أغان حماسية ومقاطع مصورة تنتقد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تتناقلها وسائل الإعلام الإيرانية المحلية منها والدولية لحث الناخبين على المشاركة بكثافة في الانتخابات البرلمانية المقررة يوم الجمعة المقبل.
ولكن هذه الدعوات دونها مطالب من الشباب سقفها عال وثقة مفقودة بالساسة، فنحو نصف الشعب من الشباب، وهم عصب العملية الانتخابية، يستطيعون ترجيح كفة هذا التيار على ذاك، ولهذا على المرشحين سماع صوتهم ومطالبهم.
فمن ميدان “تجريش” إلى ساحة “تئاترشهر” (مسرح المدينة) ووصولا إلى ميدان “انقلاب” ترى عشرات الشابات والشباب منخرطين في نقاشات بعيدة كل البعد عن السياسة والانتخابات، وجل ما يفكرون فيه هو المستقبل وما يخبئه لهم.
الجزيرة نت حضرت أكثر من حلقة حوارية وسألت شابات وشبابا عن مطالبهم من النواب الجدد، بغض النظر عن أهوائهم السياسية ومشاركتهم بالانتخابات من عدمها.
هموم هؤلاء الشباب ومطالبهم باتت محصورة في الهم الاقتصادي ومكافحة البطالة وتأمين فرص العمل، ووقف الفساد وسوء الإدارة.
يقول أحدهم إن الأوضاع الاقتصادية تزداد سوءا، وسن الزواج لدى الإناث والذكور يرتفع بسبب عدم وجود فرص عمل. وتذهب إحدى الشابات إلى أن الأولوية للتصدي لآفة المخدرات التي تتسلل إلى الشباب العاطل وتدمر مستقبلهم.
وطالب آخر بأن يكون لهم دور أكبر في إدارات الدولة والوظائف العامة والعمل السياسي لأن “كبار السن هم من يسيطرون على هذه الوظائف، وعلى الدولة العمل على تشبيب الإدارات”.
وفي كل هذه الحوارات لم يتطرق هؤلاء لاختيار مرشح أو تيار لأن “الأسماء لم تعد تعنينا، الأهم لدينا من يساهم في الاستماع لمطالبنا وتلبيتها” حسب قول شاب آخر.
واللافت ليس رفض مجلس صيانة الدستور (المسؤول عن مراجعة طلبات الراغبين في الترشح) تأهل 6850 من الإصلاحيين والمحافظين وتيار “الاعتدال” للترشح، بل عدم السماح لنحو ثلث النواب الحاليين بالترشح مجددا، وسط الحديث عن اتهامات بالفساد.
ولكن ما رأي علم الاجتماع في السلوك الانتخابي للشباب الإيراني؟ وهل وصلوا لحالة “الإحباط الاجتماعي”؟
سلوك 58 مليونا الانتخابي -والذين يحق لهم التصويت من بين إجمالي السكان البالغ 83 مليونا- يرتبط مباشرة بحالتهم الاجتماعية بحسب د. علي رضا شريفي يزدي المتخصص بعلم الاجتماع.
ويتابع يزدي في حديث لوكالة تسنيم الإيرانية “في السابق كان هناك تياران (الإصلاحي والمحافظ) يتنافسان، فالمحافظون كانوا يركزون على المدن المحرومة والملتزمة مقابل تركيز الإصلاحيين على الطبقات الوسطى بالمدن الكبرى، ولكن المقاربة في هذه الانتخابات اختلفت”.
ويضيف أن المرشحين “لا يعلمون حجم المسؤوليات الملقاة على عاتقهم وحدود صلاحياتهم كنواب في البرلمان، فيطلقون وعودا لا يمكن تطبيقها. وعدم الوفاء بالوعود يسبب الإحباط الاجتماعي لدى الشعب، وهذا أحد أبرز أسباب عدم مشاركة جزء كبير منهم في هذه الانتخابات”.
ويؤكد أنه “في السابق كان الناخب يتنقل بين الإصلاحيين والمحافظين في محاولة لتحسين الأوضاع، ولكن حاليا هناك رفض في المجتمع لكلا التيارين”.
ويرى أن “الشباب يمثلون نصف المجتمع ولكن لا يلعبون أي دور في الإدارة المترهلة بسبب كبار السن، ناهيك عن استبعادهم من الوظائف الأساسية في الإدارة”.
وختم بالقول “الشباب يبحثون عمن يشبههم ويتكلم لغتهم، هناك فارق كبير في العمر والتفكير بينهم وبين المرشحين للانتخابات، ليس لدينا أحزاب حقيقية تعبر عن نبض المجتمع، والنواب أخفقوا في لعب دور الوسيط بين الشعب والسلطات العليا وإيصال مطالبه”.
المصدر : الجزيرة