حسابات إيرانية وراء هجوم تحالف الفتح على تكليف الزرفي تشكيل الحكومة

حسابات إيرانية وراء هجوم تحالف الفتح على تكليف الزرفي تشكيل الحكومة

بغداد – يمثل إعلان تحالف الفتح، المقرب من إيران، رفض قرار الرئيس برهم صالح تكليف عدنان الزرفي بتشكيل الحكومة العراقية، لمحة عن المواجهة المنتظرة بين معسكرين سياسيين، يوصف الأول بأنه على صلة بالمحور الأميركي، فيما يتحرك الثاني في فضاء تدعمه طهران.

وينتمي الزرفي إلى الفريق المقرب من رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، وصعد على قائمته في مدينة النجف خلال الانتخابات العامة في 2018.

وتعثرت عملية تكليف الزرفي أكثر من مرة خلال اليومين الماضيين، قبل أن يوقع الرئيس صالح على القرار، متحديا رفضا مرتبكا عبر عنه تحالف الفتح المقرب من إيران.

وبعد تسلم الزرفي قرار التكليف، أعلن تحالف الفتح رفضه “الخطوة غير الدستورية التي قام بها رئيس الجمهورية بتكليف مرشح خارج السياقات الدستورية”.

وقال الفتح إن الرئيس صالح، “تجاوز الدستور من جهة ولم يلتزم بالتوافق بين القوى السياسية من جهة أخرى”، محمّلا رئيس الجمهورية “كامل المسؤولية عن تداعيات هذه الخطوات الاستفزازية وسنأخذ كافة الإجراءات لمنع هذا الاستخفاف بالقانون والدستور”.

تحقيق مطالب المتظاهرين
لكن مصادر سياسية مطلعة أبلغت “العرب” أن جدلا واسعا يدور داخل قوى الفتح بشأن تكليف الزرفي، بعدما تسرب أن زعيم التحالف هادي العامري وافق على الزرفي خلال مكالمة هاتفية مع الرئيس صالح.

وتؤكد المصادر أن جزءا من تحالف الفتح أبلغ الزرفي بأنه لن يقف ضده، بعدما تأكد من حظوظه الكبيرة في نيل منصب رئيس الوزراء.

وتشير المصادر إلى أن موقف الفتح المعلن، بشأن تكليف الزرفي، لا يعكس جميع قواه الداخلية، موضحة أن هذا الارتباك السياسي يعود إلى تراجع الاهتمام الإيراني بالملف السياسي العراقي، بسبب انشغال طهران بتداعيات تفشي فايروس كورونا.

وربما هذا ما يفسر انحياز أحزاب عرفت بالتزامها الموقف الإيراني، مثل ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، إلى الزرفي، بالرغم من ميوله العلنية نحو المعسكر الغربي.

وسيواجه الزرفي، في حال حصوله على ثقة البرلمان، تحديات طارئة، كالأزمة الاقتصادية الوشيكة بسبب هبوط أسعار النفط، وخطر انتشار كورونا في العراق، بعد تسجيل أكثر من 150 إصابة و11 حالة وفاة بين العراقيين جراء إصابتهم بالفايروس.

لكن التحدي الأخطر من وجهة نظر المراقبين يتمثل في مواجهة الزرفي للرغبة المعلنة من قبل القوى السياسية العراقية الموالية لإيران في إخراج القوات الأميركية من البلاد.

وخاض الزرفي خلال الشهور الماضية سجالا علنيا مع حلفاء إيران بشأن هذا الملف، مؤكدا أن إخراج القوات الأميركية حاليا يفتح الباب على خطر عودة تنظيم داعش ويهدد علاقات العراق مع أهم شريك سياسي واقتصادي بين دول العالم.

وبالرغم من الأزمة التي يواجهها تحالف الفتح مع تكليف الزرفي، إلا أنه ترك الباب مواربا على إمكانية دعمه بشرط. وقال النائب عن الفتح كريم عليوي “لن نصوّت على حكومة الزرفي ما لم يتضمن برنامجها إخراج القوات الأجنبية” من العراق.

