هدّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، من جديد، بفرض رسوم عقابية على قطاع السيارات الأوروبي، وذلك بعد تهديد مماثل من وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين، ما ألقى بظلال سلبية على أسواق النفط، التي تتخوّف من اندلاع توترات تجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ما يقوض النمو العالمي، بينما لا تزال جبهة الصراع الأميركي مع الصين نشطة رغم الاتفاق الجزئي على التهدئة.
وقال ترامب في مقابلة مع قناة فوكس نيوز الأميركية، الأربعاء، على هامش مشاركته في منتدى دافوس الاقتصادي في سويسرا، إن “التفاوض مع الاتحاد الأوروبي أصعب من التفاوض مع أي طرف آخر، لقد استفادوا من بلدنا على مدى سنوات عديدة”.
وأضاف: “في نهاية المطاف، الأمر بسيط، فإذا لم نتمكن من التوصل إلى اتفاق تجاري (مع الاتحاد الأوروبي)، سنفرض رسوماً جمركية بنسبة 25 في المائة على سياراتهم”.
يأتي ذلك بعدما أعلن وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين، الأربعاء، من منتدى دافوس، الذي افتتح أعماله، الثلاثاء الماضي، ويستمر أربعة أيام، أن الولايات المتحدة تنظر في فرض رسوم جمركية عقابية على قطاع السيارات الأوروبي، في حال فرض الأوروبيون ضرائب “تعسفية” على الشركات الرقمية الكبرى.
وجاءت هذه التصريحات رغم لقاء بين ترامب، الثلاثاء، على هامش المنتدى، ورئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لايين، قال خلاله الطرفان إنهما يعملان باتجاه التوصل إلى اتفاق تجارة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وصدور تصريحات إيجابية من البيت الأبيض عقب الاجتماع.
وتعد مصانع السيارات الألمانية الأكثر تضرراً حال تنفيذ ترامب تهديده بفرض الرسوم العقابية، وفق تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي نهاية العام الماضي.
وذكر البيت الأبيض في بيان أن “الرئيس ترامب جدد التأكيد على أهمية التجارة الحرة والنزيهة والمتبادلة، وأن الولايات المتحدة تتوقع إحراز تقدم ملموس باتجاه إبرام اتفاق تجارة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في المستقبل القريب”.
وتسعى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منذ 2017 للتوصل إلى اتفاق تجاري، إلا أن جهودهما تعطلت. وجاءت محادثات ترامب مع الأوروبيين بعدما أعلنت باريس هدنة مع واشنطن بشأن خططها فرض ضرائب على شركات التكنولوجيا الأميركية التي تحقق عائدات في فرنسا، وفي طليعتها غوغل وآبل وفيسبوك وأمازون.
وهدد ترامب بالرد على ذلك بفرض رسوم جمركية على منتجات فرنسية، بينما قال الاتحاد الأوروبي في ديسمبر/ كانون الأول الماضي إنه سيرد بشكل “موحّد” على تهديدات واشنطن بفرض رسوم جمركية على منتجات فرنسية.
وأرجأ البيت الأبيض مراراً قراراً بشأن الرسوم الجمركية التي هدد بها ترامب كأداة ضغط في المفاوضات. وانزلق قطاع الصناعات التحويلية في أوروبا إلى الركود العام الماضي 2019، فيما يرجع إلى حد كبير إلى انحسار طلب التصدير على السيارات، وهو ما يزيد الضغوط على مسؤولي الاتحاد للتوصل إلى اتفاق مع واشنطن.
وأثار التهديد غضباً واسعاً لدى العديد من المسؤولين الأوروبيين وشركات صناعة السيارات، إذ يعد القطاع مصدراً رئيسياً للتوظيف في الاتحاد الأوروبي.
ويبدو أنه لا يستخدم التهديد بورقة الرسوم الجمركية من أجل دفع فرنسا إلى التراجع عن فرض ضرائب على الشركات الرقمية الأميركية فحسب وإنما أيضاً لاستمالتها في الوقوف بجانب واشنطن ضد إيران.
فقد ذكرت صحيفة واشنطن بوست، في وقت سابق من يناير/ كانون الثاني الجاري، أن إدارة ترامب هددت بفرض الرسوم، إذا لم تتهم بريطانيا وفرنسا وألمانيا رسمياً إيران بخرق الاتفاق النووي لعام 2015.
وانعكست التوترات الحالية بين أميركا والاتحاد الأوروبي على سوق النفط. وتراجعت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت تسليم مارس/ آذار المقبل إلى نحو 64.3 دولاراً للبرميل. كذلك انخفضت العقود الآجلة للخام الأميركي غرب تكساس الوسيط تسليم ذات الشهر إلى نحو 58 دولاراً للبرميل.
وتتزايد المخاوف من تضرر النمو العالمي من التوترات التجاري، حيث تشير مؤسسات مالية دولية إلى أن الاتفاق التجاري الجزئي، الذي وقعته الصين مع الولايات المتحدة في واشنطن، منتصف الشهر الجاري، لا يكفل هدنة كاملة بين أكبر اقتصادين في العالم.
لكن وزير الخزانة الأميركي قال على هامش مشاركته في دافوس إن هذا الاتفاق، إلى جانب اتفاقات مع المكسيك وكندا، سيدعم الاقتصاد الأميركي الأكبر في العالم خلال العام الجاري 2020، وإن النمو سيتجاوز التوقعات، بما في ذلك توقعات صندوق النقد الدولي.
وكان الصندوق قد توقع في تقرير نشر، يوم الثلاثاء الماضي، أن تحقق الولايات المتحدة نمواً بنسبة 2 في المائة.
العربي الجديد