بغداد – يكاد التحالف الذي تشكل لدعم رئيس الوزراء العراقي المكلف محمد علاوي أن ينفرط، بعد تزايد المؤشرات بشأن صعوبة تمرير كابينته الوزارية، خلال الجلسة التي دعا إليها رئيس الوزراء المستقيل عادل عبدالمهدي، وكان يفترض أن تعقد اليوم الاثنين. إلا أن الخلافات بين الكتل السياسية دفعت إلى تأجيلها إلى يوم الأربعاء حسب النائب الأول لرئيس البرلمان العراقي حسن الكعبي.
وقالت مصادر برلمانية لمراسل “العرب” في بغداد إن “موعد انعقاد الجلسة ليس مؤكدا حتى الآن، بعد تراجع بعض الأطراف السياسية عن دعم علاوي، بعدما أعلنت تأييدها له في وقت سابق”.
ومن بين الأطراف التي يبدو أنها تخلت عن علاوي، حركة عصائب أهل الحق المقربة من إيران، بزعامة قيس الخزعلي، التي تملك 15 مقعدا في البرلمان العراقي، كما أن الدعم الذي كان يوفره رجل الأعمال السني خميس الخنجر للكابينة الجديدة، بات موضع شك، بعدما تأكد له أن صديقه الكردي مسعود البارزاني لن يسمح لحزبه بالمشاركة في الحكومة الجديدة، بعدما امتنع المكلف بتشكيلها عن إسناد حقائب لمرشحين أكراد.
ومع حلول يوم الأحد، كانت قائمة الداعمين لحكومة علاوي تضم فقط 54 نائبا يشكلون كتلة سائرون التي يرعاها رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، ونحو 30 نائبا من أصل 52 في كتلة الفتح التي يتزعمها هادي العامري، المقرب من إيران.
ونظرا إلى أن البرلمان العراقي يتكون من 329 نائبا، فإن عدد النواب الداعمين لعلاوي لا يشكل أي غالبية تمكنه من المرور.
84 نائبا من بين 329 أعلنوا عن منح الثقة لحكومة محمد علاوي
ووفرت الأجواء السياسية الهادئة في بغداد يوم الأحد، صورة واضحة عن حقيقة الأزمة التي تحاصر الكابينة الوزارية التي يستعد رئيس الوزراء المكلف لعرضها على البرلمان، إذ لم تصدر أي تعليمات تتعلق بعقد جلسة استثنائية لمجلس النواب.
وما زاد من الاعتقاد بشأن حجم الأزمة، تأجيل رئيس الوزراء المكلف محمد علاوي عملية مكاشفة النواب بأعضاء كابينته الجديدة إلى ما قبل موعد انعقاد الجلسة المفترضة الأربعاء، بساعات، ما يؤكد أنها خضعت أو تخضع لتغييرات مستمرة.
وتلقى علاوي نصائح عديدة، تتعلق بضرورة سلوكه مسارا جديدا، بعد الجدل الذي أثاره مساره القديم القائم على فكرة تشكيل حكومة لا تضم ممثلين عن الأحزاب السياسية، التي تملك حق منحه الثقة أو إسقاطه في البرلمان.
وقال مصدر مقرب من رئيس الوزراء المكلف لـ”العرب”، إن “علاوي يريد أن يحافظ على دائرته المغلقة بعيدا عن تدخل أي طرف في خياراته لشغل الحقائب الوزارية”، مشيرا إلى أن “السماح بكسر هذه الدائرة لدخول طرف سياسي واحد، يعني بالضرورة كسرها مع الجميع ودخولهم جميعا إلى حلقة مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة”.
وأَضاف المصدر أن “علاوي أراد منذ البدء أن يشكل حكومته بلا مشاورات مع الأطراف السياسية التي أقرت تكليفه بهذه المهمة، لأنه سيكون مسؤولا أمام البرلمان الذي تسيطر عليه هذه القوى، ويمكنها عبر البرلمان أن تحاسبه على فشله، في حال حدوثه”.
لكن الواقع السياسي العراقي، لا يمكن أن يحتمل أحلام رئيس الوزراء المكلف بحكومة لا تهيمن عليها الأحزاب، لاسيما أن الأسماء التي تسربت بوصفها ضمن خيارات الكابينة الجديدة، ليست مستقلة تماما عن التأثيرات الحزبية، وإن كان بعضها عرفت عنه الاستقلالية السياسية مؤخرا.
ويقول مراقبون إن هناك أكثر من سيناريو ينتظر رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي، أول السيناريوهات مرور كابينته كما أعدها، مستخدما ضغط الشارع على الأحزاب السياسية، وثانيها مرورها بتعديلات ترضي الأحزاب الشيعية والسنية والكردية المعترضة، ما يعني العودة إلى الآليات السياسية التي يتظاهر الشارع العراقي ضدها منذ خمسة شهور.
أما ثالث السيناريوهات، فيتمثل في اعتذار علاوي عن إكمال مهمته، وبدء عملية جديدة للبحث عن مرشح توافقي يرضي جميع الأطراف، ولا يستفز في الوقت نفسه المتظاهرين المرابطين في الساحات ببغداد وعدد من المحافظات. لكن هذا الأمر قد يهدد بذهاب صلاحيات رئيس الوزراء إلى رئيس الجمهورية بشكل مؤقت، وفقا للدستور، في حال نفذ رئيس الحكومة المستقيل عادل عبدالمهدي تهديده بعدم البقاء في منصبه أكثر من الثلاثين يوما المخصصة لتشكيل الحكومة الجديدة.
العرب