خصصت صحيفة “التايمز” افتتاحيتها لمناقشة حروب الرئيس دونالد ترامب، واصفة إياها بعملية ابتزاز لحماية المصالح الأمريكية. وقالت إن سياسات البيت الأبيض بات مضرة للاقتصاد العالمي ولمصالح الولايات المتحدة نفسها.
وعلقت على كلام ترامب الذي قال فيه إن الحروب التجارية جيدة ومن السهل الانتصار بها و”في الحقيقة لم تكن جيدة لأنها تدمر الثروة وتحرف المصادر الشحيحة إلى هذه الحرب غير الناجعة، والغريب أن الأسواق المالية تجاهلت بشكل عام نزعة ترامب لحماية اقتصاد أمريكا”.
وسبب تجاهل الأسواق هذه لتصرفات الرئيس الأمريكي ربما نابع من مشاركتها إياه الرأي في سهولة انتصار الولايات المتحدة بهذه الحروب وتردد شركاء الولايات المتحدة من القيام بعمليات انتقامية.
وتعلق الصحيفة أن الأدلة الأخيرة تشير إلى أن سياسات ترامب ليست مجرد تعبيرا عن تصرف غير سليم من ترامب نفسه ولكنها تمثل خطرا على الاقتصاد العالمي. ويجب والحالة هذه على الكونغرس وحلفاء الولايات المتحدة الوقوف أمام هذه التصرفات والحد من سياسة الرئيس التجارية التي يدفعها الهوى.
وكان آخر مظهر من هذه السياسة تهديده الشهر الماضي بفرض تعرفة جمركية بنسبة 5% على كل المواد المستوردة من المكسيك وزيادتها بشكل مستمر لو لم تتخذ إجراءات لمنع تدفق المهاجرين إلى أمريكا عبر حدودها.
وتعلق الصحيفة أن هذا يعبر عن توجه جديد لأن منطق الرئيس هذا لا علاقة له بالسوق ولا “المنافسة غير النزيهة” بل بالمهاجرين غير الشرعيين. ورغم تراجع ترامب عن موقفه إلا أن هذا يعد تحولا خطيرا في السياسة الأمريكية. فلو تم فرض التعرفة الجمركية بناء على أمر رئاسي فإن شركاء أمريكا التجاريين لن يروا مدعاة للتفاوض وتحقيق عقود تجارية مرضية للطرفين. ولماذا عليهم فعل ذلك عندما يقوم البيت الأبيض بالتخلي عن ونسخ أي صفقة متفق عليها بدون تحذير وفي أي وقت؟
وترى الصحيفة أن هذا نهج أخطر من التعرفات التي فرضها ترامب على البضائع المستوردة من كندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي. ولا أساس لهذه السياسة.
واعتقاد ترامب بأن العجز بالميزانية الأمريكية يعكس التصرفات التي تقوم بها الدول الأخرى في تعاملها مع الولايات المتحدة غير صحيح. فالعجز ناجم عن المستويات المتدنية للتوفير، فمن أجل أن تلبي الحكومة احتياجات التجارة الأمريكية للاستثمار تقوم باستيراد رأسمال من الخارج.
وبسبب هذا التدفق المالي تستطيع الحكومة العيش أبعد من قدراتها الاستهلاكية وأكثر مما تبيع لبقية العالم.
وتقول الصحيفة إن خوف أمريكا مبرر من نقل التكنولوجيا للشركات الأمريكية التي تريد التعامل مع الصين، إلا أن حل هذه المسألة القانونية لا يتم من خلال فرض ضرائب على البضائع المستوردة.
وتظهر الدراسات أن الضرائب المفروضة على البضائع الصينية يدفعها المستهلك الأمريكي وأصحاب المتاجر على شكل أسعار مرتفعة.
وتقول الصحيفة إن المرشحين للرئاسة عادة ما يرفعون ورقة حماية الاقتصاد أثناء حملاتهم الانتخابية لكنهم يعدلون مواقفهم عندما يدخلون البيت الأبيض بناء الواقع. إلا أن ترامب ضاعف من نهجه غير المقنع.
وفي نفس الوقت يدافع الديمقراطيون الذين طالما انتقدوا أثر البضائع الرخيصة على النقابات العمالية باتوا يدافعون عن حرية التجارة.
وتبنى جو بايدن الذي يقود السباق الديمقراطي لانتخابات 2020 الهجوم على سياسات ترامب الجمركية وأثرها على المزارعين وأصحاب المصانع.
وتعتقد أن استمرار ترامب بمدخله الفردي والتدخل في النظام العالمي فالخطر هو أزمة اقتصادية واسعة. فستؤدي سياساته إلى حجب الصين عن التصدير وتقديم الخدمات والاستثمار بل وحلفاء أمريكا مثل كندا. وسيدفع الأمريكيون الثمن من خلال زيادة كلفة الحياة وكل شخص بسبب انهيار قواعد التبادل التجاري العالمي.