بينما أبدى العراق رفضه رسميا لمبادرة السلام الأميركية أو ما تعرف باسم “صفقة القرن” التي أعلن عنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، معتبرا أن القدس والأقصى ما يزالان تحت الاحتلال، عبّر مراقبون وقوى سياسية عن استيائهم من هذه المبادرة، متحدثين عن انعكاسها على الواقع العراقي.
ودعت الخارجية العراقية في بيان العرب والمسلمين للوقوف إلى جانب الفلسطينيين في دعم حقوقهم المشروعة وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس، وكذلك إرجاع الأراضي المحتلة كافة إلى سوريا ولبنان.
وقال البيان إن “العراق يقف مع أشقائه الفلسطينيين في حقوقهم المشروعة التي ضمنتها الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن، وحقهم في العودة إلى بيوتهم وأراضيهم، ويشدد على أن القدس الشريف والمسجد الأقصى ما يزالان تحت الاحتلال”.
انهيار السلام
من جهته، دعا حسن الكعبي النائب الأول لرئيس البرلمان العراقي الدول العربية والإسلامية إلى اتخاذ موقف حازم تجاه خطة ترامب في هذا التوقيت المشبوه الذي سيؤدي إلى اندلاع تصعيد جديد وانهيار كل مؤشرات السلام والأمن في المنطقة.
وقال الكعبي في بيان إن “ترامب استغل ضعف الحكومات العربية وعدم وحدة الموقف في شتى أرجاء الوطن العربي والإسلامي إزاء القضايا المصيرية التي تعصف بالمنطقة”.
ويرى الصحفي والأكاديمي الدكتور نزار السامرائي أن تأثيرات المبادرة الأميركية على العراق ستكون غير مباشرة، وذلك عبر فرض هيمنة أميركية على مقدراته ووضعه تحت طائلة العقوبات بذرائع عدة، أهمها أنه يقف ضد عملية السلام ومواجهة كل من يرفضها، وبالتالي سيواجه اتهامات بدعم الإرهاب، وهو ما تصف به أميركا الفصائل الفلسطينية التي ستقاومها.
وقال السامرائي للجزيرة نت إن “الرئيس الأميركي قد يستخدم العقوبات الاقتصادية بشكل واسع مع إيقاف الدعم وربما الدعم الدولي للعراق، وهذا سيكون مؤثرا في ظل الأوضاع التي يعيشها البلد والفوضى الاقتصادية، وربما يتوسع في استخدام القوة العسكرية ضد المجاميع المسلحة التي ترفض الوجود الأميركي، وهذا يحول العراق إلى ساحة معركة”.
بدوره يرى المحلل السياسي إبراهيم السراج أن “ما تعرف بصفقة القرن لا يمكن أن ننظر إليها على أنها خطة سلام حقيقي في المنطقة، لأنها -على ما يبدو- تصغير للقضية الفلسطينية وتكريس للوجود الإسرائيلي في المنطقة، وهذا ما سينعكس سلبا على الأوضاع في المنطقة برمتها”.
وقال السراج للجزيرة نت إن “هذه الصفقة ستزيل كل جرائم إسرائيل بحق الفلسطينيين، وهذا ما سيعقد المشهد العراقي أيضا في ظل الهيمنة الأميركية على العراق. ولعل المرحلة الثانية من الصفقة هي ممارسة ضغوطات كبيرة على الحكومة العراقية من أجل القبول بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وهذا ما تخطط له واشنطن”.
رفض سياسي
ورفض عدد من القوى السياسية في العراق تمرير “صفقة القرن” لأنها تصفية للشعب الفلسطيني، ولن تغير حقيقة فلسطين وانتماء القدس.
وأكد المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي على لسان رئيسه رائد فهمي أن “الحروب العدوانية والمؤامرات والصفقات المريبة منذ وعد بلفور المشؤوم تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية واقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه وإنكار حقه في إقامة دولته الوطنية، لذلك جاء إعلان ترامب لهذه الصفقة”.
ودعا الحزب كل شعوب المنطقة وقواها الوطنية إلى تعبئة الجهود والطاقات لوأدها ودفنها في مهدها، وتأييد حق الشعب الفلسطيني المشروع في إقامة دولته الوطنية المستقلة على أرضه وعاصمتها القدس، وفقا للشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة.
من جهته، قال حزب الدعوة الإسلامية الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي إن “العنجهية الأميركية التي اعترفت بالقدس عاصمة لإسرائيل، واعترفت باحتلال الجولان وضمها إلى الأراضي المغتصبة، كللت ذلك كله بمشروع متكامل من أجل طمس القضية الفلسطينية، والقضاء على حق الفلسطينيين في الحرية والسلام والعيش على أرضهم ووطنهم”.
وأضاف الحزب أن “مشروع صفقة القرن المشؤومة لن يمر أبدا، وليس له أي مقومات للحياة، بل إنه ولد ميتا، وإن هذا المشروع لن يغير حقيقة فلسطين، ولا انتماء القدس الإسلامي، ولن يفرق وحدة الموقف الفلسطيني إزاء الاحتلال ووجوده الطارئ”.
المصدر : الجزيرة