أخذت نتائج الانتخابات العراقية التي جرت في 12 آيار/مايو الفائت اهتماما واسعا داخليا وعربيا وإقليميا ودوليا وتابعتها شبكات الاعلام بكافة أدواتها ووسائلها وأصبحت مادة أساسية في نشرات الأخبار الرئيسية ولعدة أيام كونها تشكل منعطفا رئيسيا في طبيعة الأوضاع والأحداث السياسية التي تجري في المنطقة العربية والشرق الاوسط وتأخذ أبعادا استراتيجية في تحديد مديات المشروع الدولي والاقليمي في العراق .
ان من أولويات ونتائج الانتخابات وملامحها الميدانية أنها اتسمت بمنعطفات داخلية مهمة انعكست على طبيعة العلاقات بين الكتل والاحزاب السياسية خاصة بعد النتائج التي انتهت إليها الانتخابات وفاجأت الكثير من الاوساط السياسية التي تتابع المشهد السياسي العراقي بتربع كتلة (سائرون) على المرتبة الاولى وتراجع كتلة (النصر) التي يترأسها رئيس الوزراء حيدر العبادي الى المرتبة الثالثة والتي كان من المتوقع أن تحظى بالمقدمة من النتائج إضافة الى وجود قائمة (الفتح) كعنصر مهم وأساسي في المعادلة السياسية العراقية أخذ دوره في النتائج التي أسفرت عنها الانتخابات العراقية .
بعد ظهور النتائج برزت العديد من الملاحظات والأراء والانتقادات تمثلت في الملامح التالية :
1.اتسمت عملية الانتخابات العراقية لهذه الدورة بأنها أحتوت على الكثير من الانتقادات والخلافات بين جميع الكتل والاحزاب والشخصيات السياسية المشاركة في العملية السياسية والانتخابات العراقية وهي ظاهرة لم تحصل في الدورات السابقة وهذا يؤكد طبيعة الاساليب التي اتبعت في عملية الاعداد للانتخابات والخلافات الجوهرية في الرؤية السياسية للاحزاب للسنوات الاربعة القادمة وأهدافها في الوصول الى دفة رئاسة الوزراء .
2.أدت نتائج الانتخابات الى حدوث حالة من الارباك في الاوساط السياسية للقيادات الحزبية والتي هيمنت لعقد ونصف من الزمن أي بعد الاحتلال الامريكي للعراق على القرار السياسي العراقي والتحكم به فطالت نتائج الانتخابات العديد من هذه الوجوه ووجهت لها ضربة شعبية واسعة تمثلت في عدم التجديد لها في سنوات قادمة وفشلت في الحصول على ما يكفيها من البقاء داخل مجلس النواب وهي من كانت تتسيد قياداتها ومراكزها الحزبية المهمة .
3.الخلافات الواسعة بين مفوضية الانتخابات ومجلس النواب بأعتباره السلطة التشريعية والذي عمد الى الانعقاد بجلسات أستثنائية مفتوحة لمناقشة نتائج الانتخابات والاعتراضات والشكاوي والطعون التي طالت المفوضية وعملها وأيدائها في الكثير من المحطات والمراكز الانتخابية داخل وخارج العراق حيث أدى الامر الى أصدار العديد من التوصيات والقرارات التي تعمل على أعادة فرز الاصوات من جديد واستخدام الفرز والعد اليدوي في العديد من المراكز الانتخابية وتحديدا في محافظات كركوك والانبار وأقليم كردستان وبعضا من الدول العربية والاوربية .
4.تأخر مفوضية الانتخابات في المصادقة على نتائج الانتخابات رغم إعلانها ونرى في هذا الاجراء موقفا سياسيا تتبعه المفوضية في إعطاء فسحة من الوقت للمناقشات الجارية بين الاحزاب والكتل السياسية لإختيار الكتلة الاكبر لتشكيل الوزارة القادمة في العراق مع أعلان من سيكون رئيسا لها .
5.قيام مجلس النواب بإجراءات عملية تواكب نتائج الانتخابات واصراره على عقد جلساته الاستثنائية رغم انها لم تستكمل في معظمها النصاب القانوني لأصدار القرارات ولكن مع كل هذا يبقى مجلس النواب جهة تشريعية ورقابية ولا يمتلك حق أنفاذ قراراته الا من خلال السلطة التنفيذية والقضائية ولكنه يستطيع العمل على حجب الثقة بمفوضية الانتخابات واستبدالها .
6.لا يزال المشهد العراقي يشهد العديد من التشظي السياسي في جميع جوانبه وأركانه خاصة في التحالفات والائتلافات التي جرت خلال الايام الماضية وتمثلت بظهور أئتلافين سياسيين من السنة العرب وهي أنعكاس واضح لعدم وجود الرؤية الحقيقية في كيفية معالجة الاخطاء السياسية التي كانت أحدى ملامح العملية الانتخابية ونتائجها وعدم وضوح ودقة الاهداف الرئيسية التي تسعى اليها الاحزاب والكتل السياسية العراقية.
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الإستراتيجية