إعادة العراق للبند السابع والعقوبات الدولية لمصلحة من؟!

إعادة العراق للبند السابع والعقوبات الدولية لمصلحة من؟!

الباحثة شذى خليل*

خلال جلسةٍ طارئة للبرلمان العراقي الذي لم يدرك أهمية وضع العلاقة الاقتصادية والأمنية مع أميركا في الاعتبار، والتحالف بقيادة واشنطن، في مواصلة قتال تنظيم داعش الإرهابي ودحره، أنه مصلحة مشتركة لأميركا والعراق، حيث لم يرى البرلمان سوى إرضاء إيران والخضوع الى إرادتها، إثر مقتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، بضربة جوية أميركية في بغداد يوم الجمعة الماضي، الجلسة نقلت مباشرة عبر شاشة القناة الرسمية للدولة، وبحضور رئيس حكومة تصريف الأعمال عادل عبد المهدي، وصادق النواب على “إنهاء تواجد أية قوات أجنبية” على أراضي العراق، عبر المباشرة بـ”إلغاء طلب المساعدة” المقدم إلى المجتمع الدولي لقتال تنظيم “داعش” الإرهابي، وهذا ما أعلنه رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.

فيما أعلنت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية مورغان أورتاغوس، أن واشنطن “تشعر بخيبة أمل إزاء الإجراء الذي اتخذ في مجلس النواب العراقي (الأحد)، للبدء في العمل من أجل إنهاء وجود القوات الأميركية في العراق.وأشارت إلى أن بلادها تنتظر “مزيدًا من التوضيح بشأن الطبيعة القانونية”، للقرار، وتأمل في أن تعيد بغداد النظر فيه.
أورتاغوس، قالت: نحث الزعماء العراقيين بقوة على إعادة النظر في أهمية العلاقة الاقتصادية والأمنية المستمرة بين البلدين، واستمرار وجود التحالف العالمي لهزيمة داعش.
الانعكاسات المباشرة وغير المباشرة على الشارع العراقي بفرض العقوبات:

• شهدت بعض المحافظات العراقية، ارتفاعا في أسعار صرف الدولار مقابل الدينار العراقي، بعد ساعات على تهديد ترمب بفرض عقوبات على العراق، على الرغم من أن أسواق البورصة الرسمية في العراق غير خاضعة للتداول اليوم الاثنين، بسبب العطلة الرسمية بمناسبة ذكرى تأسيس الجيش العراقي، إلا أن بعض مكاتب الصيرفة في بغداد والمحافظات الجنوبية رفعت سعر بيع الدولار، والذي استقر على صرف سعر بيعه رسميا على (1215) دينار، وسعر شراء الدولار (1205) دينار، وفقا لما أغلقت عليه البورصة أمس الأحد، لكن بعض مكاتب الصيرفة العراقية رفعت سعره، إذ وصل في بعض مكاتب بغداد إلى (1230)، و (1250) في محافظة البصرة، مما سيؤدي الى انهيار سعر صرف الدينار العراقي بسبب شح العملات الأجنبية، وتوقف مزاد العملة للبنك المركزي العراقي، الذي يعتمد على تدفق الدولارات النفطية، مما سيؤدي الى عدم الاستقرار النقدي والى اضطراب الاسعار وارتفاعها.
• ثمة احتمال كبير في ان تجمد الولايات المتحدة عائدات النفط العراقية التي تمر من خلال البنك الفدرالي الامريكي الى العراق، فضلا عن إمكانية تجميد استثمارات العراق في سندات الخزانة الامريكية التي تبلغ (32.7) مليار دولار، وتجميد أرصدة العراق الأخرى في المصارف والمؤسسات المالية الامريكية، وستتراجع أهمية العراق الدبلوماسية بشكلٍ كبير، وقد يتوقف التعاون الاقتصادي أيضا “على سبيل المثال، حماية الولايات المتحدة للأصول العراقية من الدعاوى القضائية، وقدرة العراقيين على إجراء معاملات بالدولار الأميركي”.
• تراجع كبير في الاحتياطيات النقدية العراقية في البنك المركزي العراقي، التي تعتمد على تدفق أموال النفط، ومن ثم تآكل القدرة في الدفاع عن سعر صرف الدينار العراقي.

