بغداد- شن وكلاء إيران حملة شرسة طالت الرئيس العراقي برهم صالح وصلت إلى حد تخوينه بسبب رفضه قبول مرشحين مدعومين من طهران لرئاسة الحكومة ورفضه الخضوع لامتلاءات إيران وأذرعها السياسية في العراق.
واتهم تحالف “البناء” العراقي، الخميس، رئيس البلاد برهم صالح، بـ”خرق الدستور والحنث باليمين”، داعياً البرلمان إلى اتخاذ الإجراءات القانونية بحقه على خلفية ذلك.
وتحالف “البناء” يقوده الثنائي الشيعي المقرب من إيران، رئيس الوزراء الأسبق زعيم ائتلاف “دولة القانون” نوري المالكي، وزعيم تحالف “الفتح” هادي العامري.
وفي وقت سابق الخميس، اعتذر الرئيس العراقي برهم صالح عن تكليف مرشح تحالف “البناء” محافظ البصرة الحالي أسعد العيداني، بتشكيل الحكومة الجديدة، وقال إنه يفضل الاستقالة على تكليف مرشح لا يحظى بتأييد المتظاهرين.
ويقول مقربون من صالح إن الرئيس يفضل الإصغاء لصوت الجمهور في هذه المرحلة، برغم التهديدات الإيرانية الكبيرة التي يطال بعضها حياته وأفراد أسرته.
ويرى مراقبون أن صالح نجح في تسديد ضربة مفاجئة للأحزاب وللبرلمان في الوقت نفسه، وبدا واضحا أن الرئيس العراقي قد اختار أن يقف مع الشعب وذلك ما ورد في رسالته التي قد يسعى البرلمان إلى تأجيل النظر في استقالته إلى أن تجد الأحزاب مخرجا لها من تلك التداعيات، وهو ما يمكن التكهن بصعوبته.
وقال التحالف إنه قدم “الأدلة الثبوتية التي لا تقبل الشك باعتبارنا الكتله النيابية الأكثر عددا، والتي اعتمدناها في تقديم مرشحنا لرئيس الجمهورية الذي كان قد تعهد بتكليفهِ بتشكيل الحكومة”.
وأضاف “لكننا فوجئنا بإصرار رئيس الجمهورية على مخالفة الدستور وعدم تكليف مرشح الكتلة الأكبر، بحجة رفض المرشح من بعض الأطراف السياسية”.
وتابع: “نجدد التزامنا التام بالسياقات الدستورية، ونرفض بشكل قاطع أي تبريرات أو عملية التفاف على الدستور”.
وقال إن “انتهاك الدستور من الجهة التي يفترض أن تكون حامية له، يعني دفع البلاد إلى الفوضى التي لاتخدم سوى الجهات الأجنبية التي تتربص الشر بالعراق وشعبه الذي يرفض بقوة الاملاءات من أية جهة كانت، وفرض سياسة الأمر الواقع ولي الأذرع وتجاوز المؤسسات الدستورية”.
وتابع التحالف الذي يشغل نحو 150 من أصل 329 مقعداً في البرلمان، بالقول، إن “مخالفة الدستور ورفض تكليف رئيس الوزراء وفق السياقات الدستورية، سيؤدي إلى نتائج تتنافى مع مطالب المتظاهرين وعموم الجماهير في تحقيق الأمن والاستقرار لتبدأ عملية تنفيذ مطالب المتظاهرين السلميين”.
وأردف: “على مجلس النواب اتخاذ الاجراءات القانونية بحق رئيس الجمهورية لحنثه باليمين وخرقه للدستور”.
من جانبها شنت “كتائب حزب الله” العراقية المقربة من إيران، هجوما حادا على الرئيس برهم صالح، بعد رفضه تكليف مرشحي كتلة “البناء” الثلاثة لرئاسة الحكومة.
وذكرت الكتائب (منضوية ضمن الحشد الشعبي)، في بيان، أن البلاد دخلت في أزمةٍ خانقةٍ “أحدُ أسبابِ تعقيدِها التعاملُ المريبُ لرئيسِ الجمهوريةِ، بخرقِهِ الدستورَ بعد رفضِهِ أداءَ مهمّتِه وواجبِه الدستوريّ بتكليفِ الشخصيةِ التي ترشّحُها الكتلةُ الأكبرَ لرئاسةِ الوزراءِ”.
واتهم البيان، صالح، “بالخضوع للإملاءاتِ الأميركيّةِ، ولضغوطِ أطرافٍ مشبوهةٍ تعملُ على استغلالِ التظاهراتِ لفرضِ إرادتها”.