وإذا كان تحالف الفتح الرسمي التزم بالسياقات المعتمدة في إعلان رفضه تكليف الزرفي، فإن القادة الميدانيين في ميليشيات عصائب أهل الحق ونوابها في البرلمان، اختاروا مستوى أعلى من التصعيد بعد إعلان الرئيس صالح.

وقال جواد الطليباوي، وهو قائد ميداني بارز في العصائب، ويرتبط بعلاقة وثيقة مع قادة في الحرس الثوري الإيراني، إن “موقف أغلب المقاومين ضد المترجم عدنان الزرفي”. وأضاف “لا نخشى منه ولا من أسياده”، في إشارة إلى الولايات المتحدة.

وكان الطليباوي هدد الاثنين بأن “المجاهدين في المقاومة الإسلامية” سيقلبون أوضاع العراق “أسفلها على أعلاها” إذا قام برهم صالح بتكليف عدنان الزرفي.

ويقول النائب عن العصائب حسن سالم، المتهم بتنفيذ حملات اختطاف واغتيال مروّعة على أساس طائفي، بعد العام 2006، إن “تكليف الجوكر النائب عدنان الزرفي برئاسة الوزراء خيانة لدماء الشهداء”، متهما “سائرون والحكمة والنصر وبرهم صالح” بالوقوف “وراء تكليف الزرفي لرئاسة الوزراء”.

ويقول مراقبون إن الزرفي ربما ينال ثقة البرلمان بأغلبية مريحة، بالنظر للتأييد الشيعي الكبير الذي حصل عليه، وقبوله المتوقع لدى القوى السياسية الرئيسية من السنة والأكراد.

ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد أحمد الميالي إن تحالف الفتح “خسر البوصلة السياسية في تسمية رئيس الوزراء وعليه أن يمد جسور التعاون مع الزرفي لإدارة المرحلة”، متوقعا أن ينال رئيس الوزراء المكلف ثقة البرلمان.

وقال الميالي إن الظرف السياسي الحالي يقف إلى جانب الزرفي، و”هو رجل قادر على إدارة المرحلة ويعرف كيف يستثمر التقلبات والاضطرابات وسيقدم شيئا ويغير الكثير إذا تعاونت معه الكتل السياسية”.

وكتب الزرفي في سيرته الذاتية، أنه “وطني ديمقراطي يؤمن باستقلال العراق من كل التبعيات الأجنبية ويدعو إلى عراق موحد تلغى فيه الفوارق المذهبية والقومية ويقوم على أساس المواطنة”، مشيرا إلى أنه “يؤمن بتطوير الاقتصاد الوطني ورفاهية المواطن الاقتصادية”، و”يؤمن بأن العراق بلد عربي إسلامي يلعب دورا مهما في استقرار وبناء المنطقة العربية والإسلامية ويكون نقطة توازن لحفظ مصالح المنطقة”.

إلا أن أفلام فيديو عن تحقيقات للشرطة العراقية سرّبت أمس الثلاثاء تشير الى دوره في عمليات فساد واغتيالات جرت في فترة تسلّمه منصب محافظ النجف.

والزرفي من مواليد مدينة النجف العراقية للعام 1966، انضم إلى حزب الدعوة الإسلامية ليعتقل في العام 1988 بسبب نشاطه السياسي.

هرب من سجن أبي غريب الشهير عام 1991، والتحق بمعسكر اللاجئين العراقيين في مخيم رفحاء بالسعودية، قبل أن ينتقل إلى الولايات المتحدة العام 1994 وحصل على جنسيتها، حيث تحول إلى ليبرالي وسجل قطيعة مع الأحزاب الإسلامية.

عاد إلى العراق العام 2003 عضوا في فريق خاص بالإعمار تموّله وزارة الدفاع الأميركية، ثم كلفه الحاكم المدني آنذاك بول بريمر بمنصب محافظ النجف، قبل أن ينتقل لشغل منصب كبير في وزارة الداخلية. عاد إلى منصب محافظ النجف في 2009 واستمر فيه حتى 2015، ثم فاز بعضوية البرلمان في 2018.

العرب