خلال يوم واحد، ما بين أمس الثلاثاء واليوم الأربعاء، سُجّلت 26 وفاة جديدة في الصين من جرّاء فيروس كورونا الجديد، ما يرفع الحصيلة إلى 132 وفاة و5974 إصابة مؤكّدة في الصين، بحسب بيانات السلطات الصحية في البلاد. ويتخطّى عدد الإصابات ما كان قد سُجّل في 2002-2003 عند انتشار فيروس سارس أو متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد، مع 5327 إصابة، فيما بلغ عدد الوفيات 809، من بينها 349 وفاة في الصين.
وفيما تتركّز إصابات الفيروس الجديد في الصين، ثمّة إصابات مؤكّدة سُجّلت كذلك في 15 دولة أخرى حتى تاريخ كتابة هذه السطور. وفي مؤشّر يُعَدّ مقلقاً، أفادت اليابان وألمانيا أمس الثلاثاء عن أولى حالات انتقال الفيروس من شخص إلى آخر في خارج الصين. كذلك سُجّلت إصابات أربع أولى مؤكّدة بفيروس كورونا الجديد في الشرق الأوسط، إذ أعلنت دولة الإمارات اليوم الأربعاء تشخيص العدوى بين أفراد عائلة صينية سائحة آتية من مدينة ووهان في وسط البلاد. والخبر نشرته وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية (وام) نقلاً عن وزارة الصحة ووقاية المجتمع. وفي وقت لاحق، صرّح المسؤول في الوزارة حسين الرند لوكالة “رويترز” بأنّ السيّاح وصلوا إلى الإمارات في 16 يناير/ كانون الثاني، رافضاً الكشف عن الإمارة التي يعالجون فيها أو الإمارة التي زاروها أو المطار الذي دخلوا منه إلى البلاد. لكنّه أكّد أنّ الحكومة تتابع الأشخاص الذي خالطوا أفراد الأسرة الصينية في الإمارات، وأتت اختبارات الفيروس التي خضعوا لها سلبية، حتى الساعة. في الإطار نفسه، أفاد مسؤولون إماراتيون بأنّهم اتّخذوا كلّ الإجراءات الاحترازية الضرورية واللازمة مع الهيئات الصحية والجهات المعنية في الدولة، وفقاً للتوصيات العلمية والشروط والمعايير المعتمدة من قبل منظمة الصحة العالمية، مشيرين إلى أنّ الوضع الصحي العام لا يدعو إلى القلق.
وبهدف احتواء الوضع، عمدت السلطات الصينية إلى عزل مدينة ووهان وإقليم هوبي التابعة له بكامله تقريباً عن بقيّة أنحاء البلاد، ليشمل هذا الطوق الصحي 56 مليون صيني وآلاف الأجانب. يأتي ذلك بالتزامن مع إعلان دول عدّة عزمها على إجلاء مواطنيها من الصين، ولا سيّما من مدينة ووهان التي تُعَدّ مركز انطلاقة السلالة الجديدة من فيروس كورونا. من بين تلك الدول، الولايات المتحدة الأميركية واليابان، اللتان أجلتا بالفعل مئات من رعاياهما من ووهان، اليوم الأربعاء، لتكونا المبادرتَين، فيما تعمل دول أخرى على ذلك، منها الأردن والجزائر وألمانيا وفرنسا وغيرها. وفي هذا الإطار، صرّح سفير تركيا لدى الصين، أمين أونين، اليوم الأربعاء، بأنّ بلاده ستُجلي 32 من مواطنيها وعائلاتهم من مدينة ووهان في خلال الأيام المقبلة. وأوضح أونين لتلفزيون “إن. تي. في” أنّ أنقرة قدّمت الطلبات اللازمة إلى المسؤولين الصينيين لإجلاء المواطنين الأتراك، مشيراً إلى أنّ العدوى لم تُشخَّص لدى أيٍّ منهم. أضاف: “نحن على اتصال بجميع مواطنينا، وسنعيدهم في أسرع وقت ممكن، على متن طائرة طبية أو أخرى مجهّزة بشكل مماثل”، متابعاً بأنّ “ثمّة إجراءات محدّدة للحجر الصحي ستُتّخذ عند وصول هؤلاء إلى تركيا”.
وقد أعلنت السلطات الفرنسية أنّ طائرة ستحطّ غداً الخميس في ووهان لإعادة الدفعة الأولى من رعاياها “الجمعة على الأرجح” إلى البلاد، وأوضحت وزيرة الصحة أنييس بوزين، أنّ العائدين سيخضعون لحجر صحي لمدّة 14 يوماً عند عودتهم. وذكرت المفوضية الأوروبية أنّ طائرة فرنسية ثانية ستُقلع “لاحقاً خلال الأسبوع”، لتجلي الاثنتان ما لا يقلّ عن 350 أوروبياً من ووهان، من بينهم 250 فرنسياً. وفيما تُعِدّ كوريا الجنوبية لعملية إجلاء رعاياها، تدرس دول أخرى عمليات إجلاء مماثلة، من بينها كندا وأستراليا التي تعتزم وضع مواطنيها العائدين في حجر صحي في جزيرة كريسماس بالمحيط الهندي.
في سياق متّصل، أعلنت شركة “بريتيش إيرويز” (الخطوط البريطانية)، اليوم الأربعاء، التعليق الفوري لكلّ رحلاتها إلى الصين، استناداً إلى تعليمات المملكة المتحدة القاضية بتفادي التوجّه إلى هذا البلد على خلفية فيروس كورونا الجديد. وأوضحت شركة الطيران البريطانية، في بيان أصدرته: “علّقنا كلّ الرحلات المباشرة من الصين وإليها، مع التنفيذ الفوري، عملاً بتوصية وزارة الخارجية”. وكانت الوزارة قد حثّت البريطانيين على عدم السفر إلى الصين “ما لم تكن زيارتهم ضرورية”، بحسب ما نقلت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية عن الشركة.
من جهة أخرى، كشفت القنصلية الروسية في مدينة غوانجو الصينية، اليوم الأربعاء، أنّ روسيا والصين تعملان معاً على تطوير لقاح مضاد لفيروس كورونا الجديد، وأنّ بكين سلّمت موسكو الشفرة الوراثية (الجينوم) الخاصة للفيروس. يُذكر أنّ منظمة الصحة العالمية كانت قد أعلنت أمس الثلاثاء إرسال خبراء دوليين “بأسرع وقت ممكن” إلى الصين لتقاسم المعلومات عن الفيروس وتقديم “ردّ عالمي” لمواجهته. وبموازاة ذلك، يعمل باحثون من معهد الصحة الوطنية الأميركية على تطوير لقاح ضدّ الفيروس، لكنّ العمل عليه قد يستغرق أشهراً عدّة، فيما أعلن علماء في معهد دوهرتي في ملبورن الأسترالية التوصّل إلى استنساخ الفيروس في المختبر، في مرحلة تُعَدّ أساسية لمكافحته.
العربي الجديد