يتضمن الاتفاق الروسي مع فصائل المعارضة السورية على إخلاء حلب بنداً على غايةٍ في الأهمية، يتعلق بانتقال مقاتلي جبهة النصرة إلى محافظة إدلب حصرا، وخروج مقاتلي بقية الفصائل إلى ريف حلب الغربي، للالتحاق بالجيش الحر الذي يشارك في عملية درع الفرات.
تأتي هذه الخطوة من باب فرز ما تسمى المعارضة المعتدلة عن جبهة النصرة، وهو شرط أصرّت عليه روسيا منذ أشهر، وجرى تضمينه في كل الاتفاقات الروسية الأميركية منذ سنة ونصف السنة، في سياق الحرب على الإرهاب التي حددت “داعش” وجبهة النصرة بالاسم منظمتين على لائحة الإرهاب.
وقد تدرّج هذا الشرط، في الأشهر الأخيرة، من الطلب بإخراج مقاتلي “النصرة” من حلب، إلى انسحاب كل مقاتلي المعارضة من المدينة، كما جاء في اتفاق يوم الثلاثاء الذي تم بين ضباط روس ومسؤولين في فصائل المعارضة في حلب، برعايةٍ تركية.
شغلت هذه المسألة فصائل المعارضة كافة، والرأي العام السوري، وأحدثت حالةً من الضغط قادت جبهة النصرة إلى تغيير اسمها في يوليو/تموز الماضي إلى “جبهة فتح الشام”، في محاولةٍ للنأي بنفسها عن تنظيم القاعدة. لكن هذا التحول لم يحقق المطلوب منه، وظلت روسيا والولايات المتحدة وقطاع واسع في الشارع السوري يعتبرون “فتح الشام” رديفاً لـ”القاعدة”، لا سيما وأنها بقيت على النهج الفكري نفسه، ولم تغيّر علمها وشعاراتها، وواصلت فرض قوانين مشدّدة في المناطق التي تسيطر عليها، واستمرت ممارساتها الإقصائية تجاه بعض فصائل المعارضة.
وعلى الرغم من أن قطاعاً واسعاً من الرأي العام السوري المؤيد للمعارضة يعتبر أن جبهة النصرة ألحقت ضرراً فادحاً بالثورة، فإن فصائل المعارضة لم تتخذ موقفاً معلناً من “النصرة” لدفعها إلى إجراء عملية تغيير كبيرة، من نمط حل نفسها، والالتحاق بالفصائل الأخرى، وهو الأمر الذي جرى الحديث عنه أكثر من مرة في السنة الماضية، وحتى قبل الاتفاق الروسي الأميركي على تصنيف فصائل المعارضة بين معتدلة وإرهابية، الذي تم الاتفاق عليه في فيينا، في نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2015. وقد جرت، أخيراً، محاولة التفافٍ على الأمر من طرف “الائتلاف” المعارض الذي دعا، بعد دورة اجتماعاته الأسبوع الماضي، إلى إنشاء جيش معارض موحد، وإخلاء المدن من المسلحين. وحسب أوساطٍ شاركت في الاجتماع الذي استمر يومين، تحت مسمى “دورة حلب”، فإن أصواتاً طالبت بضرورة التوقف عن مجاملة “النصرة”، والحديث بصراحةٍ عن الضرر الكبير الذي ألحقته بالثورة السورية.
إصرار الروس على رحيل مقاتلي “النصرة” إلى إدلب ليس من أجل منحهم إجازة مفتوحة في هذه المدينة، بل هو يخفي خلفه خطةً كبيرة تتجاوز “النصرة” إلى استهداف إدلب بعد الانتهاء من حلب، وهذا ما يفسر أن كل عمليات الإجلاء التي شملت مقاتلين من كل الجبهات اشترطت ترحيلهم إلى إدلب، الأمر الذي يتطلب تغيير حسابات فصائل المعارضة، وتفادي الفخ الذي وقعت فيه المدن السابقة التي دمرها النظام، بذريعة طرد مقاتلي المعارضة، كحمص وحلب ودير الزور. ولابد من ملاحظة أن المسألة باتت على قدرٍ كبير من الخطورة في ظل تحكّم روسيا في القضية السورية، واستقالة الولايات المتحدة والأمم المتحدة. وهذا يتطلب التعامل بمسؤوليةٍ مع الحفاظ على أرواح المدنيين، وإجراء عملية مراجعة واسعة، من أجل إعادة توجيه بوصلة الثورة السورية في الاتجاه الصحيح، ما يحتم قبل كل شيء إعادة هيكلة القوات الموجودة تحت راية سورية، وعدم رفع الرايات السود، ونبذ أصحاب الأجندات والارتهانات الخارجية، خصوصا أنه تبيّن، في الأيام القليلة الماضية، تهافت الرهان على القوى الخارجية لمساعدة الشعب السوري من الولايات المتحدة، وحتى الأطراف الإقليمية.
