بحسب معلومات استخباراتية حصل عليها مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية حطت في مطار بغداد طائراتA-10 الامريكية، التي دخلت الخدمة منذ عام 1972 ابان حرب فيتنام، واشتركت في العديد من الحروب كعاصفة الصحراء وحرب كوسوفو, وحرب أفغانستان, وحرب احتلال العراق.
وتقوم القاذفة بمهمة الاسناد القتالي للقوات الارضية، وتعمل كطائرة ارشاد متقدمة داخل خطوط للعدو لتلقين الموجات الجوية المقبلة الى منطقة القتل بمعلومات واحداثيات الاهداف المعادية واماكن الاهداف التي دمرت، فضلا عن تحديد اماكن القوات التابعة لها. اما المهمة الثانوية التي قد تقوم بها هذه القاذفة فتتعلق بالبحث وانقاذ فرق العمليات الخاصة التي تعمل خلف خطوط العدو.
وقد صنعت خصيصا من أجل القوات الجوية الأمريكية لتزويد القوات البرية بالدعم الجوي القريب عن طريق مهاجمة الدبابات والمدرعات والاهداف الأرضية المعادية الاخرى، ولكنها تمتلك قدرة منخفضة على الاشتباك الجوي. حيث نجحت هذه الطائرة أثناء حرب الخليج الثانية في تدمير الالاف من الاهداف الأرضية العراقية منها حوالي 950 دبابة، ومثلها من المدافع، وأكثر من ألف شاحنة عراقية. حيث شاركت 144 طائرة إيه – 10 ثاندر بولت الثانية بثلث طلعات القوات الجوية الأميركية وأطلقت 90 % من مجموع القنابل الذكية المستخدمة في الحرب.
النسخة المطورة من القاذفة
تم تطوير نسخة حديثة من طائرةA-10 ثاندربولت الثانية، التي تتمتع بالعديد من المزايا التي تمكنها من البقاء طويلا وسط المعارك، وقمرة القيادة فيها مدرعة بدرع مطلي بمادة التيتانيوم، وفيها نظم التحكم بالطيران، وخزانات الوقود المفصولة، ولها القدرة على العودة للقاعدة حتى بعد اصابتها، وتوصف بأنها طائرات مخيفة ومدرعة ضد الصواريخ والقذائف وتستطيع الانخفاض الى 50 قدما من أهدافها الأرضية.
ويشار الى أن طائرات A-10 كانت مصممة أصلا لتدمير أسراب الدبابات الروسية، لذا سميت بـ”قاتلة الدبابات” او “الخنزير البري” وهي تعمل بمحركين ويقودها طيار واحد، ويطلق على مدفعها تسمية “القاتل الجماعي” إذ بامكانه اطلاق 4200 طلقة من 7 فوهات بكل دورة بالدقيقة، وتحمل عددا كبيرا من الصواريخ والقنابل من فئة 500 رطل، ما يجعلها الأكثر قدرة على التصفية الجسدية الجماعية، ويمكن لطيارها قصف الأهداف الأرضية التي يراها بالعين المجردة، كونها تحلق على ارتفاع اقل من 1000 قدم لفترات طويلة من الزمن، وبمقدورها تنفيذ مهامها ليلا لانها مزودة بنظام الرؤية الليلية. وتستطيع إصابة هدفها عن بعد 800 ميل إصابة دقيقة 100%, ويبلغ عدد الطائرات في الخدمة 707 طائرة، ولا يوجد هذا النوع من الطائرات في أي دولة أخرى عدا الولايات المتحدة الامريكية.
البنتاغون يقرر ارسال قاذفات A-10 لقتال “داعش”
وتفيد التقارير الصحفية ان الولايات المتحدة نشرت، سربا من 10 طائرات طراز A-10 في العراق لمقاتلة تنظيم “داعش” والتي يعتقد انها تحمل ذخيرة من مادة اليورانيوم المنضب المثيرة للجدل. ما يعني اعترافا عراقيا بعدم القدرة على طرد هذا التنظيم دون الاستعانة بالتحالف الدولي، فمعارك تكريت كشفت الحاجة لإسناد الطيران الامريكي للقوات العراقية، بعد أن عجزت هي ومليشيا الحشد الشعبي عن دخول المدينة بعد أكثر 46 يوما .
