لماذا ينبغي أن يقلق الغرب من مشروع الطاقة الإيراني الأخير؟

لماذا ينبغي أن يقلق الغرب من مشروع الطاقة الإيراني الأخير؟

لتحقيق التوازن بين قدرتها على التسبب في فوضى بأسواق النفط العالمية عن طريق إغلاق أو تعطيل مضيق هرمز، وضرورة الحفاظ على تدفق عائدات صادراتها النفطية إلى آسيا؛ اتخذت إيران تحركات سريعة واستثنائية لتطوير مشروع ميناء بندر جاسك.

وفي تقرير نشره موقع “أويل برايس” الأميركي، قال الكاتب سايمون واتكينز إن ميناء بندر جاسك لا يطل على مضيق هرمز المحفوف بالمخاطر، وإنما يقع جنوب شرق خليج عمان، وهذا يوفر طريقا خاليا من المخاطر نسبيا للنقل البحري إلى الأسواق الرئيسية في الشرق بالنسبة لإيران، لا سيما الصين والهند، وإلى أسواق أبعد جنوبا في أفريقيا.
وحسب تورج دهقاني، المدير التنفيذي لشركة هندسة وتطوير صناعة النفط الإيرانية، وهي الشركة المسؤولة عن بناء المشروع بالتعاون مع الشركة الوطنية الإيرانية للنفط؛ ستبدأ المرحلة الأولى الكاملة من صادرات النفط الخام من ميناء جاسك خلال 12 شهرا القادمة.

وبمجرد تشغيله بالكامل، سيكون هذا المشروع قادرا على نقل مليون برميل من النفط الخام يوميا من إيران، خاصة في مرحلة أولى من مجموعة الحقول الغنية بالموارد في منطقة غرب كارون.

بالإضافة إلى ذلك، سيستخدم ميناء جاسك بهدف نقل إمدادات النفط الخام إلى معامل تكرير البترول ومصانع البتروكيماويات، من أجل رفع نسبة صادرات البلاد إلى الدول الآسيوية أيضا.

خطة عمل المشروع
ونقل الكاتب عن مصدر رفيع المستوى، يعمل بشكل وثيق مع وزارة النفط الإيرانية؛ قوله إن النموذج اللوجستي الحالي في ظل الظروف الحالية غير مستدام، حيث يقع شحن نحو 90% من النفط الإيراني الموجه للتصدير حاليا في “جزيرة خارك”، مع مرور معظم الحمولات المتبقية عبر محطات في لاوان وسيري، وهذا ما يجعلها هدفا سهلا للهجمات، وعاملا رئيسا في شل الاقتصاد الإيراني.

وحتى قبل استئناف الولايات المتحدة العقوبات خلال مايو/أيار 2018، لم تكن “محطة خارك” مثالية للاستخدام من قبل الناقلات نظرا لمدى ضيق مضيق هرمز الذي يجبرها على التحرك ببطء وحذر.

وفقا للخطط الموجودة حاليا، فمن المقرر أن يربط خط أنابيب النفط، الذي تبلغ تكلفته 1.8 مليار دولار أميركي، وبطول ألف كيلومتر؛ غورية في محافظة خوزستان وجاسك في محافظة هرمزغان.
اعلان

وبمجرد وصول النفط إلى ميناء جاسك، سيقع في مرحلة أولى تخزينه في إحدى الخزانات، التي يبلغ عددها عشرين خزانا، بطاقة استيعاب تصل إلى خمسمئة ألف برميل من النفط لكل خزان، لتحميلها لاحقا لناقلات النفط الخام الكبيرة جدا المتجهة من خليج عمان إلى بحر العرب ثم المحيط الهندي.

حسب المصدر الإيراني، تشمل هذه المنتجات وقود السيارات ووقود الديزل ووقود الطائرات والكبريت والبوتادين والإيثيلين والبروبيلين وإيثيلين غليكول الأحادي.

وحسب ما صرح به مدير المشاريع في الشركة الوطنية الإيرانية للبتروكيماويات علي محمد بوسقزاده، مؤخرا، فإن هذا الجزء من مشروع جاسك ستديره شركة بختر للبتروكيماويات القابضة، رغم احتمال مشاركة “الشركات الأجنبية” فيه.

