يبدو من خلال خطابه أمام الأمم المتحدة أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب كان يحاول تبرير بعض توجهاته السياسية، خصوصا تلك التي يريد من ورائها جعل الوطنية مقدمة على العولمة.
وقد استنبط فيليب جيلي نائب رئيس تحرير مجلة لوفيغارو المسؤول عن القضايا الخارجية قواعد قال إنها برزت من خلال خطابي ترامب الأخيرين أمام الأمم المتحدة، مشيرا إلى أن ما جاء في ذينك الخطابين وما ميز سياسة ترامب خلال عشرين شهرا الأخيرة من انسحاب أميركي من عشرات الاتفاقيات والمؤسسات الدولية يوضح بجلاء السياسة الخارجية للرئيس الأميركي.
واستنبط جيلي من ذلك خمسة أركان قال إنها هي التي ترتكز عليها سياسة ترامب الخارجية:
الركن الأول: واشنطن تجعل من السيادة مرتكزها الأساسي، وهو ما عبر عنه ترامب بقوله إن أميركا ستفضل دوما الاستقلال والتعاون على التحكم في العالم والهيمنة عليه.
وعلق جيلي على هذا الأمر بنوع من الاستغراب قائلا إن مزج المصطلحات يوجد نظرة زائفة، إذ كيف يمكن لأميركا التي هيمنت على العولمة منذ الحرب العالمية الثانية أن تكون اليوم ضحية لها؟
الركن الثاني لسياسة ترامب الخارجية هو الأحادية وليس الانعزالية، وهو بذلك يشجع من حيث المبدأ الدول الأخرى على أن تحذو حذوه ويؤكد لها أن كل واحد سيبقى سيد نفسه، إذ إن “الولايات المتحدة لن تعلمك كيفية العيش أو العمل أو الصلاة، وما تريده في المقابل هو أن تحترم سيادتها”.
ويبرز قصور حجة ترامب هذه عندما يتعلق الأمر بالأنظمة المدرجة أميركيا في القائمة السوداء (إيران وفنزويلا) وبالاستمرار في سبع حروب وبالعقوبات المفروضة على ثلاثين دولة والتعريفات الجمركية المفروضة على مجموعة واسعة من الحلفاء، وفقا لجيلي.
أما الركن الثالث لهذه السياسة فهو “المال”، فقرارات ترامب تتخذ حسب تكلفتها المادية، فلا انتشار إستراتيجيا ولا تدابير إقليمية أمنية ولا مساعدات إنسانية تفلت من هذا الأمر.
لقد كرر ترامب قضايا المال عشر مرات في خطابه الذي ألقاه أول أمس الثلاثاء في الأمم المتحدة بشأن التجارة الدولية وأسعار النفط وفساد القادة الإيرانيين ومساعدة اللاجئين والمساهمة في المنظمات الدولية.
أما الركن الرابع من ترسانة ترامب السياسية فهو تشجيع النهج الإقليمي في مقابل التدويل، إذ يقول عن الشرق الأوسط “الأمر متروك للدول في المنطقة لتقرير نوع المستقبل الذي تريده”.
ويضيف وهو يتكلم عن القارة الأميركية “إننا نرفض تدخل الدول الأجنبية في هذا الجزء من الكرة الأرضية”، وهو ما علق عليه جيلي بتهكم قائلا إن “الأمم المتحدة مفيدة فقط عندما تدعم المبادرات الأميركية بشأن كوريا الشمالية أو إيران”.
والركن الخامس في سياسة ترامب فهو القطيعة مع طرق وأساليب الماضي قدر الإمكان، حيث يقول “لن نظل رهائن لمذاهب وعقائد عتيقة ولا لأيديولوجيات مشبوهة ولا من يسمون الخبراء”.
ومن بين الأفكار التي خصص لها هجوما عنيفا وحذر منها “الاشتراكية والمعاناة التي تجلبها للجميع”، وهو ما يعني أن كفاح ترامب لا يقتصر فقط على بلاده ومواطنيه، وفقا لجيلي.
المصدر : لوفيغارو