اتخذت الولايات المتحدة الأميركية، عقب تسارع الأحداث وارتفاع منسوب التهديد، خلال الـ12 ساعة الماضية، إجراءات عسكرية جديدة وغير مسبوقة، بهدف تأمين قواعدها والمنشآت التابعة لها، بما فيها السفارة في بغداد.
وفيما انطوى على بعض هذه الإجراءات الطابع الهجومي، حذّر خبراء أمن عراقيون من أن رفع التحالف الدولي غطاءه الجوي عن القوات العراقية، سيزيد من فرص سقوط ضحايا من القوات العراقية، لما كانت توفره مقاتلات التحالف من دعم جوي لا يقتصر على الضربات الجوية السريعة، بل على الصور والمعلومات الجوية التي تجري تغذية القوات العراقية بها على مدار الساعة.
وتأتي هذه الإجراءات والتهديدات عقب عملية اغتيال قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري الإيراني”، قاسم سليماني، بغارة أميركية فجر الجمعة قرب مطار بغداد.
وكشف مسؤول في وزارة الدفاع العراقية ببغداد، لـ”العربي الجديد”، أنّ “الإجراءات الأميركية لم تقتصر فقط على القواعد العسكرية والمنشآت الأخرى التي يوجد فيها رعايا أميركيون، بل شهدت الأجواء العراقية تحليقاً مكثفاً لطائرات مراقبة دون طيار، غطت مساحات واسعة في محيط تلك القواعد والمنشآت، وخاصة في الأنبار وبغداد وصلاح الدين والبصرة”.
وأوضح المسؤول أن “الأميركيين اتخذوا إجراءات تتعلق بوضع الجنود والمتعاقدين الأميركيين في القواعد العراقية بملاجئ محصنة يمكن الوصول إليها بسرعة مع أي هجوم صاروخي، كذلك حُصِّنَت غرف مبيت الجنود، ومنشآت أخرى داخل تلك القواعد، وقيدوا الوصول إلى تلك القواعد بالنسبة إلى غير الأميركيين”.
وبين أنّ “القوات الأميركية أخطرت العراق بأنها لن تنتظر الهجوم على جنودها، وستتعامل وفقاً لهجمات الردع الاستباقية في حال رصد أي محاولة استهداف بالصواريخ لقواعدها”.
وخلال الأيام الثلاثة الماضية، تعرضت ثلاثة مواقع عسكرية عراقية تستضيف قوات أميركية لهجمات بواسطة صواريخ “الكاتيوشا” نفذتها جماعات يعتقد أنها تابعة لفصائل مرتبطة بإيران، استهدفت السفارة الأميركية في بغداد ومعسكر التاجي شمالي العاصمة، إضافة إلى قاعدة بلد الجوية في محافظة صلاح الدين شمالي العراق.
ويرصد عراقيون في مناطق مختلفة من غرب وشمال العراق والجزء الغربي من بغداد، منذ أمس الأول السبت، تحليقاً متفرقاً لطائرات أميركية مسيَّرة وأخرى مروحيات فوق المناطق المحيطة بمطار بغداد الدولي.
واليوم الاثنين، أعلن المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة، اللواء عبد الكريم خلف، ما وصفه بـ”البدء بإعداد آلية لإخراج القوات الأجنبية من الأراضي العراقي”، مبيناً أن قوات التحالف الدولي سيقتصر عملها على التدريب والتسليح والمشورة فقط.
وأكد خلف، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، أن “الحكومة العراقية أعدّت آلية للبدء بإخراج القوات الأميركية من العراق، فيما سيقتصر عمل قوات التحالف الدولي على المشورة والتسليح والتدريب فقط، وقواته المسلحة ستخرج”، مشيراً إلى أن “الحكومة العراقية قيدت حركة التحالف الدولي برياً وجوياً ولا يسمح لهم بالحركة”.
وأضاف أن “الأميركان قاموا بعمليات فردية دون علم القيادة العامة للقوات المسلحة”، مشدداً على أن “الضربات الأميركية الأخيرة حماقة لا يمكن السكوت عنها”.
ورأى أن “تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالعقوبات غير صحيحة، وستتعاون الحكومة العراقية مع الأميركان اقتصادياً”، لافتاً إلى أن “دولاً أجنبية رفضت أي عقوبات مفترضة على العراق”.
في المقابل، تساءل عضو البرلمان العراقي السابق، انتفاض قنبر، في اتصال هاتفي من واشنطن مع “العربي الجديد”، قائلاً: “هل رأيتم دولة في العالم ترفض مساعدات لمحاربة الإرهاب فيها، أو تقديم مساعدات عسكرية مجانية لها؟”، معتبراً أنّ “الولايات المتحدة والدول الغربية ستتردد في مساعدة العراق والوقوف معه عسكرياً في المستقبل، وأن التطورات الأخيرة تضع شرعية العملية السياسية في العراق على المحك”.
العربي الجديد