شهدت جلسة لمجلس الأمن أمس صداماً بين الولايات المتحدة وروسيا، إذ دعت واشنطن الى الاعتراف بالزعيم المعارض خوان غوايدو رئيساً لفنزويلا بدل نيكولاس مادورو، فيما اتهمتها موسكو بمحاولة «إطاحة» رئيس الدولة الأميركية اللاتينية.
تزامن ذلك مع تكثيف الاتحاد الأوروبي ضغوطه على كراكاس، إذ أمهلتها إسبانيا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا والبرتغال 8 أيام للدعوة إلى انتخابات، وإلا ستعترف بغوايدو رئيساً. لكن وزير الخارجية الفنزويلي خورخي أريز رفض المهلة.
وأعلن مادورو التزامه «العمل لحوار وطني»، معرباً عن استعداده لـ «لقاء هذا الشاب»، في إشارة الى غوايدو رفض الأمر، قائلاً: «القمع عندما لا يعطي نتيجة، يتحوّل حواراً شكلياً». ودعا أنصاره إلى «تعبئة كبرى» في الشارع الأسبوع المقبل، وزاد: «الذين يعتقدون أننا انحسرنا سيخيب أملهم، لأن هناك ناسا في الشارع الآن إلى أن يتوقف الاستيلاء (على الحكم) وتصبح هناك حكومة انتقالية و(تنظّم) انتخابات حرة». وحذّرت مفوّضية الدول الأميركية لحقوق الإنسان من أن حياة غوايدو في خطر.
في نيويورك، حضّ وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو على مساندة «قوى الحرية» والاعتراف بغوايدو رئيساً موقتاً لفنزويلا، مندداً بروسيا والصين لدعمهما مادورو. وقال أمام مجلس الأمن: «حان الوقت لكي تختار كل دولة جهة. لا مزيد من التأخير، لا مزيد من الألاعيب. إما أن تقفوا مع قوى الحرية وإما أنكم متحالفون مع مادورو والفوضى التي سبّبها». وشدد على أن «نظام نيكولاس مادورو قمع شعبه» منذ سنوات، لافتاً الى أن آلافاً من الفنزويليين يفرّون من بلادهم، ما يزعزع استقرار المنطقة.
ورأى أن الرئيس الفنزويلي يدير «دولة مافيا غير شرعية»، وطالب كل الدول التي تعترف بغوايدو بـ «وقف كل تعاملاتها المالية مع نظام مادورو».
بومبيو الذي عيّن الديبلوماسي المخضرم إليوت أبرامز موفداً خاصاً للمساهمة في «إحلال الديموقراطية» في فنزويلا، نبّه الى ضرورة حماية السفارة الأميركية في كراكاس، وفق اتفاق فيينا، محذراً من «اختبار عزم الولايات المتحدة على حماية شعبنا». جاء ذلك قبل ساعات من موعد حدّده الرئيس الفنزويلي لطرد الديبلوماسيين الأميركيين من بلاده، بعدما قطع علاقاتها بالولايات المتحدة التي لم تعترف بقراره.
في المقابل، اتهم المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبنزيا «الولايات المتحدة وحلفاءها» بـ«الرغبة في إطاحة» مادورو. وتحدث عن «انقلاب»، معتبراً أن الأزمة «شأن داخلي» في فنزويلا.
وحاولت موسكو منع انعقاد الجلسة الطارئة حول فنزويلا، لكنها لم تنجح في جمع عدد كاف من الأصوات (9 من 15 عضواً في مجلس الأمن). جاء ذلك بعدما عرقلت روسيا والصين وجنوب أفريقيا وغينيا الاستوائية إصدار المجلس بياناً أعدّته الولايات المتحدة، يعرب عن «دعم كامل» للبرلمان الفنزويلي الذي يرأسه غوايدو، باعتباره «المؤسسة الوحيدة المنتخبة ديموقراطياً» في البلاد.
ونصّ مشروع البيان على إلزام البرلمان الفنزويلي إعادة الديمقراطية ودولة القانون، مع الإشارة الى عدم شرعية الانتخابات الأخيرة في فنزويلا والتنديد بلجوء قوات الأمن الى القوة ضد المتظاهرين.
الى ذلك، أمهلت إسبانيا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا والبرتغال مادورو 8 أيام للدعوة إلى انتخابات، وإلا ستعترف بغوايدو «رئيساً».
وقال رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز: «إذا لم تتم الدعوة خلال 8 أيام إلى انتخابات نزيهة وحرّة وشفافة في فنزويلا، ستعترف إسبانيا بخوان غوايدو رئيساً». واستدرك أن مدريد «لا تسعى إلى فرض حكومات أو إطاحتها في فنزويلا، بل نريد الديموقراطية والانتخابات الحرة».
وأعلن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون أن بلاده «مستعدة للاعتراف» بغوايدو «رئيساً» لفنزويلا، في حال عدم الدعوة إلى انتخابات «خلال 8 أيام». في السياق ذاته، طالبت ناطقة باسم الحكومة الألمانية بمنح «الشعب الفنزويلي حق أن يقرّر مستقبله بحرية وأمان»، وتابعت: «إذا لم تعلن انتخابات خلال 8 أيام، سنكون مستعدين للاعتراف بغوايدو رئيساً بالوكالة».
واعتبر وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت أن مادورو «ليس رئيساً شرعياً لفنزويلا»، وزاد: «غوايدو هو الشخص المناسب للمضيّ بفنزويلا إلى الأمام. وإذا لم يتم خلال 8 أيام إعلان تنظيم انتخابات جديدة ونزيهة، ستعترف به المملكة المتحدة رئيساً موقتاً يقود العملية السياسية في اتجاه الديموقراطية».
وخيّر وزير الخارجية البرتغالي أوغوستو سانتوس سيلفا مادورو بين «المشاركة في هذه الانتخابات والبدء بالعملية بحيث تقودها لجنة انتخابية مستقلة، والاعتراف بأن السلطة الشرعية الوحيدة لتنظيم هذه العملية الانتخابية هي البرلمان ورئيسه» غوايدو.
في بروكسيل، ورد في بيان أصدرته وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيرني، باسم التكتل: «في غياب إعلان حول تنظيم انتخابات جديدة في ظل ضمانات ضرورية خلال أيام، سيتخذ الاتحاد خطوات إضافية، خصوصاً في ما يتعلّق بالاعتراف بقيادة هذا البلد». واستعجل تنظيم «انتخابات رئاسية حرة وشفافة وذات صدقية»، معتبراً أن «البرلمان يشكّل الهيئة الديموقراطية الشرعية في فنزويلا ويجب أن يستردّ سلطاته، بما فيها صلاحيات أعضائه وأمنهم».
الحياة