بُعيد يوم واحد من قبول استقالة رئيس الحكومة العراقية عادل عبد المهدي داخل البرلمان وبدء البحث عن رئيس حكومة جديد، يتحدث سياسيون ومسؤولون عراقيون عن سيناريوهات أخرى لا علاقة لها باسم رئيس الحكومة الجديد أو شكل الحكومة.
ويعبر المتظاهرون العراقيون، من جهتهم، عن عدم اكتفائهم بإسقاط الحكومة عبر رفع يافطة عريضة في ساحة التحرير كتبت عليها عبارة “نقول لهم السيارة خربانة (عاطلة) فيستبدلون السائق!).
ويؤكد مراقبون وسياسيون بأن ردود المتظاهرين تشير إلى أن مطلبهم إسقاط ما تبقى من الرئاسات، في إشارة الى رئاستي البرلمان والجمهورية.
في المقابل، تشير الأوضاع داخل المنطقة الخضراء نفسها إلى فشل التوافق على اختيار رئيس وزراء جديد وأعضاء حكومة، مما سيجعل من التوجه نحو انتخابات تشريعية مبكرة أفضل من استمرار أزمة خانقة تبدو فيها اللمسات الإيرانية واضحة مع الحديث عن وصول زعيم فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني إلى العراق ولقائه زعماء وقيادات سياسية للبحث عن بدلاء لإعضاء الحكومة بما يضمن مصالح إيران أولا.
ويتخوف الإيرانيون على المكاسب التي حققوها في ظل حكومة عادل عبد المهدي، والتي من أبرزها اتفاقية ترسيم شط العرب، التي تصب في مصلحة إيران جملة وتفصيلا، واتفاقية حقول النفط المشتركة بين البلدين، واتفاقية إنشاء طريق طهران دمشق عبر العراق، واتفاقيات تجارية مختلفة عرفت باسم التبادل التجاري، لكن حقيقتها تتمثل في توريد البضائع من اتجاه واحد، من إيران للعراق كون العراق حاليا لا يملك غير النفط لتصديره.
وعلاوة على ذلك، ألغت الاتفاقية تأشيرات الدخول إلى العراق ورسومها البالغة 40 دولارا على كل إيراني، مما حرم العراق سنويا من نحو 250 مليون دولار كعائدات للسياحة الدينية للمراقد المقدسة في النجف وكربلاء. كما عززت الاتفاقية أيضا من نفوذ الحشد الشعبي في مؤسسات الدولة.
قيادي بارز في “تحالف سائرون”، الذي يتزعمه مقتدى الصدر قال لـ”العربي الجديد”، إن إسقاط الحكومة منح حماسة إضافية للمتظاهرين ودفعهم للاستمرار أكثر نحو إسقاط باقي الرئاسات والتوجه صوب انتخابات مبكرة.
وتابع “قد يلجأ البرلمان إلى تبطيء إقرار قانون الانتخابات الجديد كونه يعلم أن إقراره قد يعجل أكثر بالذهاب صوب عقد انتخابات مبكرة، فمن غير المطروح إجراء انتخابات بالقانون القديم البائس”، مشيرا إلى أن استمرار التظاهرات سيعجل بالمصادقة على القانون وأن فشل التوصل لاتفاق على اسم رئيس الوزراء الجديد قد يقود لأزمة تعجل من الانتخابات المبكرة.
واستدرك قائلا إن “برهم صالح ومحمد الحلبوسي جاءا بصفقة واحدة مع عبد المهدي، لذا من المفترض أن يرحلوا معا وقد يحصل ذلك”.
وقال النائب عن تحالف “الفتح” محمد الدراجي لـ”العربي الجديد”، إن “الجميع اليوم بحاجة إلى البرلمان من أجل إقرار القوانين المهمة وأبرزها قانون الانتخابات وقانون المفوضية العليا للانتخابات”.
ويضيف النائب عن التحالف الذي يعد أكثر قربا من إيران “إذا أراد البرلمان أن يحل نفسه، وهذا هو الإطار الدستوري، فإن رئيس الجمهورية يجب أن يُقال من قبل البرلمان بالأغلبية المطلقة قبل أن يحل البرلمان نفسه”.
من جهته، قال النائب عن تحالف القوى العراقية في البرلمان، يحيى المحمدي، إن الحديث عن حراك لإقالة رئيس الجمهورية وحل البرلمان لا وجود له، مبينا أنه لا يمكن الذهاب إلى هذا الاتجاه لأنه سيسبب فراغا دستوريا وسيدخل البلد إلى “حالة اللادولة”، مشيرا إلى أن جميع الجهود تصب في تسمية شخص آخر لقيادة السلطة التنفيذية.
ويؤكد الناشط المدني العراقي البارز علي البياتي، من ساحة التحرير في بغداد، أن مطالب المتظاهرين، منذ بداية الانتفاضة، تتمثل في إنهاء حالة الفشل المزمن منذ 16 عاما، وحل الرئاسات الثلاث واعتماد قانون انتخابات واضح ومباشر وإجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة بعيدا عن سلطة الأحزاب ومحاصصتها الطائفية.
وأضاف لـ”العربي الجديد” أن “استقالة الحكومة مجرد بداية وننتظر رئيس الجمهورية والبرلمان أن يتجهوا لذلك وتشكيل حكومة طوارئ تقود البلاد لعدة أشهر قبل إجراء الانتخابات”.