يشكل النفط احد المرتكزات الاساسية في نهضة العراق المعاصرة، والشريان النابض والرئيس الذي يغذي مجمل مفاصله الحيوية، ويعد مادة استراتيجية ذات اهمية قصوى في حاضر العراق ومستقبله.
والنفط ثروة وطنية ينبغي على القطاع العام والخاص الاستفادة منها في توفير فرصة حقيقية للتنمية بالمعنى الحضاري الشامل وبخاصة في الجانب الاقتصادي.
ويتمتع العراق بثروة نفطية هائلة، بحكم احتياطياته الضخمة وانتاجه المستقبلي وحجم الصادرات المتوقعة لدول العالم مما سيؤدي دورا محوريا في مستقبل العراق المنظور والسوق النفطي العالمي.
وللاستثمار النفطي اهمية في خدمة الدولة واعمارها من جهة واثراء المستثمر من جهة اخرى، فالدولة النفطية تحتاج الى موارد هائلة من الاموال والخبرة التقنية الحديثة من اجل انجاز مشاريعها وزيادة نموها وزيادة مستوى الرفاهية ، لذا تعد عملية الاستثمار في القطاع النفطي من العمليات المهمة في تغيير جذور الاقتصاد من اقتصاد ريعي الى جعل النفط جسرا لتنمية القطاعات كافة.
وفي ظل الظروف الراهنة والاستفتاء في اقليم كردستان
وجه وزير النفط العراقي جبار لعيبي ، بيانا مهما يؤكد به التزام وزارة النفط بالثوابت الوطنية بابعاد القطاع النفطي عن الصراعات السياسية، وحرصها على الاستثمار الامثل للثروة الوطنية وتنميتها خدمة لأبناء الشعب العراقي بكل أطيافهم، ومكوناتهم مطالبة الجميع او استخدام الثروة الوطنية كأحد وسائل الضغط والمساومة على حساب الثوابت الوطنية
ودعا كل الاطراف للحوار الوطني الجاد والبناء بعيداً عن الشعارات والمصالح الضيقة التي لا تخدم الصالح العام و الدعوة للعمل معا لإيجاد الحلول المناسبة للمشاكل العالقة ، وفقا لما نص عليه الدستور والقوانين والتعليمات النافذة خدمة لبلدنا وشعبنا العزيز.
ومن ميزات الاستثمار في سوق النفط ، المضاربة في سوق الأوراق المالية (البورصة)مما يجعل سوق النفط معولما، على مدار 24 ساعة، وأسعاره في حركة دائمة، فيكون وسيلة مثالية للمتداولين اليوميين الذين يبحثون عن الحركات السريعة ويختارون العقود مقابل الفروقات طريقة سهلة للتداول على أسعار النفط.
وان تأهيل القطاعات النفطية كافة وتنمية القطاعات المترابطة معها من خلال استغلال الاستثمارات بشكل امثل وبمشاركة الشركات النفطية الاجنبية بناءً على اتفاقيات متزنة تسهم في بناء الشركات على المستوى الافقي والعمودي وتطوير المشاريع الاستثمارية النفطية ، وان هذه التكاملية بين الافادة من الثروة النفطية والكوادر العراقية وجذب الاستثمارات تشكل حلقة متكاملة تسهم في استقرار العراق وتنمية اقتصاده .
وتعمل وزارة النفط العراقية ، بجهد كبير لتنمية الاستثمارات حيث اكد وزيرها جبار لعيبي ان الوزارة ماضية بتنفيذ خططها الاستراتيجية لتأمين الايرادات المالية لخزينة الدولة العراقية، وتطوير الصناعة النفطية، مشيرا الى توقيع عقد تنفيذ مشروع للاستثمار الامثل للغاز في حقلي الناصرية والغراف مع شركة جنرال الكترك متمثلة بـ(شركة بيكر هيوز) ، لإنتاج الغاز الجاف والمكثفات والغاز السائل.
واكد لعيبي ان المشروع يمثل انتقاله نوعية في عملية استثمار الغاز وسينفذ على مرحلتين الاولى تنفيذ منشأة لتجفيف وضغط الغاز (۷۰ -۱۰۰ مليون قدم مكعبة قياسية يومياً) ،والمرحلة الاخرى يتم فيها إنجاز المشروع وبناء معمل جديد لسوائل الغاز بقدرة استيعابية تبلغ ۲۰۰ مليون قدم مكعبة قياسية يوميا.
واضاف لعيبي، ان المشروع يسهم في إيقاف حرق الغاز وهدره في حقلي الناصرية والغراف، فضلا عن توفير الغاز الجاف لاستعماله وقودا لمحطات توليد الطاقة الكهربائية والتقليل من استخدام الوقود الثقيل في تلك المحطات مما يساعد في تعزيز كفاءة إنتاج الكهرباء ويقلل من التلوث البيئي وضرره، وان المشروع سيقوم بإنتاج مئات آلاف الأطنان من سوائل الغاز سنوياً على شكل غاز البترول المسال والمكثفات وتصدير الفائض منه للأسواق العالمية التي ستعود بإيرادات كبيرة لرفد خزينة الدولة ، والاهم سيوفر فرص عمل للأيدي العاملة الوطنية في المحافظة في مرحلة التنفيذ والتشغيل فضلا عن انتاج الغاز السائل.
وضمن جهد الوزارة الوطني لزيادة الانتاج من المشتقات النفطية اعلن لعيبي، عن اعادة تشغيل مصفى حديثة بطاقة ( 10 ) الف برميل.
اذا اكد لعيبي ان العاملين في شركة مصافي الشمال ومصفى بيجي حيث تمكنوا من اعادة تشغيلهم، بعد توقفهم بسبب الاحداث الامنية وعمليات التخريب من قبل العصابات الارهابية في محافظة الانبار من اجل تعويض النقص في انتاج المشتقات النفطية، مؤكدا ان اعادة تشغيل المصفى حجر الاساس لاعادة اعمار المناطق المحررة من العصابات الارهابية (داعش) ، واثمرت جهود اعادة تشغيل المصفى توفير الوقود لمحطة كهرباء حديثة وتقديم الخدمات اللازمة لسكان المنطقة رغم الصعوبات التي تواجه مسار العمل بإعادة تشغيل بعض المنشآت النفطية وتأهيلها في المناطق التي حررت اخيرا.
واضاف لعيبي ان ملاكات الوزارة في شركة مصافي الشمال والشركات الاخرى تعمل حاليا بجهود كبيرة لاعادة تشغيل مصافي الصينية والسكك ووحدة صلاح الدين /1 في مصفى بيجي.
و يقوم الجهد الهندسي في الوزارة بأعمال اعادة تأهيلها للعمل خلال فترة قياسية واستئناف الانتاج فيها لتجهيز الوقود وتوفيره للمواطنين.
واوضح لعيبي، خطط الوزارة الاستراتيجية لزيادة الانتاج من المشتقات النفطية والتقليل من نسبة استيرادها ، من خلال طرح مشاريع استثمارية لانشاء خمسة مصاف في وسط وجنوب وشمال البلاد، وتأهيل واعمار حقل القيارة وتشغيل مصفى القيارة لتأمين حاجة المناطق المحيطة به من المنتجات النفطية ، وزيادة طاقته الانتاجية وتأهيل عدد من الابار المتضررة وتسعى الوزارة لاعادة اعمار كل الابار الاخرى النفطية وتوفير الوقود لمحطة كهرباء القيارة .
واشار لعيبي الى ان جهود الوزارة مستمرة في اعادة اعمار محطات تعبئة الوقود الحكومية في محافظة نينوى والمناطق المحررة ومنها مدن تلعفر والحويجة وتلبية احتياجات المواطنين والعوائل ومخيمات النازحين .
واكد الوزير، ان الوزارة حققت قفزات مهمة في انتاج النفط الخام ، والاستثمار الامثل للغاز وبنسبة عالية جدا مما كان عليه مضيفا انها تعمل على ابرام اتفاقات مع شركات عالمية لاستثمار الغاز ومن المؤمل ان يتوقف العراق عن حرق الغاز بمنتصف عام 2021 بما يحقق مردودات مالية تعظم الخزينة الاتحادية بأكثر من 6 مليارات دولار سنويا فضلا عن الاثر البيئي والصحي للمناطق المحيطة بالحقول النفطية.
واضاف لعيبي ان الشركة العراقية لخدمات النقل والتجارة النفطية باشرت تجهيز اول ناقلة نفط عالمية بالوقود التشغيلي (بنكر) بعد نصب منظومة تجهيز جديدة في المياه الاقليمية لتجهيز الناقلات بالوقود، و اصبحت المجهز الرئيسي للوقود التشغيلي (البنكر) لجميع البواخر وناقلات النفط والغاز التي تؤم الموانئ العراقية ، وهو يعد انجازا كبيرا يأتي بعد توقف دام 30 عاما .
