تحتفل تركيا بالذكرى السابعة والتسعين “للنصر العظيم”، الذي تمكنت خلاله القوات التركية من طرد اليونانيين من الأناضول، في خطوتها الأولى على طريق تأسيس الجمهورية الحديثة.
وفي هذا التقرير الذي نشرته صحيفة “صباح” التركية، يذكر المؤرّخ والكاتب فرحات أونلو أن اقتراب تركيا من الاحتفال بمرور مئة عام على تأسيسها يُشكل منعطفا في تاريخها ومستقبلها، فعبورها لقرن ميلادي جديد منذ تأسيسها يُشكل ميلادا جديدا لها.
ويوضح أونلو أنّ تاريخ تأسيس الجمهورية التركية يعود للتاسع والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول من عام 1923، وأن البلاد مرت بالعديد من الأحداث المفصلية في الطريق نحو إعلان الجمهورية، من بينها تأسيس مجلس الأمة الكبير بتاريخ 23 أبريل/نيسان عام 1920، الذي لم يبق سوى أشهر معدودة للاحتفال بمئوية تأسيسه.
ويشير الكاتب إلى احتفال تركيا بالذكرى السابعة والتسعين “للنصر العظيم”، الذي استطاعت من خلاله القوات التركية حماية الأناضول من الاستعمار، وتحديدا في 30 أغسطس/آب 1922، ويقول إنه رغم خسارة الدولة العثمانية لمعظم أراضيها خارج الأناضول، فإنّ القوات التركية والشعب التركي استطاعا بتضحياتهما مواجهة كل مطامع الاستعمار في أراضي الأناضول، وأنهما خاضا آخر مراحل حرب الاستقلال ضد اليونانيين وتمكنا من طردهم خارج الأراضي التركية.
خطاب أردوغان
وبحسب الكاتب تحمل كلمات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التي خطّها في دفتر الذكريات عند ضريح أتاتورك دلالات مهمة، حيث قال: “عزيزي أتاتورك، نحن نفتخر اليوم بالذكرى السابعة والتسعين على النصر العظيم، ونشعر بالامتنان ونقدم الشكر لكل من أسهم في تحقيق هذا الانتصار من القادة والجنود والشعب، وعلى رأسهم أنت. ونحن عازمون على حماية الجمهورية التركية التي تأسست بدماء وتضحيات شهدائنا، ولن يستطيع أحد إيقاف تركيا عن تحقيق أهدافها لعام 2023”.
ويضيف الكاتب أن شهر أغسطس/آب يعد شهر الانتصارات في تاريخ الشعب التركي، وذلك منذ الانتصار في معركة ملاذكرد عام 1071، وصولا إلى النصر العظيم في عام 1922، الذي استطاع خلاله الجيش التركي تحت قيادة أتاتورك إثبات أنّ أراضي الأناضول كلها للأتراك، وأنّ جميع قوى العالم لن تستطيع إجبار الشعب التركي على تسليم أرضه.
وقد استطاع الجيش التركي خلال حملة الدفاع عن الأناضول، طرد اليونانيين من إزمير عبر البحر المتوسط، الذين اضطروا للهروب منها نحو اليونان، وذلك بعد إصدار أتاتورك تعليماته الأولى لاستعادة السيطرة على أراضي الأناضول من خلال التوجه نحو البحر المتوسط.
ويذكر المؤرّخ التركي أنّ الجمهورية التركية بدأت بإحياء ذكرى هذا النصر بعد عامين على وقوعه -أي في عام 1924- وذلك في حفل مهيب شارك فيه مصطفى كمال أتاتورك. وكان الهدف من ذلك إرسال رسائل سياسية داخلية وخارجية للتأكيد على تأسيس الجمهورية التركية وقيامها.
ويضيف الكاتب أن تلك السنوات كانت سنوات صعبة جدا على الأتراك، من الناحية العسكرية والدبلوماسية، لكن عزم الشعب التركي خلال تلك العملية، وتعامله الذكي مع حساسيات تلك المرحلة، قاداه إلى تحقيق نجاحات واسعة توّجت بتأسيس الجمهورية التركية. ولم تكن تركيا بعد تلك المرحلة تواجه الدول الغربية مباشرة، بل كانت تواجه تحديات حرب وكالة تقودها اليونان باسم الغرب.
ويعتقد الكاتب أن هناك كثيرا من أوجه التشابه بين ما مرت به تركيا قبل مئة عام وما يحدث الآن، وبين القوى العالمية التي كانت في تلك المرحلة، فقد استفاد أتاتورك من الخلاف القائم بين الاتحاد السوفيتي والدول الغربية، وحصل على دعم السوفيت.
ونقل الكاتب عن أتاتورك تأكيده في مذكراته أنّ “المساعدات والدعم القادم من الاتحاد السوفيتي أسهم بصورة كبيرة في تحقيق الانتصار وتأسيس الجمهورية. ولهذا السبب، على الشعب التركي ألا ينسى ما قدمه السوفيت من دعم مادي ومعنوي لهم”.
وأوضح أن أردوغان يقود حاليا الجمهورية التركية في خضم الفوضى التي يشهدها الشرق الأوسط، حيث استفاد من الخلاف القائم بين روسيا والولايات المتحدة من خلال الحصول على السلاح الروسي المتمثل في أسلحة “أس-400”.
وأكد الكاتب أونلو أن أردوغان يحاول قيادة هذه المرحلة الحساسة من تاريخ الجمهورية التركية إلى بر الأمان، للاحتفال بمرور مئة عام على النصر العظيم بتأسيس مستقبل مشرق للشعب التركي، فهل يعيد التاريخ نفسه؟
المصدر : الصحافة التركية