تسارع الشركات البريطانية والأوروبية إلى افتتاح مكاتب لها على ضفتي بحر الشمال لخدمة زبائنها البريطانيين والأوروبيين وذلك مع اقتراب موعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والمقرر يوم الجمعة 31 يناير/ كانون الثاني.
وكانت شركة “بوفيل” للاستشاريين التنظيميين للخدمات المالية قد أشارت في بيان صحافي يوم الاثنين إلى أن لندن ستظل عاصمة الخدمات المالية في أوروبا، وذلك بعد أن قررت أكثر من 1000 شركة أوروبية افتتاح مكاتب لها في العاصمة البريطانية.
وتكشف “بوفيل” تلقي هيئة الإدارة المالية البريطانية ما مجموعه 1441 طلب تراخيص مؤقتة من الشركات الأوروبية للعمل في بريطانيا بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي.
ويسمح نظام التراخيص المؤقتة لشركات السوق الأوروبية بالعمل في بريطانيا حتى حصولها على ترخيص دائم. ووفقاً للوضع الحالي، فإن 83 في المائة من الشركات التي طلبت التراخيص المؤقتة، وهو ما يعادل نحو ألف منها، لا تمتلك مكاتب في بريطانيا.
وتشير “بوفيل” إلى أن البيانات التي حصلت عليها تكشف أن 100 من هذه الشركات هي مصارف ستفتتح مكاتب لها في بريطانيا لأول مرة أو ستعزز من وجودها في بريطانيا.
ويقول مايكل جونسون، الاستشاري في “بوفيل” إن هذه الأرقام تعزز من فكرة أن العديد من الشركات ترى في بريطانيا المركز الرئيس للخدمات المالية الأوروبية. “إن ذلك تصويت بالثقة في قطاع الخدمات المالية البريطاني، ويحمل أخباراً جيدة لاقتصاد الخدمات البريطاني بشكل عام”.
ويتوقع أن تساهم هذه المكاتب الجديدة في تخفيف وطأة الهجرة المعاكسة من بريطانيا إلى الاتحاد الأوروبي، وخاصة أنها ستوفر عدداً من الوظائف في مختلف القطاعات. “يعني ذلك عملياً أن الشركات الأوروبية ستشتري مكاتب لها، وتوظف عاملين لديها وتستعين بخدمات الاستشاريين والقانونيين في بريطانيا”.
إلا أن توماس سامبسون من كلية لندن للاقتصاد يختلف مع هذه الرؤية في تصريح لـ”العربي الجديد”. ويقول سامبسون “سيعقد بريكست من قدرة عمل الشركات الأوروبية في بريطانيا والعكس صحيح. ونتيجة لذلك تمتلك شركات أوروبية عديدة دوافع لافتتاح مكاتب لها في بريطانيا”.
لكن من جهة أخرى، سيحمل بريكست الضرر للاقتصاد البريطاني، وهو ما سيردع الشركات الأوروبية عن افتتاح مكاتب بها في بريطانيا، بسبب تراجع القدرة الشرائية للمستهلك البريطاني.
ويشير سامبسون إلى أبحاث اقتصادية أجرتها الكلية اللندنية المرموقة، والتي تقول إن تأثير بريكست السلبي على الاقتصاد البريطاني سيكون أكثر أهمية، وخاصة أنه ومنذ الاستفتاء على الخروج من الاتحاد الأوروبي عام 2016، قد تراجعت مشاريع الاستثمار الأوروبية الجديدة في بريطانيا بنحو 11%، وهو ما يعادل خسارة 3.5 مليارات جنيه من الاستثمارات.
ويؤكد أن “لا دليل هنالك على أن التأثير الكلي لبريكست سيؤدي إلى زيادة الاستثمارات في بريطانيا”.
وفي الوقت ذاته، ارتفعت نسبة الاستثمارات البريطانية في الاتحاد الأوروبي 12%، ما يوحي بأن الشركات البريطانية تفتتح فروعاً لها في الاتحاد الأوروبي لتحافظ على وصولها للأسواق الأوروبية. ويقود هذا التحول الشركات الخدمية، وخاصة خدمات الأعمال والخدمات المالية. أما الاستثمار الصناعي فلم يتأثر بعد”.
ويضيف سامبسون “إن هذه التحولات في السلوك الاستثماري تعني وجود فرص عمل أقل في بريطانيا (والشركات الأجنبية عادة ما تخلق فرص عمل ذات مردود مالي أفضل من الشركات المحلية) ويكشف عن أن بريطانيا هي من ستتحمل عبء بريكست بشكل رئيس وليس الاتحاد الأوروبي”.
وكانت “بوفيل” قد أشارت إلى أن الشركات التي ستفتتح مكاتب لها في بريطانيا هي 228 من أيرلندا، و170 من فرنسا، و165 من قبرص، و149 من ألمانيا.
إياد حميد
العربي الجديد