الميليشيات العراقية تواصل محاولات استدراج واشنطن للمواجهة

الميليشيات العراقية تواصل محاولات استدراج واشنطن للمواجهة

جددت ميليشيات عراقية السبت قصفها معسكر التاجي في محاولة جديدة على ما يبدو لجرّ الولايات المتحدة إلى مواجهة شاملة حيث مثل العراق في الفترة الماضية مسرحا للتصعيد بين وكلاء إيران من جانب والولايات المتحدة من جانب آخر.

بغداد – تتسارع الأحداث في العراق بعد تعرّض معسكرات تؤوي جنودا أجانب وأميركيين للقصف ما يؤشّر على إمكانية توجيه الولايات المتحدة وحلفائها ضربات لميليشيات محسوبة على إيران على غرار الحشد الشعبي.

وتعرّض السبت معسكر التاجي الذي يستضيف قوات أجنبية شمال العاصمة العراقية، إلى هجوم صاروخي جديد، بعد هجوم مماثل الأربعاء الماضي، تسبب في مقتل جنديين أميركيين وآخر بريطاني.

وبخلاف هجوم الأربعاء، فإن هجوم السبت قد تعرض فيه جنديان عراقيان لإصابات، وفقا لحصيلة رسمية أولية.

وتسبب هجوم الأربعاء في إطلاق عملية انتقامية شاركت فيها الولايات المتحدة وبريطانيا، تضمنت هجمات صاروخية على مقار الميليشيات العراقية التابعة لإيران في العراق وسوريا، وخلفت نحو 30 قتيلا وجريحا.

ويرى مراقبون أنه وبالرغم من “استفزازات” الميليشيات إلا أن الولايات المتحدة لا تريد الانزلاق إلى مواجهة شاملة أو توسيع نطاق المواجهة مع وكلاء إيران. وقالت مصادر أمنية السبت إن مجموعة مجهولة أطلقت بين عشرة و15 صاروخا على معسكر التاجي العراقي، شمال بغداد.

ويستضيف هذا المعسكر قوات من الولايات المتحدة وبريطانيا في إطار التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي.

وعلى غرار العمليات المماثلة سابقا، لم تعلن أي ميليشيا عراقية مسؤوليتها عن عملية السبت، لكن بعضها بارك الهجوم الجديد على التاجي، على غرار حركة عصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي.

وقال النائب عن كتلة “صادقون”، الذراع السياسية للعصائب، أحمد الكناني في تصريحات صحافية “نحيّي ونبارك الضربات ضد القوات الأميركية في العراق”.

وتبدو صورة التوقعات بشأن رد الفعل الأميركي، غير واضحة، لكنّ مراقبين يرون أن الولايات المتحدة ربما لن تجد نفسها مضطرة للرد على الهجوم الجديد ضد قاعدة تستضيف قواتها في العراق، ما دام لم يوقع قتلى أجانب أو من صفوف قواتها.

وفي وقت لاحق، قالت القوات العراقية إنها عثرت على “مكان إطلاق صواريخ الكاتيوشا التي استهدفت معسكر التاجي شمال العاصمة بغداد”، موضحة أنها “وجدت سبعة منصات إطلاق داخل مرآب في منطقة أبوعظام، كما ألقت القبض على صاحب المرآب والعاملين فيه، فضلا عن إلقاء القبض على جميع منتسبي نقطة التفتيش القريبة منه التابعة إلى قيادة شرطة بغداد وإحالتهم جميعا على التحقيق”.

وقدرت مصادر أمنية حجم هجوم السبت بأنه كبير، مشيرة إلى أنه ربما يدعم التسريبات التي تقول إن الهجمات الأميركية على مقرات الميليشيات العراقية ربما خلفت خسائر فادحة في صفوفها.

وتقول المصادر إن الهجمات الأميركية الأخيرة، ركزت على القدرات العسكرية للجماعات الشيعية المسلحة الموالية لإيران، ولم تستهدف شخصيات محددة.

ووفقا لمصادر على صلة بالجيش الأميركي في العراق فإن الضربات التي استهدفت مواقع معزولة في شمال محافظة بابل العراقية، وسط البلاد، قضت على جزء كبير من مخزون الصواريخ الذي تسلمته ميليشيا كتائب حزب الله العراقي، من إيران.

وتقول المصادر إن الصواريخ الأميركية والبريطانية استهدفت غرف قيادة وإدارة وعمليات ومخازن أسلحة وعتاد وذخائر وصواريخ، تمثل صلب القدرات العسكرية التي وفرتها إيران خلال الشهور الثلاثة الماضية لبعض من أبرز الميليشيات العراقية الخاضعة لها.

وهذا ما يبرر عدد صواريخ الكاتيوشا الكبير الذي أطلق ثأرا على معسكر التاجي يوم السبت في وضح النهار.

وتأتي هذه الهجمات لتعمّق حالة فشل الدولة في عهد رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، الذي توصف حكومته بأنها شرطي مرور ينظم عمليات مرور الصواريخ الإيرانية والأميركية نحو أهدافها في العراق، من دون القدرة على اعتراضها.

ولذلك، يبدو عبدالمهدي هو رئيس الوزراء المفضل لدى الإيرانيين، بعد برهنته على قدراته الفريدة في الانصياع لمطالبهم حسب ما يرى مراقبون.

وهذا ما يفسر العودة القوية من قبل أحزاب اليمين الشيعي في العراق، لتجديد الثقة بحكومة عبدالمهدي، وهو ما يواجه اعتراضات شديدة.

وطالب قادة الميليشيات المقربة من إيران، بتجديد الثقة بعبدالمهدي علنا، بعد أن نجحوا في الاستيلاء على قرار الدولة العراقية في عهده.

ويقول ساسة عراقيون من الشيعة والسنة والكرد إن الحل الوحيد لإنقاذ البلاد هو دعم رئيس وزراء جديد يتصدى للميليشيات الإيرانية، ليتحكم علنا بمقدرات البلاد.

وأخذت الأوضاع الأمنية في العراق بالتدهور أكثر منذ قتل الولايات المتحدة لقائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في غارة ببغداد.

وكانت آنذاك إيران متوجسة على نفوذها في ظل انتفاضتي لبنان والعراق وهو ما دفعها إلى التوعد برد على مقتل أبرز شخصية توكل إليها طهران مهام خارج الجمهورية الإسلامية في محاولة للتقليل من الانتقادات الموجهة للسلطات وكذلك صرف الأنظار عن الانتفاضتين معا.

العرب