ردًا على التقارير التي قالت إن أمريكا والقوات المدعومة من إيران تتشارك قاعدة عسكرية في الأنبار، قال السيناتور جون ماكين بغضب إن “هذا إهانة لعائلات الجنود الأمريكيين الذين جرحوا وقتلوا في المعارك التي كانت بها الميليشيات الشيعية هي العدو. الآن، بتوفير الأسلحة لهم ودعمهم، فمن الصعب على هذه العائلات فهم ذلك”. محللون بارزون في الجيش أكدوا على هذا الاعتراض.
التنسيق الواقعي بين الولايات المتحدة والميليشيات المدعومة من إيران في المعركة ضد تنظيم الدولة في العراق كانت ظاهرة لبعض الوقت. ليس من المفاجئ أن تنسيقًا كهذا قد يغضب أولئك الذين يضعون المواجهة مع إيران هي الأولوية الاستراتيجية الأعلى؛ إلا أن تعبيرات الغضب وعدم التصديق من مهندسي ومرتبي عمليات “الصحوات” في 2007 – 2008 في العراق أكثر دهشة. التنسيق الأمريكي مع فصائل الصحوة السنية، بالرغم من الكم الكبير من الدم الأمريكي على أيديهم، كانت ضمن أهم الأبعاد أهمية وإثارة للجدل في الصحوة.
كما وضح الجنرال ديفيد بترايوس بتطلعه الخاص: “القرار بدعم حركة الصحوات، بجوهره، هو تصالح يحمل خطرًا معتبرًا ولم يكن مدعومًا من كل قادتنا. العديد أشاروا بشكل صحيح إلى أن قادة وأعضاء التنظيمات التي أرادت التصالح معنا -تنظيمات كانت تريد مباركة الصحوات- كان على يديها دم أمريكا. أنا اقتنعت بأنه لم يكن هناك بديل إذا أردنا تقليل العنف وتنويع العناصر الرئيسة للصحوة من الدعم الفعلي أو الضمني للقاعدة”. ماكين وآخرون من الحرس القديم وافقوا على هذا المنطق للصحوة، والعديد قد يقبلون مجموعة شبيهة من المفاضلات بما يختص بدعم الثوار السوريين.
هل كانت المعضلات الأخلاقية والسياسية والاستراتيجية للتعاون مع المتمردين السنة في صحوة 2007 أقل دراماتيكية مما يفترضه التعاون الحالي اليوم مع الدولة العراقية والميليشيات المدعومة من إيران؟
تقييم ما إذا كان خيار الانحياز في 2007 مع المتمردين السوريين أو التعاون الأقل اليوم مع الميليشيات الشيعية يتطلب عرضًا لكل من النتائج العسكرية قريبة الأمد، والنتائج السياسية طويلة الأمد. مرونة القادة الأمريكيين بالموافقة على العمل مع المتمردين السنة أدت نتائجها، على الأقل على المدى القريب. عبر مسار الحملة، ما يقارب من 100 ألف من “أبناء العراق” كانوا بيد الأمريكيين، بينهم مقاتلون من الجيش الإسلامي للعراق، ألوية ثورة 1920، وتنظيمات أخرى أغضبتها سيطرة الدولة الإسلامية في العراق على المناطق السنية.
في واحد من أكثر تحليلات الصحوة أكاديمية، عرض ستيفن بيدل، وجاكوب شابيرو، وجيفري فرايدمان أن الانخفاض في العنف بـ 2007 – 2008 اعتمد على “تفاعل داعم بين الموجة والصحوات”، مشيرين إلى أنه “بدون الصحوات لاختراق صفوف المتمردين وكشف المقرات للقوات الأمريكية، فإن العنف في أمريكا كان سيظل عاليًا حتى بعد انتهاء الموجة واستنزاف الصبر السياسي لأمريكا”.
