شارك الحشد الشعبي السبت في استعراض عسكري أطلق عليه اسم “التحرير والنصر” وسط العاصمة العراقية بغداد جنبا إلى جنب مع تشكيلات عسكرية وأمنية في وزارتي الدفاع والداخلية.
وحضر العرض رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الذي أعلن في العاشر من الشهر الجاري النصر في الموصل بعد نحو ثلاثة أعوام من استيلاء التنظيم المتشدد عليها. وفرضت قوات الأمن العراقية بمحيط المنطقة الخضراء إجراءات أمنية مشددة، تحسبا لأيّ طارئ.
ويمتلك الجيش العراقي أسلحة ومعدات قتالية أميركية وروسية الصنع، كما يمتلك أسطولا متطورا من الطائرات المقاتلة الآف 16 الأميركية، والسوخوي الروسية، ومقاتلات كورية.
وتمثل مشاركة الحشد الشعبي في هذا الاستعراض مؤشرا قويا على الدور الذي يريد لعبه في المرحلة المقبلة بعد نهاية معركة الموصل بصفة كلية.
وشارك الحشد الذي تشكّل بفتوى دينية من المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني في مواجهة تنظيم داعش لدى غزوه مناطق واسعة في العراق صيف العام 2014.
وكان له دور فاعل في وقف زحف التنظيم، ولاحقا في طرده من عدّة مناطق، الأمر الذي جعل له سمعة كبيرة لدى بعض الأوساط قاربت “القدسية” أحيانا، كما جعله موضع رهان للكثير من السياسيين الشيعة لتدعيم مراكزهم في السلطة بعد تراجع ثقة الشارع بهم.
ويثير هذا “الجيش” الموازي المزيد من الخلافات داخل البلد، كونه قابلا للاستخدام في مرحلة ما بعد تنظيم داعش لتكريس هيمنة الطائفة الشيعية على المشهد العراقي، خصوصا وقد برزت مطالبات واضحة بإسناد دور سياسي له من خلال السماح له بالتقدّم للانتخابات البرلمانية القادمة كهيكل قائم الذات، بينما تتداول أوساط سياسية عراقية إمكانية منح قادة الحشد ميزات سياسية من قبيل الحصول على حقائب وزارية سيادية دون اعتبار نظام المحاصصة المعمول به إلى حدّ الآن.
ويزداد الخلاف بشأن الدور المستقبلي للحشد تعقيدا حين يتحوّل إلى مدار خصومة سياسية لا بين المكونات الطائفية والعرقية العراقية المختلفة ولكن داخل البيت السياسي الشيعي في حدّ ذاته. ويعول قادة الحشد على نتائج الانخراط في الحرب ضد تنظيم داعش من أجل توسيع قواعدهم الشعبية.
ويشكل هذا التوسع الشعبي تهديدا مباشرا لمعظم قوى الإسلام السياسي الشيعي في العراق.
ويؤكد مصدر عراقي تعرّض العبادي إلى ضغوط هائلة للقبول بمشاركة الحشد في هذا الاستعراض العسكري الأخير، تتويجا “لمساهمته في دحر داعش وتمهيدا لإعطائه دورا أكبر في مستقبل العراق ما يهدد بتعميق الخلافات الطائفية التي غذتها جرائم هذه الميليشيات بحق مدنيين سنّة في عدد من المناطق المحررة من التنظيم الإرهابي.
وتواجه الحكومة المركزية في بغداد تحديات كبرى في هذا المضمار بعد تحرير الموصل من بينها خفض حدة الاحتقان الطائفي إضافة إلى المهمات الضخمة في إعادة الإعمار إلى المدن المدمرة.
وإذا كانت السلطات العراقية قد أعلنت الاثنين الماضي انتصار قواتها في الموصل على تنظيم الدولة الإسلامية، فإن الدمار غير المسبوق والوضع الأمني غير المستقر يهددان بتأخير عودة مئات الآلاف من النازحين إلى منازلهم في الموصل.
ومنذ بدء القوات العراقية هجومها على الموصل في أكتوبر الماضي نزح أكثر من مليون مدني هربا من المعارك، لا يزال 825 ألفا منهم في عداد النازحين وفق ما أعلنت عنه منظمة الهجرة الدولية.
ومع انتهاء المعارك وعودة ما يشبه الهدوء في الأحياء الغربية التي تعرضت لغارات جوية وعمليات قصف يسعى بعض السكان إلى العودة. لكنّ المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة حذرت مؤخرا من أنه “من المحتمل أن يضطر مئات الآلاف من الناس للبقاء نازحين لفترة قد تستمر لأشهر”.
وتقول المتحدثة باسم المجلس النرويجي للاجئين في العراق ميلاني ماركام إن النازحين “ما عادوا يرغبون بالبقاء في المخيمات ولكن لا شيء ينتظرهم في منازلهم”. وتضيف أنه “لا وجود لماء ولا لكهرباء ولا لغذاء ولا لمدارس ولا لمستشفيات، ووفق ما يقولونه لنا، فإن منازلهم سحقت”.
ويقر المدير المؤقت لمنظمة “ميرسي كوربس” الأميركية في العراق أرنو كيمين أنه “في ما يتعلق بالنازحين نتوقع حصول الأشياء ببطء شديد”. ويضيف “ستكون عملية طويلة جدا. نحن نتعامل مع أرقام لا مجال لمقارنتها على الإطلاق بأزمات أخرى مماثلة”.
صحيفة العرب اللندنية