قالت صحيفة “الغارديان” إن على النظام السياسي الحالي في لبنان الإختفاء وذلك بعد استقالة الحكومة اللبنانية في أعقاب الانفجار الذي ضرب بيروت.
وجاء في افتتاحيتها “بعد أيام من الانفجار الضخم الذي مزق العاصمة بيروت، مخلفا 170 قتيلا على الأقل وألافا من الجرحى، استقالت الحكومة اللبنانية في الأسبوع الماضي. وربما كانت فرصة لإنهاء الفصل الحزين من تاريخ لبنان. فالمتظاهرون في الشوارع منذ تشرين الأول/أكتوبر تعبيرا عن غضبهم على فساد وسوء إدارة المسؤولين والتضخم المتزايد. ومع الاستقالات الجماعية فقد تكون هذه نقطة تحول. ولسوء الحظ يبدو أنه ستكون هناك فصول حزينة أكثر ستتحملها هذه الأمة المعذبة”.
وتقول إن مأساة لبنان اليوم أنه واقع وسط المواجهة بين الولايات المتحدة وإيران، حيث اقتربت إسرائيل والإمارات مع بعضهما البعض في الأسبوع الماضي. وتدعم إيران حزب الله، الذي تصنفه الولايات المتحدة كجماعة إرهابية ولكنه أصبح عمادا من أعمدة الدولة اللبنانية نتيجة لعقده شبكة من التحالفات الطائفية. ويلعب حزب الله دورا في الحكومات اللبنانية منذ عقد تقريبا. وفي الماضي كان حزب الله يكمن في الظل تاركا الآخرين للقيام بالدور وإدارة الحكومة، محتفظا بالقدرة على التدخل في اللحظة المناسبة. وعندما تم تشكيل حكومة جديدة في كانون الثاني/يناير بعد إجبار المتظاهرين الحكومة السابقة على الاستقالة كان حزب الله يسيطر عليها بشكل كامل. وهذا يعني أنه يتحمل مسؤولية عجز الدولة التي لم تقم بعمل ما يجب أو لديها القليل لعمله لإصلاح الوضع. وهناك شكوك بأنه خزن الأسلحة قرب مكان الانفجار، مما يعني أن الجماعة التي تدعمها طهران ستجد صعوبة في استعادة تأثيرها وسيادتها.
وترى الصحيفة أن النظام السياسي الطائفي في لبنان هو في أس عجز الدولة. وهو يقوم على النظام الذي فرضه الاستعمار الفرنسي وتم تأكيده في اتفاق الطائف عام 1991 بعد نهاية الحرب الأهلية التي استمرت15عاما، ويتم من خلاله تخصيص مقاعد البرلمان بناء على الطوائف وكذا الوظائف العامة. وكان يجب على النظام هذا الاختفاء وبأول برلمان بعد الحرب الأهلية. إلا أن الأحزاب السياسية اللبنانية لم تكن مهتمة بتفكيك نظام الرعاية هذا، بل واستخدم قادتها الوزارات لتوزيع الوظائف على أتباعهم. ويعتمد النظام السياسي اللبناني على القوى الأجنبية التي دعمت جماعات محلية وكيلة. وأدارت سوريا، بدعم تكتيكي من أمريكا حتى 2005. وسحبت قواتها بعد اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري. وستعلن المحكمة الخاصة التي شكلتها الأمم المتحدة هذا الأسبوع قراراها النهائي في قضية اغتياله. وفي قلب التحقيق أربعة عناصر من حزب الله. وكان يجب أن يؤدي اغتيال الحريري إلى تحول جذري في البلاد ومصالحة بين الطوائف كما تصور اتفاق الطائف وإنشاء برلماني لا يلتزم بالمحاصصة الطائفية. ولكن انفجار بيروت جعل النخبة السياسية تتملص، من خلال إعادة تفعيل قانون يعطي الجيش سلطات واسعة في وقت تتوسع فيه التظاهرات. ويجب على اللبنانيين الذين استقبلوا 1.5 مليون لاجئ سوري اختيار حكومتهم التي يريدونها. ومن حقهم الغضب: انقطاع مستمر للتيار الكهربائي ونقص في المواد الغذائية وارتفاع في الأسعار التي بدأت تعلم حياتهم اليومية.
وهناك حاجة ماسة لمساعدتهم على مواجهة كوفيد-19. وحذرت الصحيفة من عقوبات أمريكية جديدة على لبنان بأنها هزيمة للنفس. وربما ساعدت انتخابات جديدة، مع أن التصويت بناء على النظام الحالي لن يدعم إلا الموجودين في السلطة. وهناك مطلب للمتظاهرين قبل أي انتخابات وهو تغيير قانون الانتخابات لنظام لا يقوم على المحاصصة الطائفية. وهذا يعني تسليم حكومة تصريف الأعمال الحالية إلى حكومة ممثلة. ويجب على النخبة التنازل ومن الأحسن الاستماع إلى الشارع العربي، فكما لاحظنا كيف تحولت الانتفاضة السلمية غير الطائفية في سوريا إلى حرب أهلية، وهذا فصل لا يريد أحد في لبنان العودة إليه وكتابته من جديد.
إبراهيم درويش
القدس العربي