بيروت – تضمنت التصريحات الأخيرة للأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصرالله الكثير من استعراض العضلات والتزييف للحقائق التي اعتمدها كأسلوب للتغطية على خيبات الأمل المتواترة التي منيت بها جماعته المدعومة من طهران، وكان آخرها فرض عقوبات على البعض من نواب الحزب في البرلمان، بالإضافة إلى أن الحزب طالته تداعيات العقوبات الأميركية المفروضة على إيران.
وأكد حسن نصرالله أن داعمته “إيران قادرة على قصف إسرائيل بشراسة وقوة” في حال اندلاع حرب أميركية ضد إيران، على وقع التوتر المتصاعد بين البلدين.
وسأل، في مقابلة مع قناة المنار التابعة لحزبه في ذكرى اندلاع حرب تموز 2006، “من قال إنه سيتم تحييد إسرائيل إذا حصلت حرب على إيران؟” مؤكدا أنّ “أول من سيقصف إسرائيل هو إيران.. وعندما يفهم الأميركي أن هذه الحرب يمكن أن تزيل إسرائيل فسيعيد النظر”.
ورد المتحدث بلسان جيش الدفاع الإسرائيلي للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي، على تهديدات حسن نصرالله واصفا إياه بـ”التبجح والتكبر” وبأنه “بطل العالم في الكذب”.
وكتب أدرعي، على تويتر، إن “أقوال التبجّح والتكبر لدى نصرالله على منظمته وإنجازاته الوهمية لا يمكنها إخفاء الحقيقة من وراء رسالته. الأزمة كبيرة جدا، ليست المالية فحسب، بل الأخلاقية أيضا. عندما يتذمر عناصر حزب الله بأن لا مال لديهم، هذا يعني أن الأزمة خانقة”.
وشدّد نصرالله على أن “إيران لن تبدأ حربا وأستبعد أن تقدم أميركا على حرب على إيران”، مرجحا أن “يعمل الطرفان بقوة على عدم التدحرج إلى حرب”.
وتشهد العلاقة بين واشنطن وطهران توترا متصاعدا منذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مايو 2018 انسحاب بلاده بشكل أحادي من الاتفاق النووي الذي أبرم في 2015 بين إيران والدول الكبرى، وأعاد فرض عقوبات اقتصادية مشدّدة على طهران.
وقال نصرالله إن “مسؤوليتنا جميعا في المنطقة هي العمل لمنع حصول الحرب الأميركية على إيران لأن الكل يجمع على أنها مدمرة”.
وشدد على أن “كل دولة ستكون شريكة في الحرب على إيران سوف تدفع الثمن”.
وتلعب إيران دورا محوريا في زعزعة استقرار المنطقة. وتقف طهران وراء حوادث عدة مؤخرا استهدفت سفن قرب مضيق هرمز الاستراتيجي، بالإضافة إلى الإيعاز للمتمردين الحوثيين في اليمن بمهاجمة منشآت نفطية ومطارات سعودية. كما تدعم إيران ماليا وعسكريا ميليشيات مسلحة في سوريا واليمن والعراق ولبنان.
وحزب الله، الذي تصنّفه السعودية منظمة “إرهابيّة”، يعدّ إحدى أبرز القوى السياسية والعسكرية المدعومة من إيران. ويملك ترسانة ضخمة، وإن كان لا يعرف حجمها، وتتضمن صواريخ دقيقة.
وفرضت واشنطن الثلاثاء عقوبات على رئيس كتلة حزب الله البرلمانية النائب محمد رعد والنائب أمين شري، فضلا عن مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا.
وقلل نصرالله من تداعيات هذه العقوبات التي اعتبرها “وساما على صدورنا ومفخرة في الدنيا”.
وبرغم العقوبات، قال نصرالله إن “إدارة ترامب، تسعى إلى فتح قنوات مع حزب الله في لبنان عبر وسطاء”.
ويقاتل حزب الله منذ أبريل 2013 بشكل علني في سوريا دعما للنظام في النزاع المستمر منذ أكثر من ثمانية أعوام. وأعلن نصرالله للمرة الأولى الجمعة خفض قواته في سوريا، حيث باتت قوات النظام تسيطر على أكثر من ستين بالمئة من مساحة البلاد. وقال “الجيش السوري استعاد عافيته بشكل كبير وهو وجد أنه اليوم ليس بحاجة إلينا”، موضحا “نحن متواجدون في كل الأماكن التي كنا فيها، ولكن لا داعي للتواجد هناك بأعداد كبيرة طالما لا ضرورات عملية لذلك”.
وتابع “قمنا بإعادة انتشار وإعادة تموضع”، مشددا على أن “كل التعاطي مع الملف السوري لا علاقة له بالعقوبات أو التقشف المالي”.
ويتأثر حزب الله بالعقوبات المتصاعدة على طهران التي تعد مصدر تمويله الرئيسي. وقال نصرالله “لا شك أن الحصار مؤثر(…) العقوبات مؤثرة على إيران ومؤثرة علينا، ومزعجة”.
لكنه أكد أنه “إذا دعت الحاجة إلى عودة كل من كان هناك سيعود” إلى سوريا. وأشار إلى “حالة تنسيق كبيرة” بين طهران وموسكو الداعمتين لدمشق.
واعتبر نصرالله أن رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين “نتنياهو يخادع شعبه ويلعب سياسة حافة الهاوية لأن إيران لن تخرج من سوريا” فيما يتعلق بالقصف الإسرائيلي المتكرر على سوريا.
وكثّفت إسرائيل في الأعوام الأخيرة وتيرة قصفها في سوريا، وتقول إنها تستهدف مواقع للجيش السوري وأهدافا إيرانية وأخرى لحزب الله وهي تكرّر التأكيد أنها ستواصل تصديها لما تصفه بمحاولات إيران الرامية إلى ترسيخ وجودها العسكري في سوريا وإرسال أسلحة متطورة إلى حزب الله.
وخاض حزب الله، الذي يتلقى المال والسلاح من طهران وتسهل سوريا نقل أسلحته وذخائره، حربا ضد إسرائيل في العام 2006 اندلعت إثر خطفه جنديين بالقرب من الحدود مع لبنان. وردت إسرائيل بهجوم مدمر، إلا أنها لم تنجح في تحقيق هدفها المعلن في القضاء على حزب الله، ما أظهر الحزب في نهاية الحرب داخليا بموقع المنتصر.
وأكد نصرالله أن كل المنشآت والمرافق والوزارات والمصانع والمطارات الموجودة في المنطقة الممتدة من نتانيا إلى أشدود “تحت مرمى صواريخنا ونستطيع أن نطولها”.
العرب