فيما يواصل التحالف العربي حربه ضد الانقلابيين الحوثيين في اليمن، محققاً مكاسب على أرض الواقع، يؤكد محللون أن هذه الحرب أنقذت منطقة الشرق الأوسط من مخططات إيرانية، كانت تستهدف التوسع والتمدد في عدد من الدول العربية، من أجل إعادة بناء الامبراطورية الفارسية، للهيمنة على المنطقة بأسرها، مؤكدين أن مكاسب الحرب كبيرة وعظيمة للمنطقة، وفق رؤية إستراتيجية مستقبلية قرأت الأحداث بتمعن ورأت ضرورة قصوى لوقف المخططات الإيرانية في أسرع وقت، وذلك عن طريق تحقيق إعادة الشرعية إلى الحكومة اليمنية المنتخبة ورد المعتدين ومن يقف خلفهم.
وتشير المصادر إلى أن الحرب في اليمن كان من الممكن ألا تستمر أكثر من شهور معدودة، تنتهي بدحر الإرهاب الحوثي، وعودة الحكومة الشرعية إلى مواصلة عملها في إدارة شؤون البلاد، لولا التدخل السافر من إيران على خط الأزمة، ومساعدة الحوثيين على مواجهة قوات التحالف، ومدهم بالسلاح والمؤن والمعلومات الاستخباراتية، لإنهاك التحالف العربي ، وإطالة عمر الحرب، بيد أن قيادة التحالف انتبهت لهذا الأمر، ووضعت الخطط العسكرية، لوقف تهريب السلاح الإيراني لمليشيات الحوثي.
وتقود إيران حرباً شرسة ضد الدول العربية في المنطقة، بعضها في العلن والبعض الآخر في الخفاء ضمن إطار مخطط عام وشامل، لإضعاف هذه الدول بأي وسيلة كانت ومن ثم التحكم فيها، وقد نجحت إيران إلى حد بعيد في مخططها فيما يخص سوريا والعراق ولبنان، وكانت تسعى للسيطرة على اليمن عن طريق تحريك الحوثيين، ودفعهم للانقلاب على الحكومة الشرعية هناك، ولكن الحرب التي شنتها السعودية أوقفت المخطط الإيراني ومنعت الانقلاب في الوقت الضائع، وهو ما دعا متابعين للتأكيد على أن السعودية أطلقت شرارة الحرب في الوقت المناسب.
ورغم أن الحرب في اليمن دخلت عامها الثاني على عكس المتوقع، إلا أن المعلومات المتوفرة تؤكد أن طول فترة هذه الحرب عزز من إجهاض المخطط الإيراني في المنطقة، في إشارة إلى أن الحرب إذا ما انتهت بعد بضع شهور من بدئها، كما كان متوقعاً، لكان هذا في صالح إيران، التي كانت أوجدت وسائل أخرى بديلة لتنفيذ مخططها التوسعي في المنطقة.
وأكد المحلل السياسي الأردني الدكتور نبيل العتوم أن “إيران تعادي الأمة العربية، وتريد النيل منها بأي وسيلة كانت”، مستشهداً على ذلك بـ”الحديث الأخير” لأبي بكر البغدادي قائد تنظيم داعش، الذي حرض أتباعه ضد السعودية وتركيا. وقال: “هذا التحريض جزء لا يتجزأ من الحملة التي تشنها إيران ضد المملكة العربية السعودية، لأن طهران تدرك جيداً أن هجوم أهل السنة على السعودية أشد وقعاً من هجوم الشيعة عليها”.
وأضاف “العتوم” وفق تصريح سابق لـ”سبق”: “إيران تتحالف مع التنظيمات المسلحة ومع المليشيات في الخفاء، كما هو الحال مع تنظيمي “القاعدة” و”داعش”، وفي العلن كما هو الحال مع “الحوثيين”، من أجل تنفيذ مخططها، وأكبر دليل على ذلك حديث البغدادي الذي دعا للتحريض على السعودية وتركيا السنيتين، فيما لم يحرض على إيران الشيعية، في دلالة واضحة على علاقة الجانبين الوطيدة وتقابل المصالح”.
ويرى المحلل السياسي المصري إبراهيم الأزهري أن “إيجابيات الحرب في اليمن كثيرة ومتنوعة للأمة العربية، وليس للمملكة التي تقود تلك الحرب”. ويقول: “المكاسب المتحققة حتى هذه اللحظة ظاهرة للعيان، ويدركها المتخصصون والمحللون قبل غيرهم”. ويضيف: “علينا أن نتخيل لو أن هذه الحرب لم تنطلق شرارتها، فماذا سيكون عليه الوضع في المنطقة، أعتقد أن إيران قد نجحت في فرض سيطرتها على اليمن بالكامل، كما هو الحال في سوريا والعراق، كما أنها قد نجحت في تهديد المملكة ودول الخليج بإرهاب المليشيات والتنظيمات الإرهابية التي تدعمها بالمال والسلاح”.
واستطرد الأزهري “إذا كان عمر الحرب قد طال بعض الشيء على عكس المتوقع، ففي ذلك إيجابيات وسلبيات، أهم الإيجابيات هو تأكيد وتعزيز إضعاف مليشيات الحوثي التي تدعمها إيران، وبالتالي القضاء على حظوظ المخطط الإيراني في التوسع في المنطقة وفرض السيطرة والهيمنة، حيث تعتقد طهران أن بإمكانها إعادة بناء الإمبراطورية الفارسية من جديد، على حساب الأمة العربية”، مشيراً لـ”سبق” إلى أن “سلبيات إطالة عمر الحرب، المزيد في سفك الدماء العربية، وهذا ما لا يتمناه أحد”.
صحيفة سبق