يشارك في الانتخابات البرلمانية المقبلة في تركيا طيف واسع من الأحزاب السياسية التي تحمل توجهات مختلفة تمتد من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، ومنها ما هو تاريخي ومتأصل في الحياة السياسية التركية وأحزاب أخرى ظهرت على الساحة السياسية التركية حديثاً.
وفي الوقت الذي تم الإعلان فيه رسمياً عن قائمة الأحزاب التي يحق لها المشاركة في الانتخابات البرلمانية، ما زالت قائمة المرشحين إلى الانتخابات الرئاسية لم تكتمل بعد، وما زالت تتجه الأنظار بالدرجة الأولى لمعرفة المرشح المتوقع لحزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة التركية والمفترض أن يكون أقوى المنافسين للرئيس رجب طيب أردوغان.
وأمس الاثنين، أعلن رئيس اللجنة العليا للانتخابات التركية سعدي غوفن، أنّ اللجنة اتخذت كافة التدابير من أجل ضمان أمن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي قرر أردوغان إجرائها بشكل مبكر في الرابع والعشرين من حزيران/ يونيو المقبل.
وبموجب الجدول الزمني الرسمي للانتخابات، يبدأ تقديم طلبات الترشح للانتخابات الرئاسية اليوم الثلاثاء، وينتهي في السادس من الشهر الحالي، حيث يتوقع أن يعلن عن اللائحة النهائية للمرشحين للانتخابات الرئاسية في العاشر من الشهر الحالي، فيما تستمر أعمال الترشح للانتخابات البرلمانية حتى الـ21 من الشهر ذاته.
أحزاب «تحالف الشعب»
قبيل الإعلان عن الانتخابات المبكرة في تركيا بأسابيع أقر البرلمان التركي تعديلاً دستورياً يسمح للأحزاب بتشكيل تحالفات انتخابية وخوض الانتخابات بشكل مشترك، ومباشرة عقب إتمام هذه التعديلات، جرى تشكل تحالف انتخابي بين حزبي العدالة والتنمية الحاكم والحرة القومية المؤيد للحكومة تحت اسم «تحالف الشعب» الذي أعلن حزب الاتحاد الكبير تأييده دون الانضمام إليه بشكل مباشر.
حزب العدالة والتنمية الحاكم: (AKP)تأسس عام 2001 على يد أردوغان وعدد من رفاقه أبرزهم عبد الله غًل عقب انشقاقهم عن حزب الرفاه، وهو حزب إسلامي محافظ يلتزم بعلمانية البلاد، وتمكن من كسب جميع الانتخابات المحلية والبرلمانية والرئاسية التي شهدتها البلاد طوال الـ16 عاماً الماضية ويتفرد بحكم تركيا منذ ذلك الوقت، ويمتلك حالياً الأغلبية الساحقة من مقاعد البرلمان بـ315 مقعداً. حزب الحركة القومية :(MHP) تأسس عام 1969م، من قبل «ألب أرسلان توركش»، بعد تغيير اسم الحزب القديم الذي كان يسمى بحزب «القرويين الجمهوري»، وهو حزب قومي يميني محافظ، يركز على التوجهات القومية التركية، ويتصدر الأحزاب الداعية لتوسيع الحرب على المتمردين الأكراد ويرفض التسوية السياسية معهم، تراجعت شعبيته قليلاً في السنوات الأخيرة عقب انشقاق عدد من نواب الحزب، ويمتلك حالياً 36 مقعداً في البرلمان الحالي. حزب الاتحاد الكبير (BBP) : هو حزب سياسي قومي يميني محافظ، تأسس عام 1993، يعتبر أحد أقرب الأحزاب للحركة القومية وبات مقرباً من الحزب الحاكم، واعلن رئيسه مصطفى دستجي دعمه لتحالف «الشعب» مؤكداً أن مرشح الحزب للانتخابات الرئاسية هو أردوغان، لكن الحزب لا يملك مقاعد في البرلمان ويمتلك شعبية محدودة في الشارع التركي.
أحزاب المعارضة
يتصدر أحزاب المعارضة حزب الشعب الجمهوري أقدم الأحزاب التركية، إلى جانب حزب الشعوب الديمقراطي الكردي وحزب «الجيد» الذي تشكل مؤخراً، وعلى الرغم من ان هذه الأحزاب فشلت حتى الآن في تشكيل تحالف انتخابي للانتخابات البرلمانية أو الاتفاق على مرشح موحد للانتخابات الرئاسية، إلا أنها ما زالت تأمل في التوحد خلف المرشح الذي يمكن أن ينتقل لجولة ثانية مع أردوغان.
