الكويت – شهدت العلاقات الكويتية الإيرانية هزّة جديدة كشفت انعدام الثقة بين البلدين رغم حرصهما على تجنّب القطيعة، وخصوصا من الجانب الكويتي الذي كثيرا ما تغاضى عن تصرفات إيرانية تجاه الكويت من بينها ما وصل حدّ تهديد أمن البلاد.
واستدعت وزارة الخارجية الكويتية، الجمعة، السفير الإيراني لدى الكويت محمد إيراني، للاحتجاج على ادّعاء مسؤولين إيرانيين ضلوع الكويت في عملية قتل القيادي الكبير في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني والقيادي في الحشد الشعبي العراقي أبومهدي المهندس بغارة شنتها مطلع الشهر الجاري طائرة أميركية مسيرة خارج مطار بغداد الدولي.
وقال أمير علي حاجي زادة قائد القوات الجوية التابعة للحرس الثوري الإيراني، الخميس، إنّ الطائرة المسيرة أم كيو 9 التي استخدمتها القوات الأميركية في قتل سليماني أقلعت من قاعدة علي السالم في الكويت.
ورأت مصادر كويتية أنّ مثل تلك التصريحات تدخل في باب “سياسة التخويف والضغط التي تمارسها طهران بشكل مستمرّ ضدّ الكويت”، معتبرة الزج باسم البلد في عملية قتل سليماني والمهندس يرتقي إلى مرتبة التهديد وتحريض الميليشيات الشيعية الناشطة في العراق المجاور على استهداف المصالح الكويتية.
وقالت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية “كونا”، إنّ نائب وزير الخارجية خالد الجارالله اجتمع بالسفير الإيراني على خلفية تكرار تصريح قائد القوات الجوية في الحرس الثوري في إيران، والذي ذكر فيه أن قاعدة علي السالم في الكويت شاركت ضمن قواعد أخرى في المنطقة في العملية التي نفذت قرب مطار بغداد وقتل فيها سليماني والمهندس.
وذكرت أنّ الجارالله عبّر عن استياء واستغراب الكويت لتكرار مثل هذه التصريحات، مجددا تأكيد نفي الكويت القاطع مشاركة أي طائرة انطلقت من قاعدة علي السالم، ومشيرا إلى ما سبق أن نفته رئاسة الأركان العامة للجيش في بيانها عن مشاركة أي من القواعد الكويتية في هذه العملية.
الزج باسم الكويت في عملية قتل سليماني والمهندس بمثابة تحريض للميليشيات على استهداف المصالح الكويتية
وطالب المسؤول الكويتي المسؤولين في إيران بتوضيح حقيقة الموقف الإيراني من بلاده وأن لا يتم تكرار مثل هذه التصريحات التي من شأنها الإساءة للعلاقات بين البلدين.
وقال الحرس الثوري الإيراني إنّ أربع قواعد عسكرية أميركية شاركت في عملية قتل سليماني. وذكر حاجي زادة ثلاثا من تلك القواعد وهي علي السالم الجوية بالكويت وقاعدتا عين الأسد والتاجي داخل الأراضي العراقية، لكنّه تغاضى عن تسمية القاعدة الرابعة ما جعل ملاحظين يتوقّعون أنّه يتفادى ذكر قاعدة العديد في قطر تجنّبا لإحراج الدوحة التي تحوّلت إلى صديق موثوق لطهران بعد أن أصبحت في قطيعة مع عدد من الدول العربية. وكثيرا ما تفادت الكويت قطع العلاقات مع إيران رغم تورّط الأخيرة في أعمال مخلّة بأمنها آخرها العملية المعروفة إعلاميا بخلية العبدلي، نسبة إلى منطقة بشمال البلاد اكتشف فيها سنة 2015 مخزن للسلاح تابع لخلية إرهابية ذات صلة بإيران وحزب الله اللبناني.
ولا تخفي الكويت مخاوفها من ارتدادات القلاقل والتوترات التي تثيرها إيران في المنطقة. وإثر مقتل سليماني وما رافقه من تصعيد بين الولايات المتحدة من جهة، وإيران والعديد من أذرعها في العراق والمنطقة من جهة أخرى، سعى المسؤولون الكويتيون إلى الحصول على تطمينات من الجانب العراقي بشأن أمن حدودهم، بعد أن هدّدت ميليشيات شيعية ناشطة الأراضي العراقية باستهداف أي طرف يكون قد شارك في عملية قتل سليماني والمهندس.
واستقبلت الكويت لهذا الغرض وزير الدفاع العراقي نجاح الشمري، الأحد الماضي. وقال خالد الجارالله معلّقا على ما دار أثناء زيارة المسؤول العراقي، إن الأوضاع على الحدود الكويتية العراقية مستقرة، كاشفا عن وجود تفاهمات بخصوص الحفاظ على الأمن والاستقرار بين الأجهزة الدفاعية والأمنية العراقية والكويتية.
العرب