تأتي هذه الخطوة من باب فرز ما تسمى المعارضة المعتدلة عن جبهة النصرة، وهو شرط أصرّت عليه روسيا منذ أشهر، وجرى تضمينه في كل الاتفاقات الروسية الأميركية منذ سنة ونصف السنة، في سياق الحرب على الإرهاب التي حددت “داعش” وجبهة النصرة بالاسم منظمتين على لائحة الإرهاب.
وقد تدرّج هذا الشرط، في الأشهر الأخيرة، من الطلب بإخراج مقاتلي “النصرة” من حلب، إلى انسحاب كل مقاتلي المعارضة من المدينة، كما جاء في اتفاق يوم الثلاثاء الذي تم بين ضباط روس ومسؤولين في فصائل المعارضة في حلب، برعايةٍ تركية.
شغلت هذه المسألة فصائل المعارضة كافة، والرأي العام السوري، وأحدثت حالةً من الضغط قادت جبهة النصرة إلى تغيير اسمها في يوليو/تموز الماضي إلى “جبهة فتح الشام”، في محاولةٍ للنأي بنفسها عن تنظيم القاعدة. لكن هذا التحول لم يحقق المطلوب منه، وظلت روسيا والولايات المتحدة وقطاع واسع في الشارع السوري يعتبرون “فتح الشام” رديفاً لـ”القاعدة”، لا سيما وأنها بقيت على النهج الفكري نفسه، ولم تغيّر علمها وشعاراتها، وواصلت فرض قوانين مشدّدة في المناطق التي تسيطر عليها، واستمرت ممارساتها الإقصائية تجاه بعض فصائل المعارضة.
وعلى الرغم من أن قطاعاً واسعاً من الرأي العام السوري المؤيد للمعارضة يعتبر أن جبهة النصرة ألحقت ضرراً فادحاً بالثورة، فإن فصائل المعارضة لم تتخذ موقفاً معلناً من “النصرة” لدفعها إلى إجراء عملية تغيير كبيرة، من نمط حل نفسها، والالتحاق بالفصائل الأخرى، وهو الأمر الذي جرى الحديث عنه أكثر من مرة في السنة الماضية، وحتى قبل الاتفاق الروسي الأميركي على تصنيف فصائل المعارضة بين معتدلة وإرهابية، الذي تم الاتفاق عليه في فيينا، في نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2015. وقد جرت، أخيراً، محاولة التفافٍ على الأمر من طرف “الائتلاف” المعارض الذي دعا، بعد دورة اجتماعاته الأسبوع الماضي، إلى إنشاء جيش معارض موحد، وإخلاء المدن من المسلحين. وحسب أوساطٍ شاركت في الاجتماع الذي استمر يومين، تحت مسمى “دورة حلب”، فإن أصواتاً طالبت بضرورة التوقف عن مجاملة “النصرة”، والحديث بصراحةٍ عن الضرر الكبير الذي ألحقته بالثورة السورية.
إصرار الروس على رحيل مقاتلي “النصرة” إلى إدلب ليس من أجل منحهم إجازة مفتوحة في هذه المدينة، بل هو يخفي خلفه خطةً كبيرة تتجاوز “النصرة” إلى استهداف إدلب بعد الانتهاء من حلب، وهذا ما يفسر أن كل عمليات الإجلاء التي شملت مقاتلين من كل الجبهات اشترطت ترحيلهم إلى إدلب، الأمر الذي يتطلب تغيير حسابات فصائل المعارضة، وتفادي الفخ الذي وقعت فيه المدن السابقة التي دمرها النظام، بذريعة طرد مقاتلي المعارضة، كحمص وحلب ودير الزور. ولابد من ملاحظة أن المسألة باتت على قدرٍ كبير من الخطورة في ظل تحكّم روسيا في القضية السورية، واستقالة الولايات المتحدة والأمم المتحدة. وهذا يتطلب التعامل بمسؤوليةٍ مع الحفاظ على أرواح المدنيين، وإجراء عملية مراجعة واسعة، من أجل إعادة توجيه بوصلة الثورة السورية في الاتجاه الصحيح، ما يحتم قبل كل شيء إعادة هيكلة القوات الموجودة تحت راية سورية، وعدم رفع الرايات السود، ونبذ أصحاب الأجندات والارتهانات الخارجية، خصوصا أنه تبيّن، في الأيام القليلة الماضية، تهافت الرهان على القوى الخارجية لمساعدة الشعب السوري من الولايات المتحدة، وحتى الأطراف الإقليمية.
بشير البكر
صحيفة العربي الجديد