تحت مسمى “ثورة العشرين” الثانية في العراق، انتهت المظاهرة التي دعا إليها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ضد الوجود العسكري الأميركي في البلاد، بمشاركة الآلاف من أتباعه ومؤيدي فصائل مسلحة أخرى توافدوا من محافظات جنوبية إلى منطقتي الكرادة والجادرية وسط العاصمة بغداد.
وعقب هذه المظاهرة، دعا الصدر إلى إلغاء كافة الاتفاقيات الأمنية بين العراق والولايات المتحدة لغياب التوازن فيها ولإقرارها بوجود احتلال للبلاد على حد قوله، مطالبا في الوقت نفسه بغلق الأجواء العراقية أمام العمليات العسكرية الأميركية.
بدوره، شكر الأمين العام لفصيل “عصائب أهل الحق” قيس الخزعلي زعيم التيار الصدري والمشاركين في المظاهرة المناهضة للوجود الأميركي، بينما توعد بإخراج هذه القوات من العراق رغم أنف الرئيس دونالد ترامب.
الشعارات
وشارك سياسيون وقادة فصائل في المظاهرة التي نظمت تحت حماية القوات العراقية وعناصر أمن الحشد ومسلحين تابعين للفصائل. وشوهد مئات من المشاركين في المظاهرة وهم يلبسون أكفانا بيضاء، كما رفعت شعارات رافضة للوجود الأميركي في العراق.
وحمل المتظاهرون عبارات منددة بقتل الأميركيين قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، وأبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، فضلا عن أهازيج عدة تنادي بإجلاء القوات الأجنبية من العراق، وذلك من خلال رفع لافتات باللغتين العربية والإنجليزية، ورسم مجسم لترامب وهو على حبل المشنقة.
ورغم عدم وجود إحصائية دقيقة للأعداد التي شاركت في المظاهرة فإن منظميها يقولون إنها كانت بالآلاف.
حرف الأنظار
ويرى مراقبون أن خروج أنصار زعيم التيار الصدري فيما أسموها ثورة العشرين الثانية يعد استجابة واضحة لمطالب إيرانية بحرف الأنظار عن الاحتجاجات المتواصلة في بغداد ومدن جنوبية أخرى ضد السلطة القائمة على المحاصصة الطائفية في البلد منذ 17 عاما، مشيرين إلى أن محاولات الصدر لركوب الموجة باتت مكشوفة.
وفي هذا الإطار كشف مصدر سياسي مطلع عن اتفاقات أجريت بين قادة إيرانيين بتكليف من المرشد علي خامنئي مع الصدر ليكون زعيم محور المقاومة بالعراق، في محاولة لكسب جمهوره الكبير ومؤيديه في الشارع العراقي.
وأوضح المصدر في حديث للجزيرة نت أن “هذا الاتفاق جاء لأجل تمرير مصالح إيران مع العراق، وعلى رأسها إنهاء الوجود الأميركي في البلاد”.
غير أن هذا الأمر لم يمنع أتباعه من محاولة كسب ود متظاهري ساحة التحرير، إذ طالب الصدر بمحاربة الفساد ومواجهة الفاسدين، وتبنى عددا من مطالبهم المشروعة وأبرزها إصلاح النظام السياسي.
ساحة التحرير
أما موقف متظاهري ساحة التحرير من مظاهرة الفصائل، فقد جاء على شكل لافتة كبيرة علقت على جدار أحد المطاعم، وتضمنت أن الساحة لكل وطني حر من قيود الأحزاب والعمالة، وهي لكل العراقيين.
واتفق المتظاهرون على أن لا سيادة لدولة على العراق أيًّا كانت، ولا سلطان لدولة على قراره السياسي والاقتصادي والأمني مهما كان، وأن العراق سيد نفسه.
وأكد الناشط محمد جابر في حديث للجزيرة نت أن “حقّ التظاهر مكفول وحقّ الاعتصام مضمون للجميع حسب الدستور العراقي ومواثيق حقوق الإنسان الدولية، لكن في بعض الحالات قد تكون نتائج تلك المظاهرات معروفة ولا تحتاج إلى دليل”.
وأوضح جابر أن واشنطن وجميع الأطراف يعلمون أن هناك جهات عدة -في مقدمتها التيار الصدري وفصائل المقاومة وحتى من المواطنين- ترفض الوجود الأميركي، لذلك فإن الهدف من مظاهرة الجمعة لا يخرج عن كونه استعراضا جديدا للقوة “لا نحتاجه في الوقت الحالي”.
وأشار إلى أن العراقيين بحاجة لترميم البيت من الداخل وإيجاد الحاكم الصادق الذي دعا المرجع الشيعي علي السيستاني إلى اختياره، وتلبية مطالب شعبه، وبعدها سيخرج الجميع لصيانة السيادة التي خرقتها حماقات بعض القيادات السياسية، على حد وصفه.
علي الرسولي
الجزيرة