حذّر مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي من مغبة تطبيق توصية شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) بتكثيف الغارات ضدّ الأهداف الإيرانية في سورية خلال 2020، داعياً إلى الاستثمار في الجهود السياسية عبر محاولة التأثير على طابع الحل السياسي النهائي للصراع في سورية.
وفي تقدير موقف أعده الباحث شموئيل أيفن، فإن تصعيد الغارات الإسرائيلية ضدّ الأهداف الإيرانية في سورية “يمكن أن يفضي إلى نتائج عكسية تماما ويهدد بعض ما أنجزته إسرائيل حتى الآن”. ولفت أيفن إلى أن التقدير السنوي لـ”أمان”، الذي صدر مؤخرا، متناقض، مشيرا إلى أنه في الوقت الذي ينطلق هذا التقدير من افتراض مفاده أن فرص اندلاع حرب خلال العام 2020 “ليست قليلة”، يوصي بتكثيف الغارات الإسرائيلية على الأهداف الإيرانية في سورية، من منطلق أن تصفية قاسم سليماني، قائد “فيلق القدس”، توفر بيئة لذلك.
”
“الخسائر التي يتكبدها العمق المدني الإسرائيلي في حال اندلعت مواجهة شاملة، تضم إلى جانب إيران كلا من “حزب الله” والفصائل الفلسطينية، ستكون كبيرة جدا وغير مسبوقة
”
ويرى التقدير أنه يتوجب على إسرائيل عدم تنفيذ غارات في العمق السوري إلا إذا كان الهدف منها “إحباط وصول سلاح استراتيجي كاسر للتوازن، ومنع التمركز العسكري الإيراني عندما يمثل هذا التمركز تهديدا جديا ومباشرا لإسرائيل”.
ودحض التقدير مزاعم إسرائيل الرسمية التي تحاجج بأن إيران تحافظ على وجودها العسكري في سورية فقط بهدف تهديد إسرائيل، مشيرا إلى أن السبب الرئيس لوجود القوات الإيرانية هو الحفاظ على نظام بشار الأسد و”تصدير الثورة”. وأوضح التقدير أن فرص تمكن إسرائيل في القضاء على الوجود العسكري الإيراني في سورية محدودة جداً، مما يعني أن وضع هذا كهدف للعمليات العسكرية أمر غير منطقي وواقعي، مشيراً إلى أن “هذا يفرض على إسرائيل أن تعمد إلى تبني نهج انتقائي عند ضرب الأهداف الإيرانية، بحيث لا يتم استهداف إلا تلك الأهداف التي يمكن أن تمثل تهديدا حقيقيا للأمن الإسرائيلي”.
وأشار إلى أنه حتى في حال تم إخراج إيران من سورية، فإنه قد يتبين أنه غير مجد في النهاية، على اعتبار أن إيران يمكن أن تعمل ضدّ إسرائيل من العراق أو لبنان.
وأشار إلى أن “المتحمسين في إسرائيل لتكثيف الضغوط العسكرية على إيران في سورية يتجاهلون حقيقة أن هناك خلافا داخل طهران بشأن هذا التواجد، حيث إن هناك قطاعات إيرانية ترفض مبدأ التدخلات العسكرية في الخارج، سيما في ظل تعاظم مظاهر الأزمة الاقتصادية، إلى جانب مواجهة إيران تحديات دولية ناجمة عن أخطاء “الحرس الثوري”، سيما بعد قيامه بإسقاط طائرة الركاب الأوكرانية”.
وحذر أيفن من أن الأضرار الاستراتيجية التي يمكن أن تنجم عن تنفيذ توصية “أمان” بتكثيف الغارات على الأهداف الإيرانية ستكون أكبر من العوائد الإيجابية، مشيرا إلى أن “الخسائر التي يتكبدها العمق المدني الإسرائيلي في حال اندلعت مواجهة شاملة، تضم إلى جانب إيران كلا من “حزب الله” والفصائل الفلسطينية، ستكون كبيرة جدا وغير مسبوقة”.
وأشار إلى أن فرص استئناف إسرائيل لعملياتها الهادفة للحافظ على خارطة مصالحها في سورية “ستكون متدنية بعد أن تضع هذه الحرب أوزارها”.
ولفت التقدير إلى أن توصية “أمان” تتجاهل التأثيرات المحتملة لتصعيد الغارات الإسرائيلية على الأهداف الإيرانية في سورية على الأوضاع في الساحة الفلسطينية، التي تتسم بحساسية كبيرة، مما يعني أن “التصعيد في سورية يمكن أن يسهم في تفجير الأوضاع في الساحة الفلسطينية”.
وحث التقدير على أنه يتوجب على إسرائيل أن تحاول تحقيق هدفها بإجلاء القوات الإيرانية والمليشيات المتحالفة معها “عبر تحرك سياسي وعبر محاولة التأثير على الوعي الإقليمي والدولي”. وأشار إلى أن “إسرائيل مطالبة بأن تستغل علاقاتها الوثيقة بكل من روسيا والولايات المتحدة، وأن
عدد العسكريين الإيرانيين وعناصر المليشيات الطائفية العاملة في سورية لا يتجاوز 15 ألف شخص، من بينهم 800 إيراني
يكون لها دور في تحديد طابع الحل السياسي للأزمة السورية، إلى جانب العمل لدى إدارة الرئيس دونالد ترامب لإقناعها بربط رفع العقوبات عن طهران بالتزامها بوقف أنشطتها التوسعية خارج الحدود الإيرانية”. واستدرك بأن “الحرب يمكن أن تنشب مع إيران وحلفائها في حال قدرت طهران بشكل خاطئ ردة الفعل الإسرائيلية المحتملة، تماما كما قدر “حزب الله” عشية حرب 2006 أن إسرائيل لن ترد بشكل كبير على اختطاف جنودها من القاعدة العسكرية في شمال فلسطين المحتلة”.
وحسب المركز، فإن التقديرات الاستخبارية تؤكد أن مجموع عدد العسكريين الإيرانيين وعناصر المليشيات الطائفية العاملة في سورية لا يتجاوز 15 ألف شخص، من بينهم 800 عسكري إيراني.
صالح النعامي
العربي الجديد