ومن وجهة نظر غربية, فان هذا الحضور الامريكي من شأنه ان يقوي من مكانة رئيس الوزراء العبادي، الذي لا يمتلك سلطة نافذة على مؤسسات الأمن، التي يسيطر عليها خصومه السياسيون، الداعمون للميليشيات. وهذا ما يساعد في تقليل المقاومة التي تجابه سياساته في البرلمان، خصوصا من الفصائل الشيعية المتشددة المدعومة من إيران، والتي تعارض جهوده للتواصل مع العرب السنة وإعادتهم إلى الحياة السياسية. ومن ناحية اخرى ما لم يحصل العبادي على الدعم السياسي والتحفيز من الولايات المتحدة فإن صعود أدوار الميليشيات التي تقاتل تنظيم “داعش” بتوجيه من إيران على المستويات السياسية والامنية سيكون صارخا، ما يعزز الانقسامات داخل المجتمع العراقي ويلغي أي طموح بإعادة إنشاء دولة عراقية تمثل جميع العراقيين.
وبعبارة اخرى فان الولايات المتحدة الامريكية التي دعمت ترشيح العبادي لمنصب رئيس الوزراء، تسعى لإعادة التوازن في النفوذ بينها وبين إيران في العراق، بعد أن جعل نوري المالكي من طهران المتحكم الاول بالبلاد، واسهم في إشعال الحرب الأهلية الطائفية، ما مكن إيران من تنفيذ أجندتها في العراق والسيطرة عليه عسكريا ودينيا وسياسيا، وبات التدخل الايراني بميليشياته في هذا البلد مقلقا للإدارة الامريكية، حيث تجلى في معركة تكريت اشرافا ومشاركة بقيادة قاسم سليماني وجنرالاته.
وبحسب مقال افتتاحي في صحيفة الغارديان تحت عنوان “إيران والولايات المتحدة لديهما مصالح مشتركة في العراق: فهل يتعاونان معاعلى نطاق أوسع؟ فالعراق بالنسبة للأمريكيين يمثل المنزل الذي شيدوه ولكن بشكل غير جيد، ثم وضعت ايران يدها عليه وسيطرت على نصفه، إلا أنها لم تكن سيطرة شاملة. ما يتطلب من الادارة الامريكية عدم السماح بضياع المجهود الذي بذلته في العراق، اضافة الى ما يترتب على ذلك من عواقب وخيمة على المنطقة بأكملها.
والملاحظ ان الولايات المتحدة رغم احتلالها للعراق، تفتقر لأدوات دبلوماسية وسياسية واقتصادية للتأثير في اتجاهاته السياسية والاقتصادية والاستراتيجية، وكثيرا ما ظهرت واشنطن مثل عابر طريق أمام الأحداث المتسارعة في بغداد، لذا فان الولايات المتحدة لن تكون قادرة على إملاء سياستها أو السيطرة على الأحداث دون استراتيجية فعالة ومستديمة في العراق على الخصوص والمنطقة عموما ومن بينها مقاربة عسكرية تضمن مصالحها.
وبالرغم مما تقدم, يبدو ثمة توافق أمريكي ايراني على حصر الدور الأمريكي نفسه في غارات جوية على العراق وسوريا، وترك وطأة الحرب البرية لقوات الحرس الثوري الإيراني، كنوع من تقسيم العمل، فالولايات المتحدة لا تشارك بقوات عسكرية أرضية في المعركة، باستثناء مستشارين أمريكيين وضربات جوية، وهو ما يفسر وجود هذه القاذفات المرعبة، التي سيصار الى استخدامها في المعارك المقبلة.
ومن زاوية اخرى فان وجود هذه القاذفات في مطار بغداد يهدف الى بث رسائل عسكرية وسياسية عديدة، يراد في احد جوانبها طمأنة حلفائها من العرب والغربيين، واضفاء مزيد من المكانة والقوة على طاقمها الدبلوماسي العامل في بغداد، الذي يهرول له الساسة العراقيون طلبا للمساعدة والمشورة. وليس استخدامها في طلعات ضد “داعش” الا دلالة على تطور حرب التحالف ضد التنظيم، للإسراع في استئصاله ودفعه باتجاه سوريا، وتقديم دعم للقوات العراقية، التي اصابتها هزيمة الموصل بمثلبة تاريخية ووطنية، تتحمل الولايات المتحدة الامريكية الجزء الاكبر منها.
ولكن ما يزال هناك ارهاب آخر طليق، وجد شرعية حكومية، وصمتا امريكيا، ودعما إيرانيا.. وسيكون اكثر دهاء وحرفية في ضرب المصالح الامريكية في العراق، والمنطقة!!
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية