قبيل يومين فقط من انتهاء المهلة الدستورية في العراق لاختيار مرشح جديد لرئاسة للحكومة، يوم الثلاثاء المقبل، وقبل يوم واحد على انتهاء مهلة الرئيس العراقي برهم صالح للكتل السياسية من أجل تقديم مرشحها، أو لجوئه هو إلى تسمية مرشح من دون العودة إليها، كشف أعضاء في البرلمان العراقي ومصدرٌ مقرب من حوارات الكتل، أن التسمية قد تتم اليوم الأحد أو غداً الاثنين، كحدٍّ أقصى، بعد توصل اللجنة السباعية التي تمّ تشكيلها الأسبوع الماضي، إلى تفاهمات حول ذلك. وأكدت المصادر التي تحدثت لـ”العربي الجديد”، أن التنافس محصور بثلاثة أسماء فقط حتى الآن، وأن اسم رئيس جهاز الاستخبارات العراقي مصطفى الكاظمي لا يزال الأوفر حظاً.
وتنتهي المهلة الدستورية الجديدة في العراق لاختيار رئيس للحكومة في 17 مارس/آذار الحالي، الموافق بعد غدٍ الثلاثاء، وسط اختلاف واضح حول التفسيرات للمادة 81 من الدستور، بشأن تولي رئيس البلاد منصب رئاسة الحكومة في حال انقضاء المدة من دون تكليف رئيس جديد لها.
وكشف مفاوضٌ عراقي بارز ضمن تحالف “الفتح” البرلماني، لـ”العربي الجديد”، أن اليومين الماضيين شهدا طرح أسماء عدة لرئاسة الحكومة، جرى إخضاعها جميعها لجملة من الشروط التي تتماشى مع المرحلة الحالية، ورغبة الشارع والأزمة السياسية والاقتصادية السائدة في البلاد، ومدى قدرة هذه الشخصية على عبور الفترة الحالية نحو مرحلة استقرار نسبي تمهد لانتخابات مبكرة. ولفت المصدر، في هذا الخصوص، إلى أن الكثير من الأسماء لم تُقبل، بسبب تحفظات الشارع أو كتل سياسية، فضلاً عن قربها من أحد المحاور السياسية، فيما “لا تصلح بعض الأسماء أن تدير قسماً صغيراً في دائرة حكومية وليس وزارة”، بحسب تعبيره.
”
يحظى الكاظمي بدعم تحالف القوى العراقية، والأكراد، وبشبه إجماع من الكتل الشيعية
”
وأوضح المفاوض العراقي ضمن تحالف “الفتح”، أن “أوفر الأسماء حظاً الآن هي رئيس جهاز الاستخبارات العراقي مصطفى الكاظمي، خصوصاً أنه مدعوم من قبل تحالف القوى العراقية بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وكذلك القوى الكردية، ويحظى بشبه إجماع من الكتل الشيعية، فضلاً عن المستشار في الديوان الرئاسي علي شكري، كما جرى طرح اسم محافظ النجف السابق عدنان الزرفي، واسم قاضٍ ورئيس جامعة، غير أن معيار وجوب أن يتمتع المرشح للمنصب بخلفية سياسية، واطلاع على أبعاد الخلافات الإيرانية – الأميركية، يجعل اختيار شخص من خارج المنطقة الخضراء أو محيطها صعباً جداً”. وأضاف المصدر أنه “حتى الآن، فإن الكاظمي يقترب من التسمية، إلا أن تغييرات قد تطرأ في اللحظات الأخيرة”. وحول موقف طهران، أشار إلى أن “الإيرانيين لا يعارضون حالياً الكاظمي أو غيره ما دام الاسم يحظى بتوافق القوى السياسية الشيعية حوله”، معرباً عن اعتقاده بأن “ذلك عائد للمشكلات والتحديات داخل إيران وخارجها، وتتعلق بالشخص الذي من الممكن أن يغلق الثغرة التي تركها اغتيال (قائد فيلق القدس) قاسم سليماني”.