ونقل الكاتب عن المصدر الإيراني أن الصين عرضت إرسال أكبر عدد ممكن من المهندسين وغيرهم من المهنيين المطلوبين في مثل هذا المشروع إلى إيران حسب ما تقتضيه الضرورة.

وأخبر المصدر الإيراني موقع “أويل برايس” أن الهدف من ذلك جعل ميناء جاسك قادرا على تخزين نحو ثلاثين مليون برميل، مع إمكانية تصدير ما بين مليونين و2.5 مليون برميل من النفط يوميا إذا تطلب الأمر ذلك، وتولي السيطرة على “منشأة خارج” عند الحاجة في غضون 12 شهرا من نهاية العام المقبل”.

مرحلة بناء المشروع تغلبت على العقبات الناجمة عن العقوبات الأميركية (رويترز)
مرحلة بناء المشروع تغلبت على العقبات الناجمة عن العقوبات الأميركية (رويترز)
أسباب دعم المشروع
رغم أن الرئيس الحالي حسن روحاني الذي كان من أوائل المشاركين في رعاية مشروع جاسك لا يستطيع دستوريا الترشح للانتخابات مرة أخرى العام المقبل، فإن موقع “أويل برايس” يدرك أن الدعم للمشروع يمتد عبر جميع التجمعات السياسية، ويحظى بالدعم الكامل من الحرس الثوري الإيراني لثلاثة أسباب رئيسية.

أولا- يشير اعتماد مسلك لا يمر عبر مضيق هرمز إلى أن إيران قادرة على الاستمرار في تطوير أعمالها في مجال النفط الخام مع الصين، والهند أيضا، تحت المراقبة إذا لزم الأمر، ما دام الأمر يتطلب انتظار عودة الولايات المتحدة إلى طاولة المفاوضات حول خطة العمل الشاملة المشتركة.

ثانيا- يعني هذا أن قدرا كبيرا من التمويل (أو الواردات من السلع مقابل صفقة النفط) سيتدفق إلى إيران من كل من الصين وروسيا، حيث إن كلا منهما أسهم في توفير تكاليف مشروع جاسك، وسبق أن أوضحا أنهما ستوفران المزيد من التمويل لهذا المشروع.

أخيرا- يشير توفر سعة تخزين هائلة للنفط بعد رحلة بحرية مباشرة قصيرة من الهند إلى أن الضغط من الهند وباكستان من المرجح أن يؤدي إلى منح الإشارة لبناء خط أنابيب النفط والغاز الذي يربط بين إيران والهند أو إيران وباكستان والهند.

في سياق متصل، قال المصدر الإيراني “سيتطلب الأمر تمركز أفراد الأمن الإيرانيين، أي الحرس الثوري الإيراني، على الأراضي الهندية أو على الأراضي الباكستانية والهندية، وهو ما يكتسب أهمية إستراتيجية كبيرة للحرس الثوري الإيراني.

تخطي العقوبات الأميركية
وأوضح الكاتب أنه نظرا لتوافق الآراء بين الأحزاب في إيران بشأن مشروع جاسك، كان التقدم المحرز سريعا للغاية، ذلك أن مرحلة بناء المشروع لم تبدأ سوى في عام 2018، ولكنها مع ذلك تغلبت على العقبات المختلفة الناجمة عن إعادة فرض العقوبات الأميركية بعد ذلك بوقت قصير.

وتتمثل أهم هذه العراقيل في الحصول على الإمدادات اللازمة من الأنابيب والهندسة المتصلة بها، وتحقق ذلك بفضل الوضع البديل الذي كثيرا ما تستخدمه إيران لإعادة إضفاء الطابع المحلي على التكنولوجيا المطلوبة أو التواصل مع موسكو وبكين.
اعلان

ووفقا لدهقاني، ستنطلق عملية تزويد مختلف المواقع داخل مشروع جاسك وحوله بالمضخات والمعدات ذات الصلة في غضون الأشهر القليلة المقبلة.

الجزيرة