن في وسط وجنوب العراق طالبت بالآصلاحات والتغيير الوزاري ومكافحة الفساد ومحاسبة المقصريين والسراق من المتنفذين في الحكم من وزراء ونواب وسياسيين .
2.شهدت الاشهر الماضية حالة فريدة من صور العصيان المدني وتقدم واضح في المطاليب الشعبية وعلت الاصوات مطالبة بتغيير الحكومة ووزرائها بل وصل الآمر الى اقتحام مبنى البرلمان العراقي ورئاسة الوزراء ،مما ادى بالجهات الامنية والعسكرية الى ردع المتظاهرين واستخدام القوة المسلحة يضرب الجماهير المنتفضة بالسلاح واستخدام الغاز المسيل للدموع وهي أول حالة تحصل من المواجهة في رئاسة العبادي .
3.عانت مدينة بغداد خرقا امنيا واضحا وانهيارا في عمل المؤسسات الامنية والاستخبارية بعد أن شهدت العاصمة العراقية بغداد عدة انفجارات في أماكن وتجمعات مدنية واسواق ومحلات تجارية استهدفت المدنيين واوقعت العديد من الخسائر في الارواح ، انعكس هذا المشهد سلبيا على طبيعة العلاقة بين اعضاء الكتل السياسية ووصل الحد باتهام بعضهم البعض بانه وراء هذه التفجيرات والداعم لها .
4.تدهور الاوضاع الامنية وضعف المؤسسات المسؤولة عن توفير الحماية داخل مدينة بغداد ، أدى بقيادات المليشيات المسلحة لتوجيه عناصرها بالنزول الى شوارع العاصمة وتوفير الحمايات للمدنيين ولمؤسسات الدولة كما شاهدنا في قيام (سرايا الخرساني) بحماية المنطقة الخضراء والاماكن المحيطة بها وتأمين الحماية لمدينة الصدر مملاسنات وتوجيه التهم ن قبل (سرايا السلام) .
5.جاءت معركة الفلوجة لتشكل متنفسا لحكومة العبادي ومنقذا لها من السقوط والتهالك والاتهامات الموجهه لها ولحماية الاحزاب والكتل السياسية ورؤوساءها من الدعوات التي نادت بالاصلاح وطرد المفسدين ومحاكمة السياسيين .
6.رفعت حكومة العبادي شعارا واضحا وميدانيا وهو (أن لاصوت يعلو على صوت المعركة ) وهي بذلك عمدت الى اتباع السبل والطرق الكفيلة باطفاء نار الفتنة واخماد الحريق السياسي الذي كان من الممكن ان يحدث ما بين عناصر وقيادات المليشيات المسلحة داخل بغداد بعد حدوث الكثير من الملاسنات وتوجيه التهم لبعضهم البعض بمسؤولية احداث الخروقات الامنية وتصعيد عمليات التفجيرات في العاصمة العراقية (بغداد) .
7.تمكنت حكومة العبادي من تجنيد الشارع العراقي في بغداد بأصواته وجماهيره وشعبية التظاهرات وتوجيهه لمعركة قادمة تبعد عنه شبح التفجيرات والقتل والترويع اليومي وكما صورتها الاجهزة الاعلامية والحربية التابعة للحكومة باعتبار أن معركة الفلوجة ودخول القوات العسكرية والامنية اليها وانهاء حالة الاضطراب داخل المدينة من اولويات تحقيق الامن الناجز في بغداد ومحيطها .
8.عززت عملية البدأ بالتقدم نحو مدينة الفلوجة حالة التكاتف والتعاضد بين جميع رؤوساء الكتل والاحزاب السياسية والقيادات البرلمانية وهذا ما شاهدناه بالتعبئة السياسية التي اتبعتها هذه الاطراف عند الاعداد لمعركة الفلوجة .
فهل ستستمر هذه التحالفات والاتفاقات وتوحيد الرؤى نحو اصلاح سياسي جذري في البلاد على ضوء المعطيات الميدانية لمعركة الفلوجة ؟ أم سنرى أن الاستثمار السياسي لمعركة الفلوجة سيكون انيا وظرفي وقصير المدى ؟ هذا ما سنتابعه خلال الايام القادمة .
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للابحاث والدراسات الاستراتيجية