علاوي يحافظ على مكاسب الأحزاب الشيعية في تشكيلته الحكومية

علاوي يحافظ على مكاسب الأحزاب الشيعية في تشكيلته الحكومية

بغداد – يواجه رئيس الوزراء العراقي المكلف محمد توفيق علاوي عقبات كبيرة في طريق تشكيل حكومته المنتظرة، برغم التوقعات القوية التي تذهب إلى أن القوى السياسية الشيعية، صاحبة الأغلبية في البرلمان العراقي، مستعدة لقبول أيّ كابينة تعرض عليها، بهدف تخطي أزمة التظاهرات الشعبية، التي كادت تطيح بها.

وقال نواب عراقيون شاركوا في اجتماعات مع علاوي خلال اليومين الماضيين إن رئيس الوزراء المكلف يعتزم عرض كابينته الجديدة بحلول يوم الأحد القادم، أو اليوم الذي يليه، برغم الإقرار بأنه لم يصل بعد إلى تفاهمات حاسمة بشأن العديد من الحقائب.

وأبلغ مفاوض في فريق علاوي “العرب”، بأن رئيس الوزراء المكلف اختار المرشحين لشغل الحقائب التي كانت من حصة القوى الشيعية في حكومة سلفه، رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، وربما يدعو البرلمان للانعقاد من أجل التصويت عليها في أيّ لحظة.

وتتيح القوانين العراقية لرئيس الوزراء المكلف عرض كابينة غير مكتملة على التصويت النيابي، وعندما تنال ثقة البرلمان تصبح الحكومة شرعية كليا، على أن يجري استكمال التصويت على باقي أعضاء الكابينة في أوقات لاحقة، لم تحدد بدقة.

وكانت القوى السياسية العراقية قد فتحت لنفسها هذه الثغرة القانونية مبكّرا، لإدراكها استحالة نجاح رئيس الوزراء المكلف بإقناع جميع أطراف نموذج المحاصصة الطائفية والعرقية الذي يحكم العمل السياسي في البلاد، ضمن المدة القانونية لتشكيل الحكومة، وهي ثلاثون يوما.

وما زال علاوي يملك بعض الوقت، إذ أن مهلته لتشكيل حكومته ممتدة حتى الثالث من شهر مارس القادم.

ووفقا للمفاوض التابع لعلاوي فإن رئيس الوزراء المكلف ملأ حقائب تضمن تحقق النصاب في مجلس الوزراء عند انعقاده، وهو الشرط الأساس لاعتبار الحكومة الجديدة شرعية، مضيفا أن المرشحين الذين اختارهم علاوي حتى الآن هم شيعة لوزارات كانت ضمن حصة الأحزاب الشيعية في حكومة عبدالمهدي المستقيلة، فيما أكد أن المرشحين لهذه الحقائب مستقلون.

ولا يمكن تعريف المستقل في الحالة السياسية العراقية أو السيطرة على حدود المساحة التي يمكنه الحركة فيها، ما سمح للأحزاب مرارا بالهيمنة على مواقع عبر ادعائها ترشيح مستقلين، هم في الحقيقة أشخاص لا ينتمون إليها، لكنهم كبلوا أنفسهم بتعهدات تلزمهم بتحقيق مصالحها، إذا ما رشحتهم أو صوتت لترشيحهم من قبل رئيس الوزراء.

وسمحت كتلة “سائرون” التي يرعاها رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، لرئيس الحكومة المستقيلة عادل عبدالمهدي باختيار من يراه مناسبا لشغل الحقائب الوزارية التي وقعت ضمن حصتها، وافتخرت بأنها تخلت عن نظام المحاصصة.

وبمجرد نيل حكومة عبدالمهدي الثقة، أرسلت “سائرون” ممثليها من المدراء العامين ووكلاء الوزارات وموظفي الدرجات الخاصة، للسيطرة على الوزارات التي وقعت ضمن حصتها، وقامت بتوجيه أدائها خدمة لمصالحها.

لكن المفاوض أقر بأن مستقبل المشاركة السنية والكردية في حكومة علاوي يشوبه الغموض، إذ من غير الواضح أن المقاعد المخصصة لمرشحين من هذين المكونين ستملأ بمستقلين أم حزبيين.

وإذا كانت الاحتجاجات الشعبية الحاشدة، التي انطلقت مطلع أكتوبر الماضي، وتستمر للشهر الخامس على التوالي، ضد فساد الطبقة السياسية الحاكمة وارتهانها الكلي لإيران، قد حدّت من قدرة القوى الشيعية على مواجهة رغبة رئيس الوزراء المكلف باختيار وزراء مستقلين، فإن القوى الكردية والسنية لا تشعر بأنها ملزمة بتطبيق الأمر نفسه.

وسرّبت أطراف سياسية أن الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، أبرز القوى السياسية الكردية، أبلغ رئيس الوزراء المكلف رغبته الاحتفاظ بوزرائه الحاليين ضمن حكومة عبدالمهدي، وهما وزير المالية فؤاد حسين ووزير الإسكان بنكين ريكاني، ضمن حكومة علاوي، لكن مقربين من الأخير تحدثوا عن “استحالة” ترشيح أيّ وزير سابق لمنصب في الكابينة الجديدة.

وتجمع المصادر على أن رئيس الوزراء المكلف لم يعقد اجتماعات مع قادة الكتل الكبيرة لبحث مصير الحكومة الجديدة، واكتفى بلقاءات مع نواب من كتل مختلفة، وسط توقعات بأن يلجأ علاوي إلى محاولة حشد تأييد البرلمانيين لكابينته من خلال استرضائهم بشكل فردي، بعيدا عن أحزابهم، وهي مقامرة قد تطيح به.

ولا تستبعد المصادر نفسها أن يصل علاوي إلى طريق مسدود، ما يعني إمكانية اعتذاره عن المضيّ في مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة.

وإذا كانت هناك كتل مستعدة للتنازل عن حصتها في الوزارات لضمان مرور حكومة علاوي، فإن الجميع يراقب نوايا الحكومة الجديدة بشأن المدراء العامين ووكلاء الوزارات وموظفي الدرجات الخاصة الذين تقع على عاتقهم الإدارة الفعلية لأجهزة الدولة، وضمان حصص الأحزاب فيها.

ولدى جميع الأطراف المشاركة في السلطة ممثلون، وفقا لحجم كل منها النيابي، في مختلف أجهزة الدولة، تعتمد عليهم عادة في توظيف أنصارها والحصول على عقود تنفيذ مشاريع حكومية بملايين الدولارات لشركاتها وحماية مصالحها.

ومن غير المنتظر أن تمرّ أيّ حكومة عراقية عبر البرلمان، ما لم تقدم ضمانات حاسمة بأنها لن تمسّ هذه المصالح.

العرب