حزب الشعب الجمهوري (CHP): تأسس من قبل «مصطفى كمال أتاتورك» عام 1923م، مؤسس الجمهورية عام 1923م، ثم تحول لحزب معارض، في مواجهة العدالة والتنمية منذ 2002، وهو حزب برلماني علماني يمتلك ثاني أكبر عدد من الأصوات بعد الحزب الحاكم وهو بالتالي أكبر أحزاب المعارضة، ويرأسه حالياً كمال كليتشدار أوغلو.
حزب الشعوب الديمقراطي (HDP) : تأسس عام 2008، ليحل محل حزب العمل الشعبي، الذي أسسه بعض الناشطين اليساريين الأكراد عام 1990م، وهو الحزب الأكبر الممثل للأكراد في البلاد، يقبع زعيمه السابق في السجن حالياً بتهم تتعلق بالإرهاب وتنظيم «بي كا كا»، ويمتلك الحزب ثالث أكبر عدد من المقاعد في البرلمان رفض انخفاض عددها من 59 إلى 49 بعد إسقاط عضوية البرلمان عن 10من نوابه اتهموا بدعم الإرهاب.
الحزب الجيد (İyi Parti): وهو حزب قومي علماني أسسته ميرال أكشينار العام الماضي عقب انشقاقها عن حزب الحركة القومية حيث تتخذ موقفاً مناوئا لأردوغان عكس رئيس حزبها السابق دولت بهتشيلي، وتمتلك حالياً 5 مقاعد في البرلمان ويتوقع ان يحصد الحزب نسبة أكبر في الانتخابات المقبلة التي تعتبر الأولى في تاريخ الحزب الجديد. حزب السعادة (SP): حزب سياسي تركي، منبثق من حزب الفضيلة الإسلامي الذي حلته السلطات التركية، وهو يسير على منهج زعيمه الروحي نجم الدين أربكان وقد فشل في دخول البرلمان في انتخابات 2015، واقترب مؤخراً بشكل أكبر من المعارضة التركية وجهودها الحثيثة لإنهاء حكم أردوغان.
وإلى جانب الأحزاب الـ7 المؤثرة السابقة، تشارك 4 أحزاب أخرى أقل تأثيراً في الانتخابات المقبلة وهي أحزاب «تركيا المستقلة» و»الشعب الديمقراطي» و»السعادة» و»الوطن»، و»الدعوة الحرة»
مرشحو الانتخابات الرئاسية
يتصدر مرشحو الانتخابات الرئاسية زعيم حزب العدالة والتنمية الرئيس رجب طيب أردوغان الذي أعلن عنه بشكل مبكر مرشحاً عن «تحالف الشعب» بين العدالة والتنمية والحركة القومية، فيما اعلن حزب الاتحاد الكبير دعمه لأردوغان أيضاً، وما زالت الاستطلاعات تعطي أردوغان أكثر من 50% من أصوات الناخبين.
فالمقابل، وعقب فشل المعارضة التركية في التوافق على مرشح واحد لا سيما عبد الله غًل الذي جرى تداول اسمه كأقوى خيار في هذا الإطار، بدأت هذه الأحزاب بالعمل على تقديم مرشحين لها للانتخابات الرئاسية.
وبينما أعلن حزب «الجيد» أن زعيمته ستكون مرشحة الحزب للانتخابات الرئاسية المبكرة، لم يبد حزب الشعوب الديمقراطي الكردي أي حراك حتى الآن لتقديم مرشح له للانتخابات الرئاسية، وسط تكهنات بأن الحزب ربما يمتنع عن تقديم مرشح له ويكتفي بخوض الانتخابات البرلمانية.
لكن أكبر أحزاب المعارضة ما زال يجري مباحثات واسعة ويجد صعوبة بالغة في اختيار مرشحه عقب امتناع رئيس الحزب كمال كليتشدار أوغلو عن الترشح، حيث يتم تداول عدد من أسماء قيادات للحزب بقوة أبرزهم محرم إنجي ويلماز بيكوك أرشان وأوزغور أوزال، على أن يحسم خياره خلال الأيام المقبلة. وبينما تنعدم فرص أي من مرشحي المعارضة في حسم الانتخابات من الجولة الأولى، ينصب اهتمام المعارضة التي فشلت في التوجه حتى الآن على تشتيت الأصوات لإجبار أردوغان على خوض جولة ثانية من الانتخابات الرئاسية ومحاولة التوحد خلف المرشح الذي ينتقل لهذه الجولة إن جرى ذلك- على امل إنجاحه في مهمته الصعبة امام أردوغان الذي ما زال الأقوى شعبيةً في الشارع التركي.
إسماعيل جمال
صحيفة العريي الجديد