ارتفع عجز الموازنة الفيدرالية للولايات المتحدة في الربع الأول من السنة المالية، التي بدأت أول أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بنسبة 12%، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، تمثل نحو 39 مليار دولار، ليصل العجز إلى 358 مليار دولار، بعد مضيّ ثلاثة أشهر فقط من السنة.
هذا النمو في حجم العجز يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول تغنّي الرئيس دونالد ترامب بـ”قوة” اقتصاد أميركا، وهي على وشك دخول صراع عسكري مع إيران، بعد اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني، بموازاة تقدّم المفاوضات التجارية مع الصين.
عملياً، تعهّد ترامب، يوم الأربعاء، بفرض مزيد من العقوبات على إيران، كجزء من حملة “الضغط الأقصى” ضدها. من المحتمل أن تستهدف هذه العقوبات شخصيات النظام الرئيسية وقطاع المعادن في البلاد، وفقًا لمصدر وكالة “بلومبيرغ”، وهو مطلع على خطط الولايات المتحدة. أما هدف هذه العقوبات فمواصلة الضغط على الاقتصاد الإيراني بعد مقتل سليماني.
ومن المرجح أن تستهدف العقوبات القطاعات غير النفطية في الاقتصاد الإيراني، وتندرج في خطة إدارة تم الكشف عنها سابقًا لتخفيض مصادر الإيرادات الأخرى الآن، بعد أن فرضت الولايات المتحدة قيودًا على صادرات النفط في البلاد، على حد قول المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه.
وأعادت الولايات المتحدة فرض عقوبات على إيران في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، بعدما انسحبت من الاتفاق النووي المبرم في العام2015 بين طهران وست قوى عالمية. وبهدف وقف مبيعات إيران من النفط بالكامل، أنهت واشنطن في مايو 2019 إعفاءات من العقوبات كانت منحتها لبعض مستوردي النفط الخام الإيراني.
وعلى خط آخر من الصراعات، قالت وزارة التجارة الصينية، الخميس، إن ليو خه، نائب رئيس الوزراء الصيني، رئيس فريق التفاوض في المحادثات التجارية بين واشنطن وبكين، سيوقع اتفاق “المرحلة واحد” في واشنطن الأسبوع القادم.
وأعلن قاو فنغ، المتحدث باسم وزارة التجارة إن ليو سيزور واشنطن في الفترة من 13 إلى 15 يناير/كانون الثاني. وأبلغ قاو الصحافيين في مؤتمر صحافي دوري أن فريقي التفاوض من الجانبين ما زالا على اتصال وثيق بشأن ترتيبات محددة للتوقيع.
وكان ترامب قال، في 31 ديسمبر/كانون الأول، إن اتفاق المرحلة واحد مع الصين سيُوقع في 15 يناير في البيت الأبيض. كما شرح ترامب أنه سيوقع الاتفاق مع “ممثلين على مستوى رفيع للصين”، وإنه سيسافر في وقت لاحق إلى بكين لبدء محادثات المرحلة التالية.
وبموجب الاتفاق، الذي أعلن في 13 ديسمبر/كانون الأول، وافق ترامب على تعليق خطط لرسوم جمركية جديدة على الواردات الصينية وخفض بعض الرسوم الحالية، في حين وافقت بكين على زيادة المشتريات الزراعية من أميركا.
ولم يتم الكشف عن الشروط الدقيقة للاتفاقية. وقال الممثل التجاري الأميركي روبرت لايتيزر، إنه يتوقع أن يتم نشر المستند المؤلف من 86 صفحة بشكل عام بعد التوقيع عليه.
لكن مسؤولون أميركيون وصينيون أكدوا أن الاتفاق يشمل بنوداً تتطرق إلى حماية الملكية الفكرية والمنتجات الغذائية والزراعية والخدمات المالية والعملات الأجنبية، إضافة إلى بند مرتبط بحل النزاعات. وخفّض ترامب بدوره أو ألغى بعض الرسوم الجمركية التي كان فرضها على الصين.
وتهدئ هذه الخطوة، مؤقتًا على الأقل، المخاوف من حرب تجارية متصاعدة بين أكبر اقتصادين في العالم، في وقت يشعر فيه المستثمرون بالقلق إزاء الصراع في الشرق الأوسط وارتفاع أسعار النفط.
وبخصوص مؤشرات الاقتصاد الأميركي، فقد أظهر تقرير المراجعة الشهري، الصادر عن مكتب الموازنة التابع للكونغرس، والذي تم الإعلان عنه يوم الأربعاء، أن إيرادات الحكومة الفيدرالية ارتفعت خلال الفترة بنسبة 5%، لتصل إلى 806 مليارات دولار، بينما بلغت نسبة الارتفاع في النفقات 7%، لتصل بها إلى 1.164 مليار دولار.
وبعد توافق بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، استحوذت برامج الإنفاق العسكري على أكبر نسبة ارتفاع، وبلغت 10%، تمثل 16 مليار دولار.
وفي حين أرجع المكتب، الذي يعد الذراع البحثية لمشرّعي القوانين الأميركية، نسبة كبيرة من الزيادة في العجز إلى التبكير بالوفاء ببعض الالتزامات المستحقة أول أيام العام، كونه عطلة رسمية في الولايات المتحدة، لم تكن تلك النقطة مؤثرة على نسبة ارتفاع العجز، بعد أن اضطرت الحكومة الفيدرالية إلى فعل الشيء نفسه في العام السابق، وبالتالي لن يأتي تعديل أرقام العامين بالكثير، فيما يخص نسبة الارتفاع في العجز.
وتزامن إعلان مكتب الموازنة العامة عن أرقام عجز الموازنة الفيدرالية عن الربع المنتهي مع وصول الدين القومي (العام) الأميركي إلى 23 تريليون دولار، يمثل 107% من الناتج المحلي الأميركي، وهو أعلى مستوى تشهده البلاد خلال العقود السبعة الأخيرة.
وفي حين بلغت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي الأميركي أعلى مستوياتها على الإطلاق في عام 1946، بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وكانت 121.7%، توقع المكتب أن يتجاوز حجم الدين العام في عام 2029 مستوى 29 تريليون دولار، الأمر الذي يرجح ارتفاع تلك النسبة بصورة كبيرة عن المستويات الحالية.
شريف عثمان
العربي الجديد