تشهد المدن الايرانية تظاهرات واسعة تمثل صوت الشعوب الايرانية المقهورة نتيجة الظلم والتعسف الذي تعيشه والسياسة الخاطئة التي ينتهجها النظام السياسي في طهران في تعامله وسلوكه مع القوميات والاقليات وسوء التصرف والادارة وانتشار الفساد السياسي والاقتصادي وهدر عائديات الثروة الخاصة بالشعوب الايرانية لأهواء ونزوات النظام ومشروعه التوسعي في التمدد والنفوذ داخل الاقطار العربية ومنطقة الشرق الاوسط وحلمه في أن يلعب دورا إقليميا يهدد أمن وسلامة الدول والاقطار العربية المحيطة به من خلال تدخله في الشؤون الداخلية لهذه الدول وتهديد أمنها الداخلي والقومي .
الشعوب الايرانية أصبحت رافضة لهذه السياسات الداخلية والخارجية لأنها بدأت تعاني وطأتها التي انعكست سلبيا على حياتها ومعيشتها متمثلة في ارتفاع الاسعار وزيادة البطالة وانتشار الفساد الاجتماعي وضياع ثروات البلاد لنزوات وأهداف يسعى اليها القائمون على الحكم في ايران .
لهذه الاسباب كانت ردود الافعال كبيرة وشهد الدور الريادي لشباب ايران في التحرك بقيادة هذه التظاهرات والاحتجاجات والدعم والاسناد الشعبي المتمثل بمنظمات المجتمع المدني وقيادات الاحزاب السياسية الليبرالية والجمعيات الثقافية ذات الطابع الثقافي الانساني والتي ساندت التظاهرات وفق خطط منهجية للانتقال بها من الاحتجاج على رفع اسعار المواد الغذائية والتموينية واسعار الوقود الى احتجاجات تنادي وتطالب بتغيير النظام السياسي والرحيل وترك الحكم للارادة الشعبية وليقول الشعب من ابناء الشعوب الايرانية كلمته المتحدة ضد الظلم والتعسف الذي عاشته ايران طيلة العقود الاربعة الماضية .
ان الدوافع الاساسية والاهداف الميدانية للتظاهرات الشعبية في ايران تتحدد في الوقائع والدلائل الاتية :
1.سوء الاوضاع الاقتصادية وتدهورها وانعدام الخطط التنموية في قيادة عملية التقدم الاقتصادي في ايران وعدم وجود سياسة اقتصادية فعالة لانتشال الاقتصاد الايراني من كبوته خاصة بعد العقوبات التي فرضت على ايران بسبب برنامجها النووي الذي بدأت تهدد به جيرانها والدول العربية وأصبح يشكل خطرا على الامن والسلم العربي والعالمي .
2.لا يزال الاقتصاد الايراني أحادي الجانب يعتمد بشكل اساس على صادرات النفط والغاز وعوائدهما المالية وهذا ما يجعل الرؤية الاقتصادية الايرانية تفتقد الى عمق استراتيجي مهم للبنية الاقتصادية وبشكل علمي يبتعد عن التأسيس لمشاريع وتشريعات اقتصادية عالية الجودة .
3.انتقاد السياسة الايرانية الخارجية التي حملت الميزانية المالية أعباء كثيرة بسبب الدفوعات والمصروفات المالية المخصصة للمشروع الايراني التوسعي والاستحقاقات المالية التي دفعتها ايران في سورية للحفاظ على النظام السياسي في دمشق ودعم واسناد المليشيات المسلحة التي تقاتل داخل الاراضي السورية دفاعا عن أهداف وطموحات المشروع الايراني واسنادا لحليف استراتيجي مهم هو النظام السوري وكذلك الحال في استمرار الدعم المالي والتسليحي لكتائب وفصائل حزب الله في جنوب لبنان وباقي المدن والاقطار التي تشكل اهتماما بارزا للسياسة الخارجية لطهران .
4.تشعر الشعوب الايرانية أنها الاولى بالدعم وتقديم الخدمات وتطوير الحياة الاقتصادية والمعاشية لها داخل ايران والاهتمام بها ورعايتها وتوفير فرص العمل لأبنائها وانشاء المشاريع الاقتصادية الفعالة التي تسهم في تعزيز مستقبل الشباب وانهاء مشكلة البطالة بعيدا عن الاهداف السياسة للنظام الايراني في دمشق وبيروت وغزة صنعاء وباقي الاقطار الاخرى لأن الشعوب الإيرانية ترى نفسها أحق بهذه الاموال من باقي الشعوب والامم .
5.انتشار رقعة التظاهرات لتمتد لجميع المحافظات الايرانية واشترك فيها جميع أبناء الشعوب الايرانية من مختلف قومياتهم وانتماءاتهم الدينية والعرقية فشهدت الاحتجاجات موجات كبيرة في وسط طهران ومدينة مشهد التي تمثل ثاني المدن الايرانية من ناحية الكثافة السكانية ومدينة كرمنشاه ذات الاغلبية الكردية والاحواز العربية ومدن اراك وشيراز والمحمرة وباقي المحافظات الاخرى ،هذا التنوع يشير الى أن عموم الشعوب الايرانية رافضة لسياسة النظام الحاكم .
6.رفعت شعارات في بداية التظاهرات تندد بسوء الحالة الاقتصادية ولكنها ما لبثت أن فاجأت القيادات الدينية في ايران حيث ردد المتظاهرون شعارات ضد المرشد الاعلى علي خامنئي بل بدأوا بحرق صورة وترديد شعارات (الموت لروحاني وخامنئي) والسقوط للدكتاتور خامنئي ،وهي شعارات تنم عن امتعاض واستياء ورفض للسلطة الدينية في ايران .
7.شرعت قيادات الحرس الثوري الايراني بتهديد المتظاهرين وتحذيرهم من الاستمرار بتظاهراتهم وانها ستستخدم جميع الوسائل في قمع المتظاهرين والقاء القبض على قياداتها كونها بدأت تشكل خطرا جسيما على النظام ومؤسساته العسكرية والامنية وتهدد سلامة وبقاء السلطتين الدينية والسياسية وباعتبار ان قيادة الحرس الثوري تشكل الذراع المهمة التي يعتمد عليها علي خامنئي في قيادة الدولة وادارة شؤونها السياسية والامنية والعسكرية وتنفيذ المشروع الايراني التوسعي .
8.الافلاس العلني لعدد من كبريات الشركات والمؤسسات الاقتصادية الايرانية واعلان فشلها في ادارة مشاريعها وخسارتها لجميع أموالها واستثماراتها مما أدى الى ضياع أموال الالاف من المستثمرين وتسريح 27 ألف شخص من العمل مما زاد في المعاناة الاقتصادية لابناء الشعوب الايرانية وتردي أوضاعها الاقتصادية وانتشار البطالة .
وحدة الدراسات الايرانية