• إن “العراق سيخسر من ناحية المعلومات الاستخبارية والاستطلاع العميق المقدم مجاناً من الولايات المتحدة للعراق، وبرامج التدريب الخاصة بالقوات العراقية، والتي هي ضمن منحة لبرنامج المبيعات الخارجية للأسلحة الأميركية للعراق، وبالمقابل سيؤثر على عملية إصلاح القطاع الأمني من حيث الخبرات الجديدة في بناء القدرات والاستعانة بالنماذج الجديدة، وهذا بالتالي سيطور القوات المسلحة، لكن سنفقد هذه الفرصة في حال خروج القوات الاستشارية الأجنبية”.

• تدمير البيئة الاستثمارية في العراق، وسيصبح العراق طاردا للاستثمار، وستحجم العديد من الشركات العالمية عن الاستثمار في العراق بسبب حالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي التي تسود البلد.
• تراجع كبير في موازنة 2020 بسبب الانخفاض الكبير في الإيرادات العامة من جهة، وتوقف المؤسسات الدولية والأمريكية عن إقراض العراق، والتي تعد أحد المصادر المهمة لتمويل عجز الموازنة العراقية.
• تراجع كبير في القدرة الإنتاجية والتصديرية للنفط الخام، بسبب الانسحاب المتوقع للشركات الامريكية والاجنبية عموما، العاملة في حقول عقود التراخيص، فضلا عن توقف المشاريع الرامية الى تطوير صناعة الغاز والبنية التحتية لقطاع النفط العراقي.
• انخفاض حاد في حجم التجارة الخارجية العراقية لكل من الصادرات والواردات الممولة أساسا من العائدات النفطية، وهو ما سيؤدي الى ارتفاع هائل في مستويات أسعار السلع والخدمات، والى تراجع إيرادات البلد من الموانئ والمنافذ الحدودية.
• عجز الدولة في توفير رواتب الموظفين والمتقاعدين والمشمولين بشبكة الحماية الاجتماعية التي تعتمد بنسبة 87% على العائدات النفطية، والتي من المؤمل ان تزداد هذه الرواتب بمقدار 12.30 ترليون دينار في موازنة 2020 لتنفيذ حزم الاصلاح الحكومية والبرلمانية.

• من المتوقع ان تلغي الولايات المتحدة الاستثناء الممنوح للعراق باستيراد الغاز والكهرباء من إيران، مما سيؤثر سلبيا على تجهيز المواطنين بالطاقة الكهربائية.
• الخسائر الكبيرة التي سيتعرض لها القطاع المصرفي العراقي بسبب العقوبات الامريكية المحتملة عليها.
• سيلزم العراق بدفع مبالغ تقدر بمليارات الدولارات الى الولايات المتحدة مقابل إخلائها لقواعدها العسكرية على أراضيه.

• تدمير الاقتصاد العراقي في جميع قطاعاته، الزراعة والصناعة والبناء والنقل، مما سيفاقم من مشاكله.
• ولا ننسى الضرر الكبير الذي سيلحق بالاقتصاد الإيراني الذي يخضع الى عقوبات أمريكية، والتحايل على تلك العقوبات بالاعتماد على الاقتصاد العراقي، إذ تصدر إيران للعراق سلعا بقيمة 18- 19 مليار دولار سنويا تسهم الى حد كبير في تخفيض حدة العقوبات الامريكية.

• توقف تدفق النفط الإيراني عبر العراق، والى تراجع أعداد السائحين العراقيين الى إيران، مما يحد من تدفق العملات الاجنبية الى إيران، وكذلك توقف المشتقات النفطية التي تستوردها سوريا من إيران عبر العراق، فضلا عن توقف جميع المشاريع والأنشطة التي تخدم الاقتصاد الإيراني سواء في العراق او سوريا.

• وحسب معلومات خاصة لمركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية، اليوم، تؤكد خروج الدعم اللوجستي الأمريكي الذي يتضمن مهندسين وشركة لوكد مارتن والشركات الأمنية جميعها من قاعدة البلد وقاعدة المثنى وقاعدة القيارة، وانسحابها الى قطر واربيل، مما يعني عدم وجود صيانة للطائرات وجميع المعدات العسكرية بعد اليوم.
ومن خلال تغريدات على تويتر للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي تؤكد بعدم السماح لأي قرار سواء من الجانب العراقي او الإيراني بلي ذراع أمريكا.

ويمكن اعتبار قرار مجلس النواب العراقي نوعا من التهدئة التي توحي بأن إيران اكتسبت شيئا مقابل خسارتها، إضافة إلى أن الولايات المتحدة لن تخسر شيئا حين تقوم بتجزئة وجودها العسكري بين قواعد عراقية وأخرى تقع داخل كردستان.

وحدة الدراسات الاقتصادية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية