العلاقات بين أنقرة وموسكو باتت على المحك على ضوء التصعيد الجاري في إدلب ومحيطها، وحالة الهستيريا التركية جراء تقدم الجيش السوري واقترابه من السيطرة على الطريقين الدوليين “أم 4” و“أم 5”.
دمشق – تشهد العلاقات الروسية التركية توترا متزايدا على وقع تقدم الجيش السوري بدعم من موسكو في ريفي إدلب وحلب، حيث نجح الجيش في السيطرة على أكثر من خمسين قرية ومدينة محاصرا في طريقه نقاط مراقبة تركية منتشرة في المنطقة، بموجب اتفاق سوتشي الذي تم إبرامه في العام 2018 والذي بات بحكم المنتهي عمليا.
وفي خطوة تعكس تحديا منها أرسلت تركيا الأحد تعزيزات عسكرية وصفت بـ”الأضخم” إلى المنطقة، وناهزت مئتي شاحنة وآلية عسكرية، وسط أنباء عن استهداف الجيش الروسي محيط أحد الأرتال التركية في رسالة تحذيرية.
وسبق أن أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأسبوع الماضي عن نفاد صبره من تقدم الجيش السوري في إدلب ومحيطها، مطالبا موسكو بوقف العملية. جاء ذلك بعد صمت طويل، وهو ما فهم منه أن المفاوضات الجارية بين الطرفين حول التوصل إلى اتفاق بشأن المنطقة، وصلت إلى طريق مسدود.
وشكلت إدلب بعد استعادة النظام السوري للغوطة الشرقية وقبلها مدينة حلب المعقل الرئيسي للجماعات المقاتلة والجهادية التي باتت تخضع جميعها للإرادة التركية. وتسيطر هيئة تحرير الشام التي تقودها جبهة فتح الشام (النصرة سابقا) على أكثر من نصف المحافظة فيما تتوزع فصائل متطرفة و“معتدلة” أقل نفوذا في الجزء المتبقي. واستأنف الجيش السوري في ديسمبر الماضي عملية عسكرية نجح خلالها في استعادة مدينة معرة النعمان الاستراتيجية وعشرات القرى، ويواصل الجيش تقدمه في ريف حلب وأيضا في الجنوب الشرقي من ريف إدلب، إذ بات على أعتاب مدينة سراقب التي لا تقل أهمية حيث يتقاطع عندها الطريقان الدوليان “أم 4” و“أم 5”.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بدخول ثلاثة أرتال عسكرية تركية إلى الأراضي السورية منذ صباح الأحد من معبر كفرلوسين ضمت نحو 195 شاحنة وآليات عسكرية من دبابات وناقلات جند ومدرعات واتجهت إلى إدلب وحلب وسط معلومات عن إعلان طريق حلب – اللاذقية (أم 4) منطقة عسكرية من قبل القوات التركية، وذلك في تصعيد كبير مع روسيا.
وكان المرصد السوري قد رصد في وقت سابق، دخول رتل عسكري تركي كبير يتألف من 40 آلية عسكرية تضم دبابات وناقلات للجنود ومدرعات بالإضافة إلى معدات عسكرية ولوجستية، وقد توجه الرتل جنوباً.
وعمدت القوات التركية السبت إلى استقدام معدات لوجستية وعسكرية مؤلفة من دبابات ومصفحات ونحو 20 جنديا، إلى مدخل قرية كفرعميم الواقعة شرق بلدة سراقب، وذكر المرصد أن الهدف من ذلك إنشاء نقطة عسكرية جديدة لها عند مفترق كفر عميم ضمن ما يعرف بطريق أبوالضهور – سراقب.
وعلى ضوء التعزيزات الأخيرة فإن القوات التركية باتت تتمركز في ثلاث نقاط في محيط سراقب من الجهات الشمالية والجنوبية والشرقية.
وتضع موسكو ودمشق السيطرة على الطريقين “أم 4” وأم5” أولوية لهما في العملية العسكرية التي تخوضانها في إدلب، باعتبارهما يشكلان شريان حياة حيث يربط “أم 4” بين معبر اليعربية على الحدود العراقية، وصولا إلى مدينة اللاذقية المطلة على البحر المتوسط، فيما يمتد طريق “أم 5” من حلب إلى معبر التنف مع الأردن.
وجزء مهم من الطريقين يعبر محافظة إدلب، ومع سيطرة الجيش الأسبوع الماضي على معرة النعمان واقترابه من سراقب، باتت تركيا تخشى من فقدان ورقة مهمة خاصة مع تهاوي دفاعات الفصائل الجهادية التي تراهن عليها.
ويلفت محللون إلى أن هذا استدعى من أنقرة التدخل بشكل مباشر عبر إرسال تعزيزات ضخمة على أمل أن يفضي ذلك إلى توقف تقدم الجيش، وإجبار روسيا على الإصغاء لمطالبها.
ويقول المحللون إن محاولة تركيا فرض أمر واقع جديد يضع علاقتها مع موسكو على المحك خاصة وأن الأخيرة بدت واضحة لجهة ضرورة أن تفرض الحكومة السورية سيطرتها على الطريقين على وجه الخصوص وفي مرحلة لاحقة استعادت كامل محافظة إدلب ومحيطها.
وفي سياق عملية لي الذراع التي تمارس حاليا بين موسكو وأنقرة قام الطيران الروسي بقصف مدينة الباب التي تقع ضمن نطاق عملية درع الفرات التركية. وبحسب الفصائل السورية الموالية لتركيا طال القصف الروسي 3 نقاط داخل مركز مدينة الباب، وأسفر عن إصابة مدني.
وكانت تركيا والفصائل السورية قد سيطرت على مدينة الباب بريف حلب في العملية العسكرية التي خاضتها تحت مسمى “درع الفرات” في العام 2016.
العرب