وشدد لعيبي على التزام العراق باتفاق خفض الانتاج مع منظمة اوبك في مواجهة تحديات السوق النفطية والاجراءات المتخذة من قبلها لإعادة التوازن للأسواق العالمية وبما يدعم أسعار النفط .
تفعيل وتأكيد دور القطاع الخاص في الاستثمار ..
وقال خبراء اقتصاديون ان الحكومة العراقية ان الانتقال من الاقتصاد الريعي الى الإنتاجي، وتنويع الموارد، وتقليل نسبة الاعتماد على النفط من 95% بالمائة الى 85 % في عام 2017 من مجموع الايرادات.
ولكي يتحقق ذلك لابد ان يكون هناك دور واضح وبرنامج مرسوم لإشراك القطاع الخاص في ادارة الاقتصاد، ويأتي ذلك من خلال اعادة بناء الهيكل المؤسسي للقطاع الخاص، كي يسهم في صناعة القرارات الاقتصادية وفق نظرة شاملة لتحفيز القطاعات الإنتاجية كافة ومنها الزراعة والصناعة والتشييد (الاسكان والاعمار) والطاقة والخدمات والسياحة، وان تتبنى الحكومة وممثليات القطاع الخاص برامج ومساهمات واجراءات تنفيذية محسوبة ومدعومة ماديا وقانونيا، وان تشهد الاعوام المقبلة دورا مهما القطاع الخاص بتنمية المشاريع الاقتصادية.
ان الواقع الاقتصادي العراقي، يتطلب ايجاد الحلول بهدف بناء الارضية السليمة للانتقال إلى آليات اقتصاد السوق. ويتطلب تطوير تنفيذ استراتيجية القطاع الخاص قيام الحكومة والقطاع الخاص بكل مجالاته المصرفية والصناعية والزراعية والخدمية المشاركة والتعاون في تطبيق استراتيجية التطوير بالاتجاهات التي تحقق الاهداف المرحلية والمتوسطة والطويلة.
وهذا يعني إشراك القطاع الخاص بدور أكبر في صناعة القرار الاقتصادي وقيادة السوق بتهيئة بيئة تشريعية جديدة تستند في مرجعيتها إلى المادة (25) من الدستور الدائم والاستراتيجيات والقوانين الخاصة بالإصلاح الاقتصادي وتطوير القطاع الخاص بما يضمن تفعيله وقيادته للسوق مستقبلاً، وتوفير المناخ الاستثماري المناسب والمشجع لجذب رؤوس الاموال الوطنية والأجنبية وتشجيع تحقيق الشراكات والتعاون بين القطاع العام والخاص، والعمل على توفير مصادر تمويل اضافية للموازنة العامة للدولة باعتماد تنمية وتنويع الموارد باتجاه رفع نسبة الموارد الأخرى غير النفط في الناتج المحلي الإجمالي، والتعاون في ضمان تنفيذ الخطط المركزية في بناء بنى تحتية اساسية لتشجيع وتطوير القطاع الخاص في الصناعة والتجارة والزراعة والسياحة والثروات المعدنية والطاقة والخدمات ، وتشجيع المشاريع الصغرى والصغيرة والمتوسطة وتطويرها بما يحقق التنمية الشاملة والمستدامة .
كما على القطاع الخاص العمل على تفعيل التعاون مع الوزارات والمؤسسات المالية والاحصائية المعنية لبناء قاعدة معلومات مالية واحصائية ، واعطاء دور للمصارف المتخصصة والمصارف الخاصة لتوفير القروض الميسرة للقطاع الخاص الوطني وإيجاد حلول لمشاكل الضرائب والفوائد المتراكمة التي ترتبت على أصحاب المشاريع المتوقفة عن الإنتاج ووضع سياسة مالية قصيرة ومتوسطة الامد ، وتشجيع المصارف الخاصة للاستثمار في المشاريع الاقتصادية بما يعزز نسبة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي والإسراع بالتعديلات التشريعية لتحقيق هذا الهدف، والتركيز على معايير الجودة للمنتجات والخدمات المحلية والمستوردة حسب موصفات الصحة العالمية ولا نصبح سوقا لتصريف المنتجات الاجنبية الرديئة.
شذى خليل *
الوحدة الاقتصادية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية