رئيس الحكومة العراقية المكلّف يجر معارضيه إلى معركة علنية

رئيس الحكومة العراقية المكلّف يجر معارضيه إلى معركة علنية

أعلن رئيس الوزراء العراقي المكلّف محمد توفيق علاوي الأربعاء، أنه انتهى من تشكيل حكومة “مستقلة دون مشاركة مرشحي الأحزاب السياسية”، ودعا البرلمان إلى عقد جلسة استثنائية الأسبوع المقبل للتصويت على منحها الثقة، فيما أشارت مصادر الى وجود ضغوط أميركية على الزعيم الكردي مسعود البارزاني لتخفيف شروط مشاركة الأكراد في حكومة علاوي.

بغداد – وضع رئيس الوزراء المكلّف محمد توفيق علاوي الأطراف السياسية المعترضة على أعضاء كابينته المجهولة حتى الآن، في حرج كبير، عندما طالب البرلمان بالانعقاد الاثنين للتصويت على حكومته وبرنامجه الوزاري، بعد رفضه الانصياع لمطالب الكتل السنية والكردية.

وبحسب مراقبين، فإن علاوي يريد جر الأطراف السياسية المعترضة على خياراته، إلى معركة علنية ساحتها البرلمان، سيخرج منها منتصرا، في حال نالت حكومته الثقة أو فشلت في ذلك. ففي حال نيلها الثقة سيكون قد حقق مراده بحكومة مستقلة عن الأحزاب، وفي حال أسقطه البرلمان، سيبدو أمام الشارع ضحية لرغبات الكتل السياسية المتنفذة.

وقال علاوي في كلمة موجّهة إلى الشعب العراقي، إن “معركتكم التاريخية من أجل الوطن التي تحملتم من أجلها أعباء ثقيلة وتضحيات جسيمة قد غيّرت القواعد السياسية وأثمرت عن تشكيلة حكومية مستقلة لأول مرة منذ عقود دون مشاركة مرشحي الأحزاب السياسية”، مشيرا إلى أن تشكيلته الوزارية المرتقبة “اختيرت لما يتصف به أصحابها من كفاءة ومؤهلات بالإضافة إلى ما لديهم من برامج قابلة للتطبيق للعبور بالبلد إلى بر الأمان وخدمة المواطنين على اختلاف انتماءاتهم”. وتابع، أن “هذه التشكيلة ستكون لجميع العراقيين وستحظى بثقتهم من خلال ما ستنجزه وبعد أن يمنحها البرلمان ثقته”.

ودعا علاوي، “مجلس النواب رئاسة وأعضاء إلى عقد جلسة استثنائية من أجل التصويت على منح الثقة للحكومة الاثنين المقبل”، متمنيا على النواب أن “يثبتوا للعراقيين جميعاً رغبتهم في الإصلاح، وأن يتحمّلوا المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتقهم، وأن يفكروا في حاضر العراق ومستقبله ولا تمنعهم المصالح الخاصة عن اتخاذ القرار الصحيح فالعراق فوق كل المصالح”.

وقال “اسمحوا لي أن أذكركم بأننا لا يمكننا التهرب من الإصلاح الحقيقي، فما بعد هذه الاحتجاجات ليس كما كان قبلها وإن تراجعت وتيرة التظاهرات فإنها ستعود في أي وقت بشكل أقوى وأوسع من الذي شهدناه”، مشيرا إلى أن “الدماء الغالية التي أريقت لن تذهب سدى مهما كان الثمن وهذا الموضوع بالذات سيكون من أولويات حكومتي، فبمجرد منحها الثقة ستباشر بالتحقيق حول كل ما وقع في ساحات التظاهر، والكشف للشعب عن العناصر التي قامت بالاعتداء على المتظاهرين والقوات الأمنية وملاحقتهم وتقديمهم إلى العدالة مهما كانت مواقعهم والإفراج عن المتظاهرين السلميين”.

ولم يكشف علاوي عن أي من المرشحين لشغل مناصب في كابينته الجديدة، معززا الشكوك بأن خياراته ربما لن تأتي على هوى بعض الأطراف السياسية الكبيرة.

وجاءت كلمة علاوي، بعد ساعات من خطاب وجهه رئيس الوزراء المستقيل عادل عبدالمهدي إلى البرلمان والقوى السياسية، حذّر فيه من “فراغ جديد” في حال لم تنل حكومة علاوي ثقة مجلس النواب.

وقال عبدالمهدي، إن “المهلة الدستورية المحددة بـ30 يوماً لمنح ثقة مجلس النواب إلى أعضاء الحكومة الجديدة ومنهاجها الوزاري تنتهي في 2 مارس 202، لذلك أتوجه بهذه الرسالة قبل انتهاء المهلة الدستورية إلى إخواني وأخواتي من نواب الشعب للتحذير من خطر الدخول في فراغ جديد بسبب تسويف تشكيل الحكومة الجديدة، بدل الإسراع بتشكيلها ليتسنّى لها القيام بمهامها المسندة إليها، ومنها إجراء الانتخابات المبكّرة في أقرب فرصة ممكنة”.

وأضاف عبدالمهدي، أن “من غير الصحيح وغير المناسب الاستمرار بتحملي المسؤوليات بعد تاريخ 2 (مارس) آذار 2020، ولن أجد أمامي سوى اللجوء إلى الحلول المنصوص عليها في الدستور أو النظام الداخلي لمجلس الوزراء”، في إشارة إلى أن مهام رئيس الوزراء ستنتقل إلى رئيس الجمهورية آليا، في حال شغور منصب رئيس الحكومة.

مسعود البارزاني ربما يستجيب للضغوط الأميركية التي قد تشمل ضمانات للمصالح الكردية في الحكومة الجديدة

وعلى الرغم من أن الانتقادات الموجهة إلى السلطات العراقية جرّاء استمرارها في قمعها الدموي ضد المتظاهرين السلميين في بغداد والمحافظات، لم تعد تجد من تستهدفه، بسبب تعدد مراكز القوى بين رئيس حكومة مستقيل وآخر مكلّف بتشكيل الحكومة الجديدة، وما بينهما طيف من الأحزاب والميليشيات التي تورطت في العنف ضد الشارع أو شجعت عليه أو سكتت عنه، أملا في الحفاظ على مصالحها، إلا أنها ما تزال مستمرة، وتأتي من أعلى المستويات الدولية.

وانتقد مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، بعد زيارته العراق وإجرائه سلسلة لقاءات مع كبار المسؤولين ببغداد، بينهم رئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي ورئيس الحكومة المستقيلة عادل عبدالمهدي، استمرار قمع المتظاهرين السلميين في العراق.

ونقلت السفارة الأميركية في بغداد عن شينكر، تنديده بـ”الهجمات المستمرة ضد المتظاهرين السلميين الذين يمارسون حقهم الديمقراطي في حرية التعبير، بما في ذلك مطالباتهم بالإصلاح السياسي والاقتصادي”، مطالبا السلطات في بغداد بـ”وضع حدّ لهذه الممارسات الإجرامية وتقديم الجناة إلى العدالة”.

وشدّد المسؤول الأميركي على التزام بلاده بـ”دعم للحق الديمقراطي الأساسي للمواطنين العراقيين في حرية التجمّع السلمي والتعبير، فيما أكد احترام الولايات المتحدة لـ”الدور المهم والدائم الذي تؤديه المرجعية (الشيعية) في العراق”.

وسبق للسفارة الأميركية، في السادس من الشهر الجاري، أن أدانت مجزرة دموية ضد متظاهرين سلميين من مدينة النجف العراقية، اُتهم أنصار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر بارتكابها.

واستخدمت السفارة الأميركية، لأول مرة، كلمات حادة جدا، كـ”البلطجة” لوصف الاعتداءات التي تعرّض لها المحتجون العراقيون. وقالت إنه، “يقع على عاتق الحكومة العراقية وقواتها الأمنية، وضع حدّ لهذه البلطجة التي تشمل خطف واغتيال الناشطين المدنيين والصحافيين، وكذلك الضرب واستخدام الذخيرة الحية وحرق الخيام في التظاهرات السلمية”، داعية “الحكومة العراقية إلى وضع حدّ لهذه الممارسات الإجرامية وتقديم مرتكبيها إلى العدالة”.

ويقول مراقبون إن الإدانات الدولية للقمع الدموي ضد المتظاهرين، لم يعُد يجدي نفعا، بعد استقالة حكومة عادل عبدالمهدي وتكليف محمد توفيق علاوي بتأليف الكابينة الجديدة، ما يفسح المجال أمام الميليشيات الموالية لإيران لتنفيذ المزيد من عمليات الاغتيال والقنص والاختطاف ضد نشطاء.

ويشير هؤلاء إلى أن إدانة الولايات المتحدة لعمليات العنف ضد النشطاء، تتزامن مع تأييدها المطلق لرئيس الوزراء المكلّف محمد علاوي، الذي يرفضه المتظاهرون، ما يعني أن واشنطن ربما تحاول التغطية على موقفها النفعي.

ووفقا لمصادر “العرب”، فإن وسطاء أميركيين يضغطون على مسعود البارزاني القيادي الكردي البارز، لتخفيف شروط مشاركة الأكراد في حكومة علاوي.

وتشير المصادر إلى أن البارزاني ربما يستجيب للضغوط الأميركية، التي ربما تشتمل على ضمانات غير معلنة للمصالح الكردية في الحكومة الجديدة.

العرب