الخيارات الاستراتيجية والأخلاقية والسياسية تطلبت التعاون مع المتمردين السنة قبل وخلال الموجة، تشابه بشكل كبير تلك الخيارات التي تأتي اليوم بشكل أقل من خلال التعاون مع الميليشيات المدعومة إيرانيًا. الفصائل السنية التي انحازت لجانب التحالف كانت تتبنى بوضوح أفكارًا متطرفة وأيديولوجيات طائفية على يديها كثير من الدم العراقي والأمريكي وتحدت شرعية الدولة العراقية. كان من الواضح أن مصلحة الولايات المتحدة والحكومة العراقية والميليشيات تقاطعت مؤقتًا بسبب التهديد المشترك الذي مثلته الدولة الإسلامية في العراق. أولئك المشاركون في النقاش السياسي فهموا أن الفاعلين غير المشاركين بالدولة قد يكون لها تأثيرات سياسية طويلة الأمد من خلال تقويض سلطة الدولة وتعزيز الطائفية.
تقييم جاد لمكاسب التعاون مع الميليشيات الداعمة لإيران عليه أن يحسب خسائر الموجة. مغامرة التعاون مع المتمردين السنة للحصول على مكاسب طويلة الأمد تطلبت من الحكومة العراقية التكامل بشكل مؤثر مع الدولة وتحقيق تنسيق سياسي أكبر مع الجالية السنية العراقية الأكبر.
حذرًا من المخاطر، السفير ريان كروكر دفع رئيس الوزراء العراقي بصعوبة للتصالح السياسي والتكامل المتين مع “أبناء العراق”. لكن المالكي قاوم بشدة هذه الجهود الأمريكية، إما بطائفية علنية أو شكوك حول الولاء الحقيقي لهؤلاء المتمردين “السابقين”. بينما يفضل الكثيرون الآن لوم الرئيس أوباما على الفشل السياسي لانسحاب القوات الأمريكية من العراقية؛ إلا الواقع هو أن المالكي قاوم التعاون حتى في الفترة السابقة للوجود الكبير للقوات العسكرية الأمريكية، والمشاركة الأمريكية الحثيثة، وشبه الاعتماد الأمني الكامل للحكومة العراقية على أمريكا. عناد المالكي أدى بالنهاية لانشقاق للعديد من القوات لصالح المتمردين؛ مما أدى لجر العراق مجددًا للحرب الأهلية.
إرداة إدارة أوباما للعمل بجانب القوات المدعومة من إيران ينبغي أن ينظر لها من خلال عدسة إرادة إدارة بوش للعمل مع التمرد السني، ودعم المالكي الطائفي، المدعوم إيرانيًا. هذا لا يعني أن تعاونًا كهذا هو الخيار الصحيح. كما حصل في 2007، الحسابات العسكرية قليلة الأمد تأتي لصالح تعاون كهذا ضد التهديد العاجل الذي يمثله تنظيم الدولة، خصوصًا بالنظر لغياب بدائل مناسبة.
إلا أن المدى البعيد للموجة يقترح الحاجة للأخذ بالحسبان كلا من المكاسب العسكرية قليلة المدى، والفشل السياسي اللاحق. المكاسب العسكرية ستكون لها قيمة حقيقية قليلة إذا قادت الميليشيات الطائفية المسلحة العملية الطائفية، واستعداء المزيد من السنة، وتعزيز تقسيم الدولة. هذا، من المحتمل، ما دفع إدارة أوباما لوضع إعادة بناء الجيش العراقي بأولوية أكبر، ولماذا أصر على العمل من خلال الحكومة المركزية للعراق.
بينما تخلى العديد عن فكرة عراق موحد، لا زالت أمريكا تنظر للإبقاء على ذلك كمصلحة أمريكية مهمة. والنظر لكون التعاون مع ميليشيات كهذه يوفر سياسة حكيمة؛ لذلك الهدف لن يتم تحديده من خلال النتائج الضمنية قصيرة الأمد، ولكن من خلال التأثير على التعاون السياسي وسلطة الدولة، وهي نفس الحسابات السياسية التي واجهها كل من بترايوس وكروكر قبل عقد من اليوم.
التقرير