صنعاء – قالت مصادر يمنية إن الرئيس السابق علي عبدالله صالح يسعى لاستخدام حزمة جديدة من أوراق القوة التي لازال يمتلكها من أجل خلق مساحات قوة له خارج العاصمة صنعاء التي باتت تحت سيطرة الحوثيين بالكامل، مشيرة إلى أنه التقى قيادات قبلية حليفة وأبلغهم بأنه يحتاج إلى موقف موحد للضغط على المتمردين وكسر الحصار من حوله ومن حول قيادات مقرّبة منه، وإثبات أنه ما يزال يمتلك أوراق قوة.
واعتبرت المصادر أن المواجهات، التي شهدتها محافظات البيضاء (وسط اليمن)، بين كبرى قبائل المحافظة والميليشيات الحوثية قد تكون بداية لمواجهات ستتكرّر في محافظات أخرى بين قبائل موالية لصالح والحوثيين، في ظل رغبة الرئيس السابق في استعادة حالة التوازن داخل معسكر الانقلاب التي اختلت في الآونة الأخيرة لصالح الجماعة الحوثية.
وأكدت مصادر خاصة لـ”العرب” أن صالح ومن خلال القيادي البارز في حزب المؤتمر ياسر العواضي أراد إيصال رسالة للحوثيين بأنه لا زال يمتلك العديد من أوراق الضغط التي يمكن أن تقوّض نفوذهم في الكثير من المناطق، وأنه لولا وزنه لدى القبائل لما قبلت بسيطرة الحوثيين على مناطقها ولا تعاملت معهم.
ويتخوف الحوثيون من المحافظات التي يحظى فيها صالح بنفوذ قبلي وشعبي مثل إب وذمار والحديدة والتي يمكن أن تشهد تكرارا لسيناريو ما حدث في البيضاء من طرد مفاجئ لميليشيات الحوثي من مديرية “ردمان” وهو ما أعقبه اندلاع مواجهات مسلحة انتهت بعقد اتفاق يقضي بإنهاء الوجود الحوثي في المديرية واستبداله بقيادات من أبناء المنطقة.
وشهدت منطقة “ردمان” في محافظة البيضاء الجمعة حدوث اشتباكات بين قبائل “آل عواض” والميليشيا الحوثية، على خلفية قضية مقتل أحد أبناء القبيلة على يد مسلح حوثي، وهو ما تطوّر وفقا لمصادر محلية إلى قيام أبناء القبيلة بطرد ثلاث نقاط عسكرية تتبع الحوثي في مديريتهم. وتوسعت عقب ذلك دائرة الاشتباكات بين المسلحين القبليين وميليشيا الحوثي لتسفر عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف الحوثيين وسيطرة أبناء القبيلة على المواقع الاستراتيجية في المديرية.
واعتبر الباحث السياسي والأمني اليمني محمد الولص بحيبح في تصريح لـ”العرب” إلى أن ما يحدث حاليا في “ردمان” هو انعكاس للاحتقان السياسي والعسكري بين علي عبدالله صالح والحوثيين، حيث أن المنطقة تعرف بولائها لحزب صالح (المؤتمر الشعبي)، كما أن شيخها ياسر العواضي أحد أبرز أذرع صالح في الفترة الراهنة.
ورجح بحيبح أن تتحول هذه الحادثة إلى بداية حرب بالوكالة بين الرئيس السابق والحوثيين، بحيث تكون مواجهات آل عواض هي الشرارة الأولى للصراع المفتوح بين الموالين لصالح وبين ميليشيا الحوثي.
وسبق هذه الاشتباكات بأسبوع تقريبا قيام قبيلة “همدان” في صنعاء بطرد المشرف الحوثي، وهو تصرف يؤكد بداية التمرد على الحوثي من بعض قبائل طوق صنعاء، وهو ما يقف وراء حالة الاستنفار العسكري والأمني لميليشيات الحوثي في صنعاء وطوقها.
وكشف بحيبح عن حصوله على معلومات من داخل العاصمة صنعاء تؤكد وضع الشيخ القبلي ياسر العواضي الذي يشغل منصب الأمين العام المساعد في حزب المؤتمر تحت إقامة جبرية غير معلنة، وأنه تمت إحاطة منزله بحراسة حوثية تحسبا لهروبه إلى البيضاء، وهو الأمر ذاته الذي تكرّر مع عارف الزوكا الأمين العام لحزب المؤتمر الذي ينتمي لمحافظة شبوة المجاورة.
ولجأ الرئيس السابق إلى تغيير استراتيجيته ضد الحوثيين الذين باشروا بفكّ الارتباط معه ومع حزبه، وتولّوا السيطرة على المواقع الحكومية وطرد أنصار صالح منها، فضلا عن اعتقال قيادات بارزة مقرّبة منه.
وترافقت مظاهر التصعيد الحوثي بحق قيادات في حزب المؤتمر (جناح صالح) مع حملة اعتقالات واسعة استهدفت عددا من الناشطين والإعلاميين في الحزب من بين المناهضين لميليشيا الحوثي والمطالبين بفك الارتباط بين المؤتمر و”أنصار الله”.
العرب اللندنية