عاد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني مجددا إلى الخطاب السياسي بإسرائيل التي تتجه غدا الاثنين -مع أكثر من 5.9 ملايين مقترع- لحسم الانتخابات البرلمانية، وهي الثالثة التي تجري في غضون أقل من عام.
ورافق عودة الصراع جولة تصعيد عسكري على قطاع غزة هي الـ13 خلال عام الانتخابات، فيما تركز الخطاب السياسي لمختلف الأحزاب اليهودية في هذا الجانب على خطة السلام الأميركية للشرق الأوسط، المعروفة إعلاميا بـ”صفقة القرن” والهادفة لتصفية القضية الفلسطينية.
ورغم الحضور الكبير لمجمل الصراع مع الفلسطينيين بعد أن غيبه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لسنوات، فإنه لا توجد اختلافات جوهرية في خطاب الأحزاب الإسرائيلية وبرامجها الانتخابية بهذا الخصوص، وينحصر الخلاف فقط في طرح وعرض الأفكار ودرجة الحدة والتشدد في المواقف، إذ تجمع على “رفض حل الدولتين بموجب القرارات الدولية، ورفض تقسيم القدس، والتأكيد على أنها ستبقى موحدة وعاصمة لإسرائيل”.
كما تتفق الأحزاب فيما بينها -سواء في كتلة اليمين برئاسة حزب الليكود، أو معسكر المركز برئاسة تحالف أزرق أبيض- على ضرورة السيطرة الإسرائيلية بين النهر والبحر، وضرورة القضاء على فصائل المقاومة في غزة، وتختلف فيما بينها على تعريف سيادة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية سواء بين دولة منزوعة السلاح أو استقلال ذاتي.
نتنياهو يرافق اللجنة الإسرائيلية الأميركية لتجهيز خرائط الضم (الجزيرة)
نتنياهو يرافق اللجنة الإسرائيلية الأميركية لتجهيز خرائط الضم (الجزيرة)
خطاب شعبوي
وعلى الرغم من وجود بعض الاختلافات في الخطاب السياسي الحزبي الإسرائيلي حول الصراع مع الفلسطينيين، إلا أن المحلل السياسي عكيفا إلدار يعتقد أنه لا يوجد خلاف في خطاب وبرنامج الأحزاب في كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
ومن وجهة نظره، فإن هذا الخطاب تحوّل إلى خطاب شعبوي لمختلف قيادات الأحزاب اليهودية، وذلك بقصد كسب أصوات الناخبين الإسرائيليين، في مؤشر لترسيخ وجود اليمين في الحكم مهما كانت سيناريوهات الائتلافات الحكومية.
وأكد إلدار للجزيرة نت أن خطابات وبرامج كل من كتلة اليمين وحزب الليكود بزعامة نتنياهو، وتحالف “أزرق أبيض” برئاسة بيني غانتس، وحزب “إسرائيل بيتنا” برئاسة أفيغدور ليبرمان؛ تتشابه في المواقف إلى حد ما من القضية الفلسطينية، بحيث إن الخطاب الشعبوي لليمين المتطرف تحديدا فيما يتعلق بالفلسطينيين، تحول للخطاب السائد الذي تنطلق منه مختلف الأحزاب اليهودية.
ويقدر المحلل السياسي أن عودة القضية الفلسطينية إلى الخطاب السياسي للأحزاب الإسرائيلية من وجهة نظر “صفقة القرن”، يأتي لدوافع انتخابية بحتة ولاستمالة المصوتين الإسرائيليين، بحيث تناغمت مختلف الأحزاب اليهودية مع خطة السلام الأميركية للشرق الأوسط.
صفقة القرن
من جانبه، يعتقد الناطق بلسان حركة “السلام الآن” آدم كيلر أن حل الدولتين مثل بقية الحلول المطروحة لحل القضية الفلسطينية غاب منذ عام 2013 عن خطاب الأحزاب اليهودية، وذلك بسبب نهج نتنياهو الذي واصل فرض وقائع على الأرض وإطالة أمد الصراع ليبقى متربعا على الكرسي، بحيث إن هذه الثقافة باتت الدراجة لكل مفاصل الحكم في إسرائيل وغالبية الأحزاب الكبيرة.
ويعتقد كيلر أن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي نشرها قبل الانتخابات الإسرائيلية الثالثة، ليست خدمة لنتنياهو وحسب، بل هي قناعات وثوابت جديدة في المشهد السياسي لمختلف الأحزاب الإسرائيلية، والتي تتطلع للتنصل من حل الدولتين وضرب المواثيق الدولية بعرض الحائط، والتكيف للعيش بصراع متواصل مع الفلسطينيين.
وشدد كيلر في حديثه للجزيرة نت على أن المواقف المناهضة للقضية الفلسطينية وتواصل العدوان على غزة لا يقتصر على طرح الليكود فقط، وإنما أيضا على تحالف “أزرق أبيض” الذي تبنى على الفور “صفقة القرن” وأكد أنها ستكون الانطلاقة لأي تسوية مع الفلسطينيين، معتبرا أن هذا الخطاب ليس لكسب الأصوات فحسب وإنما نابع من معتقدات وقناعات تحالف غانتس.
تشغيل الفيديو
المشروع الاستيطاني
بدروه يرى معلق الشؤون الفلسطينية والعربية شلومي إلدار أن إعلان نتنياهو بناء 5200 وحدة استيطانية جديدة شرقي حدود القدس، وتحديدا في المنطقة “إي1″، سيؤدي إلى وأد حل الدولتين بشكل نهائي وفرض وقائع على الأرض بقطع التواصل الجغرافي بين شمال وجنوب الضفة الغربية والقدس، ويقوض فرص إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة والتواصل.
وعزا إلدار إعلان نتنياهو غير المسبوق إقامة مستوطنات في المنطقة المذكورة إلى عمق الأزمة التي يعيشها رئيس الوزراء الإسرائيلي، وصراعه على كل صوت من أجل حسم الانتخابات وحصول كتلة اليمين على 61 عضوا بالكنيست، والتي تؤهله لتشكيل حكومة وتفادي محاكمته بتهم فساد.
ويعتقد معلق الشؤون الفلسطينية والعربية الهدف الأساسي لنتنياهو من وراء هذا الإعلان هو الحصول على دعم المستوطنين وجماعات الصهيونية الدينية في الانتخابات، إلا أنه بهذا الإعلان الذي قد يتناغم مع “صفقة القرن” يغلق باب الفرص لاحتمال أي تسوية من شأنها أن تنهي الصراع مع الفلسطينيين.
محمد محسن وتد
الجزيرة