شن الطيران الروسي غارات ليلية بالفوسفور الحارق على بلدتي النقير وترملا في ريف إدلب الجنوبي شمال سوريا بحسب مصادر المعارضة، وبينما تتواصل عمليات التهجير في الغوطة الشرقية بعث فصيل “جيش الإسلام” برسالة إلى دول مجلس الأمن يبلغهم فيها بمبادرة قدمها إلى الجانب الروسي لتسوية الوضع بمدينة دوما التي يسيطر عليها بريف دمشق.
ونقل مراسل الجزيرة في سوريا عن مصادر في المعارضة المسلحة أن الغارات على ريف إدلب تسببت باشتعال حرائق كبيرة، وأن أطراف بلدة كفرنبل شهدت قصفا روسيا بقنابل فراغية دون ورود أنباء عن خسائر بشرية.
كما شهدت مناطق أخرى من ريف إدلب غارات جوية وقصفا بالصواريخ رغم شمول هذه المناطق باتفاق خفض التصعيد، ويتزامن ذلك مع وصول المهجرين من الغوطة الشرقية للمحافظة.
وتشهد مدن وبلدات ريف إدلب حالة استنفار كاملة للمجالس المحلية والمسؤولين بالمؤسسات الإنسانية، لتأمين مساكن مؤقتة ودائمة للمدنيين القادمين من الغوطة الشرقية ضمن المدن والقرى والبلدات، مع السعي لتأمين مستلزماتهم الأساسية، في وقت يخاف المدنيون من ارتكاب مجازر جديدة مع اكتظاظ المدن والبلدات بآلاف المهجرين الوافدين من الغوطة الشرقية حديثا.
وشهد يوم أمس انطلاق أكبر قافلة مهجرين من المدنيين ومقاتلي المعارضة السورية المسلحة وعائلاتهم من غوطة دمشق متوجهة إلى مناطق سيطرة المعارضة في إدلب، في رحلة شاقة تستغرق ساعات طويلة على خطى قافلتين سبقتاها وأخرى ستليها.
وتضم الدفعة الثالثة من المهجرين -حسب شبكة شام- 105 حافلات تقل زهاء سبعة آلاف شخص بينهم 1620 مقاتلا من المعارضة المسلحة، وحسب المصدر نفسه ترافق القافلة ست سيارات إسعاف.
وبخصوص ضحايا الغوطة الشرقية، قال الدفاع المدني السوري في ريف دمشق إنه وثق مقتل 1433 مدنيا وإصابة 3607 آخرين في القصف الروسي ومن النظام على مدن وبلدات الغوطة الشرقية منذ 19 فبراير/شباط الماضي وحتى 23 مارس/آذار الجاري، وأن بين القتلى ثلاثمئة طفل و223 امرأة.
وبعد انتهاء عملية الإجلاء من جنوب الغوطة الشرقية، ستصبح دوما كبرى مدن الغوطة الشرقية المعقل الأخير للفصائل المعارضة قرب دمشق، وتحديدا “جيش الإسلام” الذي يجري مفاوضات مع روسيا لم تصل إلى نتائج. ويشعر سكان المدينة -الذين يقدر المجلس المحلي عددهم بمئتي ألف شخص بين سكان ونازحين- بالقلق مع تهديد قوات النظام بشن هجوم واسع على المدينة إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق.
مصير مجهول
وتجري منذ أيام مفاوضات مباشرة حول مصير مدينة دوما بين روسيا وفصيل “جيش الإسلام”. وكانت المفاوضات تتركز أساسا على تحويل دوما إلى منطقة “مصالحة” يبقى فيها “جيش الإسلام” وتعود إليها مؤسسات الدولة من دون دخول قوات النظام، ويتم الاكتفاء بنشر شرطة عسكرية روسية.
ويبدو أن المفاوضات تواجه عراقيل عدة، وقد هددت دمشق وحليفتها موسكو بشن عملية عسكرية ضد دوما ما لم يوافق “جيش الإسلام” على الخروج منها.
وقال مصدر معارض مطلع على المفاوضات بدوما لوكالة الصحافة الفرنسية “في آخر اجتماع لهم الاثنين، خيّر الروس (جيش الإسلام) بين الاستسلام أو الهجوم”. وجرى منح الفصيل المعارض مهلة أيام قليلة للرد. وفي المقابل، أكد المتحدث بالعسكري باسم “جيش الإسلام” حمزة بيرقدار لنفس الوكالة “قرارنا قدمناه وهو البقاء” مشيراً إلى اجتماع سيعقد اليوم بين الروس واللجنة المعنية بالمفاوضات.
وفي هذا السياق، بعث “جيش الإسلام” برسالة إلى دول مجلس الأمن -حصلت الجزيرة على نسخة منها- يبلغهم فيها بمبادرة كان قد قدمها الفصيل إلى الجانب الروسي كحل لتردي الأوضاع في الغوطة الشرقية بريف دمشق.
ووفقا للرسالة، فإن الجانب الروسي يرفض هذه المبادرة التي تضمنت وقفا فوريا لإطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية، وإدارة الأمن في دوما بالتنسيق المباشر بين “جيش الإسلام” والقوات الروسية والشرطة المحلية. كما تضمنت إدخال المؤسسات التابعة للحكومة السورية في دوما، وتشكيل لجنة أهلية محلية للتنسيق مع الحكومة السورية تحت إشراف مكتب الأمم المتحدة في دمشق.
وشددت المبادرة على وضع الغوطة الشرقية تحت الحماية الروسية خلال المرحلة الانتقالية، وأشارت إلى ضرورة توقيع الاتفاق بحضور الدول الضامنة وبإشراف الأمم المتحدة.
في المقابل، ذكرت مصادر للجزيرة أن الجانب الروسي عرض على فصائل المعارضة المسلحة جنوب دمشق خيار البقاء لمن يرغب من المقاتلين بعد تسوية أوضاعهم.
وأضاف المصادر أن اجتماعا بين الروس والمعارضة المسلحة عقد بحاجز الرهونجي في مناطق سيطرة النظام بدعوة من الجانب الروسي لحسم ملف بلدات يلدا وبيبلا وبيت سحم التي تشهد هدنة مع قوات النظام منذ سنوات. وكشفت أن لقاءً آخر سيُعقد بداية الأسبوع القادم بعد طلب المعارضة مهلة للتشاور فيما بينها ومع أطراف أخرى.
المصدر : الجزيرة + وكالات