في المقابل، كشف عضو البرلمان العراقي فاضل الفتلاوي، لـ”العربي الجديد”، أن “القوى السياسية الشيعية توصلت إلى اتفاق على تقديم مرشحها لرئاسة الوزراء إلى رئيس الجمهورية برهم صالح، اليوم الأحد، وكحدٍّ أقصى غداً الاثنين”، مؤكداً أن “الاجتماعات مكثفة بين هذه القوى للاتفاق على شخصية معينة”. وأكد الفتلاوي أن “رئيس الوزراء الجديد سيكون شخصية تتمتع بالمقبولية لدى الجهات السياسية من مختلف المكونات، بالإضافة إلى كونها غير متحزبة، ولم تشارك في أي من الحكومات السابقة”. وبيّن أن “هناك تواصلاً مع القوى السياسية السنية والكردية، لغرض حسم هذا الملف، وفق قاعدة الإجماع الوطني، حتى يتم تمريره بسهولة في مجلس النواب”.
من جهته، قال القيادي في ائتلاف “دولة القانون”، الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، سعد المطلبي، في حديث لـ”العربي الجديد”، إن “اللجنة السباعية المشكلة بين القوى السياسية الشيعية، توصلت إلى قائمة مصغرة من الأسماء المرشحة لرئاسة الوزراء، تتضمن اسمين، سيجري الاتفاق خلال الساعات المقبلة على أحدهما، على أن يطرح لرئيس الجمهورية قبل انتهاء المدة الدستورية”.
”
أبلغ برهم صالح أن توجهه لاختيار مرشح إذا انتهت المهلة جدي ولا رجعة فيه
”
وبحسب المطلبي، فإن “القوى السياسية الشيعية فهمت الأزمة وحجم التحدي وخطورة الوضع، ولذلك فهي تبدي جدية بحسم هذا الملف بشكل توافقي سريع، مع وجود بعض الخلافات والاختلافات، إذ إن كل جهة تسعى لتسمية رئيس وزراء مقرب منها، وبعيد في الوقت ذاته عن الجهات السياسية الأخرى”. وأكد أن “الاسم المكلف الجديد، سيقدّم من خلال القوى السياسية الشيعية، التي شكّلت اللجنة السباعية، ويكون مرشحها وليس مرشحاً عن جهةٍ أو تحالف محدد”.
وفي معرض تقييمه الوضع السياسي السائد، اعتبر الخبير بالشأن السياسي العراقي محمد التميمي، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن الوضع الذي يشهده العراق على المستوى الأمني والاقتصادي والصحي، بسبب انتشار فيروس كورونا، دفع القوى السياسية الشيعية، إلى التوجه لحسم تشكيل الحكومة الجديدة بسرعة، مراعاة للمصلحة العليا المتمثلة لهم جميعاً بالنظام السياسي الحالي، فلا يمكن للعراق أن يبقى بلا حكومة، مع الأزمات الخطيرة، التي يمر بها”.
ولفت التميمي إلى أن التصعيد الأخير بين الفصائل المسلحة والقوات الأميركية الموجودة في العراق، والأزمة الاقتصادية إثر انخفاض سعر النفط وانتشار “كورونا”، كانت عوامل مساعدة في الحد من شدة الخلافات السياسية الشيعية – الشيعية، ولهذا فالملف سيحسم قبل انتهاء المدة الدستورية، كما أن هذه القوى تخشى فعلاً من انتقال السلطة إلى رئيس الجمهورية، لأسباب عدة، على رأسها ملف إدارة محافظة كركوك”.
وأضاف الخبير السياسي العراقي أن برهم صالح “أبلغ أن توجهه لاختيار مرشح من دون الرجوع إلى الكتل السياسية، في حال عدم تقديمها مرشحاً له، قبل انتهاء مهلته، جدي ولا رجعة فيه، ولهذا فإن اللجنة السباعية تخوض حوارات واجتماعات مكثفة، لحسم اختيارها”.
وبرأيه، فإنه “وفق المعطيات والمعلومات، فإن رئيس جهاز الاستخبارات العراقي الحالي، مصطفى الكاظمي، لا يزال الأوفر حظاً لنيل منصب رئاسة الوزراء، وهو يتعدى المرشحين المنافسين له بفارقٍ كبير من حيث الدعم السياسي الداخلي له، وحتى الخارجي”.
عادل النواب
العربي الجديد