مر عامان كاملان على انعقاد مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار العراق بمشاركة أكثر من سبعين دولة، تعهدت بتقديم مبالغ مالية ضخمة يصل مجملها إلى 30 مليار دولار، فضلا عن استثمارات ومشاريع إعمار ودعم للمناطق المدمرة من جراء العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش. ويؤكد مسؤولون عراقيون وخبراء بأن الغالبية العظمى من الدول لم تف بالتزاماتها وتعهداتها في المؤتمر.
ووفقا لمسؤول عراقي رفيع في الأمانة العامة لمجلس الوزراء فإن المؤتمر “لم يحقق أي نسبة إنجاز”، مبينا أن العراق يدين للكويت تنظيمها المؤتمر، وحثها المتبرعين خلال العامين الماضيين وتذكيرهم بتعهداتهم، لكن لا إجابة منهم، “ويعود ذلك بالدرجة الأولى إلى الأوضاع المضطربة، والخوف من نفوذ المليشيات في تلك المناطق وآفة الفساد”، وفق المصدر.
ولفت المسؤول العراقي إلى أن دولاً تعد على أصابع اليد الواحدة استجابت وساعدت السكان في بلدات ومدن منكوبة شمال وغرب العراق، أبرزها الكويت وقطر والولايات المتحدة، فضلاً عن جهود الأمم المتحدة “وتلك الجهات لم تكن بحاجة لمؤتمر إعمار، فهي أساسا تضطلع بأعمال إنسانية في العراق منذ مدة بالتعاون مع الحكومة أو تحت إشرافها، وعبر جمعيات ومنظمات خيرية وإنسانية”.
وقالت عضوة اللجنة الاقتصادية في الدورة البرلمانية السابقة نجيبة نجيب في حديث مع “العربي الجديد إن “جميع الدول المانحة للعراق المشاركة في مؤتمر الكويت كانت جادة بدعم العراق من خلال تقديم المُنح والقروض من دون مقابل وأخرى بمقابل، لكنها متخوفة من أن تذهب هذه الأموال إلى يد الفاسدين، لا سيما أن العراق يعاني من استشراء الفساد في كافة مفاصله”.
وأضافت أن “أغلب الدول المشاركة في المؤتمر لم يُنفذ لها أي تعهد على أرض الواقع، رغم مرور أكثر من عام على عقد المؤتمر، مبينة أن “تطبيق الوعود بحاجة إلى استقرار أمني وسياسي في وقت يعيش العراق فوضى كبيرة، كما يشهد احتجاجات شعبية انطلقت منذ أكثر من 3 أشهر للمطالبة بإجراء إصلاحات حقيقية”.
وكانت المعارك التي شنتها القوات الأمنية مدعومة بقوات التحالف الدولي لاستعادة المحافظات المنكوبة من سيطرة تنظيم داعش الذي سيطر على عدد من المحافظات الشمالية والغربية، ما بين عامي 2014 و2017، خلّفت دماراً وهائلاً، طاول عشرات الآلاف من البيوت والمؤسسات الحكومية والبنى التحتية، إلى جانب تشريد الملايين.
وقدر البنك الدولي كلفة إعمار المناطق المدمرة بنحو 88.2 مليار دولار، وشمل تقييم البنك 19 قطاعًا في سبع محافظات متضررة.
ومن جهته قال الخبير القانوني طارق حرب في حديث مع “العربي الجديد”، إن “مؤتمر الدول المانحة لإعمار العراق تعهد بتنفيذ كل شيء، لكن بغداد رفضت كل ما جاء في المؤتمر”، مبيناً أن “جميع الدول المانحة تعهدت بمساعدة العراق، لكن شريطة أن لا تُسلم هذه الأموال التي قيمتها نحو 30 مليار دولار إلى يد الحكومة العراقية، وإنما تسليمها بشكل مباشر من الدول المانحة إلى الشركات الاستثمارية”.
وأضاف أن “السارقين في العراق أصروا على تسليمها بشكل مباشر إلى الحكومة، ومن ثم تُحال إلى شركات استثمارية لغرض نهب ما يمكن نهبه”، لافتا الانتباه إلى إن “الحكومة العراقية تلقت الكثير من المساعدات في السنوات الماضية، لكن لم تُبن مدرسة ولم يُعبد شارع”.
وأشار حرب إلى أن “جميع الوعود التي قطعتها الدول المانحة لن تتحقق إذا ما شُكلت حكومة عراقية نزيهة ترعى مصالح الشعب، وتعمل على توفير بيئة ومناخ ملائم للشركات الاستثمارية.
وفي سياق ذلك، قال مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية مظهر محمد صالح في حديث لوسائل إعلام محلية عراقية، إن “العراق قدم كلفة إعادة الإعمار للخسائر التي تسبب فيها الإرهاب الداعشي، والتي تقدر بـ 88 مليار دولار، فضلاً عن أنه قدم خريطة استثمارية تساهم فيها الدول والشركات الأجنبية خلال مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار العراق”.
ولفت إلى أن “العراق لم يحصل من مؤتمر الكويت لإعادة إعمار العراق سوى على الدعم المعنوي والنوايا الطيبة”.
وأشار إلى أن “الوعود التي أطلقتها الدول المشاركة لم تُنفذ ولم تأخذ طريقها إلى مجرى التنفيذ، وأن ما نُفذ لغاية اللحظة هو مساعدات قدمتها منظمة الأمم المتحدة، والبنك الدولي، والوكالات الدولية، والاتحاد الأوروبي للمناطق المحررة لإعادة النازحين وبناء البنى التحتية الرئيسية وإزالة الألغام”، مبيناً أن “المساعدات لم تتجاوز المليار دولار”.
عمار حميد
العربي الجديد