تمر هذا العام الذكرى الخمسون لأحداث “مايو 68” الاجتماعية والثقافية التي عرفتها باريس وشكلت تغيراً كبيراً بل ثورة في حقوق الفرد والشباب الطلابي والعمال والفلاحين، وانعكست على أوروبا كلها بل والعالم وأثرت على كل عقد السبعينيات، وكانت سبباً في أن كل جوانب الحياة الاجتماعية والثقافية تعرضت للمساءلة وإعادة النظر، وكانت أحداث 68 هي آخر مرة استخدمت فيها كلمة ثورة في أوروبا بمعنى إيجابي، وبعد ذلك أصبحت مرتبطة بالمرحلة الستالينية في روسيا والنظام في الصين والخمير الحمر في كمبوديا وفقدت المعنى الذي حملته في 68، والتي كانت تدعو إلى الاعتراف بالحقوق الثقافية والحريات للجميع.
وبحلول الربيع العربي عام 2011، عادت القوة الإيجابية للكلمة، وأعلنت كلمة “ثورة” عن نفسها بوصفها كلمة قريبة من تطلعات الشعوب نحو مزيد من الحرية الفردية والجماعية والعدالة.
ووفقاً لـ “إعلان فرايبورغ” الذي يتعلق بالحقوق الثقافية وأصدرته يونسكو فإن الثقافة تشير إلى “القيم والمعتقدات والمعتقدات واللغات والمعارف والفنون والتقاليد والمؤسسات وأنماط الحياة التي يعبّر بها الشخص أو المجموعة عن الإنسانية والوسائل التي تقدمها الوجود وتطوره”، وفي ضوء هذا التعريف الشامل ينطلق ملتقى “الحقوق الثقافية من مايو 68 إلى الربيع العربي” الذي يقام في تونس بين 11 و12 من الشهر الجاري بتنظيم من عدة جهات وجمعيات ثقافية مستقلة.
الافتتاح سيكون الجمعة مع ندوة تتناول سؤال: ماذا تعلمنا من أحداث أيار/ مايو والربيع العربي حول تطبيق وممارسة الحقوق الثقافية؟
كما يُعرض فيلم “إنها مجرد بداية” للفرنسي ميشيل أندريو، وهو أول فيلم ظهر عام 1968 في النصف الأول من شهر أيار/ مايو من ذلك العام. والذي وثق لأول “ليلة من الحواجز” واستمرار إضراب العمال.
يُعرض أيضاً فيلم “حتى النهاية” الذي أنتج عام 1973، وهو عمل جماعي حول إضراب ستة وخمسين عاملاً تونسياً في كنيسة مينيلمنت في باريس، مطالبين بحرية التعبير والحق في تكوين الجمعيات والحصول على بطاقات العمل.
أما فيلم “الشيطان” لجان غابرييل بيريو الذي يتناول قصة الحركة الحقوقية المعروفة بـ”الفهود السود” والتي تأسست عام 1966 في أوكلاند أميركا.
ويختتم اليوم الأول بعرض الفيلم التونسي “براعم الربيع” (2014)، للمخرجة انتصار بلعيد، والذي صور في مدينة الكاف والمناطق الريفية، وفيه يتحدث الأطفال عن الثورة التونسية.
يوم السبت يبدأ مع نقاش مفتوح محوره سؤال: ماذا يحدث عندما تستعيد الشعوب “فجأة” ممارسة سيادتها وتجرّب أساليب جديدة للعيش؟
ويتضمّن البرنامج عرض فيلم “العودة إلى العمل في مصانع ووندر” (1968) للفرنسيين جاك ويليمونت وبيير بونو، “مقتطفات سينمائية” الفرنسي والذي يضم عدة مشاهد صامتة وثائقية من أحداث 68، كما يعرض “ميكونو” فيلم آخر عن مايو 68، من إخراج ميشيل هومو.
بالنسبة إلى الثورة السورية، فتحضر من خلال “سورية اليوم” (2012) من إخراج وإنتاج “أبو نظارة” (2012)، إلى جانب عرض عن الثورة التونسية “سوف أرقص على أي حال” (2017)، للمخرج الفرنسي بلاندين ديلاكروا. يختتم اليوم مع “إعلان تونس” حول الحقوق الثقافية.
ليلى بن صالح
العربي الجديد