وطالبت الكتائب، القوى السياسية، بالتصدي لما وصفته بـ”التصرفاتِ غيرِ المسؤولةِ لرئيسِ الجمهوريةِ بعد خرقِهِ الدستورَ”.
ودعت للإسراعِ باختيارِ شخصيةٍ وطنيةٍ مقبولةٍ وغيرِ جدليّةٍ لرئاسةِ الحكومةِ، وعدمِ السماحِ لأيّ طرفٍ بأن يفرضَ شخصيات معروفة بعمالتِها للأميركيّ”.
والعيداني ثالث مرشح يقدمه تحالف “البناء”، بعد أن رفض صالح تكليف مرشحين آخرين كانا لا يحظيان بتأييد المتظاهرين، وهما عضو البرلمان محمد شياع السوداني، ووزير التعليم العالي في الحكومة المستقيلة قصي السهيل.
والخميس الماضي، انتهت المهلة الدستورية لتكليف مرشح لتشكيل الحكومة المقبلة، إلا أن رئاسة الجمهورية حددت الأحد الماضي، آخر يوم للمهلة، وذلك من دون احتساب أيام العطل ضمن المهلة الرسمية.
وأعلن أعضاء في البرلمان العراقي من كتل سياسية مختلفة، رفضهم لاستقالة رئيس الجمهورية برهم صالح، من منصبه.
ودعا النواب، الرئيس صالح، إلى تحمل المسؤولية القانونية والدستورية في المرحلة الحالية.
وقال النائب عبود العيساوي، عضو ائتلاف دولة القانون خلال مؤتمر صحفي مع نواب كتل سياسية مختلفة، إنه “في هذا الظرف العصيب وفي أجواء المطالبات التي تنادي بها جموع المتظاهرين في عموم العراق بالإصلاح ومحاربة الفساد، والالتزام بالقيم والدستور، هناك تصارع إرادات في تشخيص من يكلف في رئاسة الحكومة القادمة”.
وأضاف العيساوي، “في هذه الأجواء نقول لرئيس الجمهورية إن المصلحة العليا تحتم عليه كونه حامي الدستوري بالعدول عن الاستقالة وتحمل المسؤولية القانونية والدستورية في هذه المرحلة الخطيرة”.
وتابع، “ليسمع الجميع أننا نرفض هذه الاستقالة، وسنكون عون لرئيس الجمهورية لإكمال المسيرة”.
وثمن المحتجون العراقيون، الخميس، موقف الرئيس برهم صالح، الرافض لتكليف مرشح تحالف “البناء” أسعد العيداني، لمنصب رئيس الوزراء وأكدوا في هتافات رددوها بأن رئيس الوزراء لن ولن يكون سياسيا.
وفي محافظة البصرة (جنوب)، أكد المحتجون أن موقف الرئيس جاء متماشيا مع الواجب الوطني والأخلاقي الذي تحلا به برهم صالح.
وقال جمال الناصري، أحد المتظاهرين إن “الرئيس العراقي بموقفه ورفضه تكليف العيداني، لتشكيل الحكومة جنب البلاد فوضى لا يحمد عقباها”.
من جهته، قال أيهاب الجميلي، أحد منسقي احتجاجات ديالى في تصريحات صحفية إن “ممثلين عن تنسيقيات الاحتجاجات في المحافظات أوصلوا رسالة الى الرئيس صالح، وحذروه من خطورة تكليفه لأي مرشح حزبي لرئاسة الوزراء”.
وأوضح الجميلي، أن “الرسالة كانت واضحة من أن أي تكليف لمرشح حزبي سيجعل الأمور تخرج عن السيطرة”.
وأشار إلى أن “الرئيس كان موقفه مؤيدا للشعب”.
وشهدت ساحات الاعتصام في محافظات الديوانية والنجف وكربلاء والمثنى وميسان وذي قار وواسط، الواقعة وسط وجنوبي وشرقي البلاد، الخميس، احتفالات بسبب رفض الرئيس تكليف العيداني لمنصب رئيس الوزراء.
وأجبر المحتجون حكومة عادل عبد المهدي على الاستقالة، مطلع ديسمبر الجاري، ويصرون على رحيل ومحاسبة كل النخبة السياسية المتهمة بالفساد وهدر أموال الدولة، والتي تحكم منذ إسقاط نظام صدام حسين عام 2003.
كما يطالب المتظاهرون باختيار مرشح مستقل نزيه لا يخضع للخارج وخاصة إيران يتولى إدارة البلد لمرحلة انتقالية تمهيداً لإجراء انتخابات مبكرة.
العرب