عن تموضع القوات الامريكية في العراق

عن تموضع القوات الامريكية في العراق

أخلت قوات التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية في العراق، قاعدة “كي 1” العسكرية في محافظة كركوك (شمال العراق) وسلّمتها إلى القوات العراقية، وهي القاعدة الثالثة التي سُلمت إلى الجانب العراقي منذ منتصف الشهر الحالي، ضمن خطة إعادة التموضع التي تجريها قوات التحالف في البلاد. وكانت قوات التحالف قد انسحبت من قاعدتي القائم غرب الأنبار والقيارة جنوب الموصل، وانتقلت إلى قاعدتي حرير في أربيل وعين الأسد في الأنبار، وسلمت القاعدتين إلى الجيش العراقي.

وبحسب معلومات خاصة لمركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية فإن القوات الأمريكية ستنسحب أيضًا من قاعدة الحبانية. ولهذا الانسحاب دوافع سياسية واعسكرية وصحية، أما السياسية لدعم الحكومة العراقية أمام مجلس النواب العراقي، الذي اصدر قرار في بداية العام الحالي، دعا إلى اخراج القوات الأمريكية من العراق. وهذا الانسحاب يعطي الحكومة العراقية المقبلة قوة تفاوضية مع الولايات المتحدة الأمريكية.
أما العسكرية، فبعض القواعد العسكرية التي تم الانسحاب منها تعرضت كثيرًا لاعتداءات مستمرة من قبل المليشيات المسلحة، لذلك فهي سهلة الاستهداف، وللحفاظ على القوات الأمريكية ومعداتها العسكرية جاء القرار الأمريكي للانسحاب منها، باستثناء قاعدة معسكر التاجي.
أما صحيًا، ونظرًا لانتشار فيروس كورونا في العراق وللحفاظ على أرواح الجنود الأمريكيون تم الانسحاب من بعض القواعد. ويتضح من هذا الانسحابات بأنها اجراء تكتيكي عسكري محض.
والجدول التالي يبين القواعد العسكرية المنتشرة على الأراضي العراقية بعد الانسحاب من تلك القواعد:

    القاعدة    المكان                        الأهمية
1- مطار أربيل  أربيل  وجود قوات عسكرية وطائرات أجنحة ثابتة ومسيرة.
2-  حرير أربيل

  أقرب القواعد الأمريكية للحدود الإيرانية، فيها مطار خاص، ومكاتب استخباراتية تابعة للولايات المتحدة الأمريكية CIA والمملكة المتحدة MI6،وأجهزة إلكترونية أمنية معقدة، بالاضافة إلى وجود مروحيات هيلكوبتر.

3-  عين الأسد “البغدادي”

 الأنبار

من أهم القواعد العسكرية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، نظرًا لوجودجميع الطائرات العسكرية الأمريكية،وقوات أمريكية، كما سيتعاظم أهميتها بعد  تزويدها بصواريخ باتريوت في بداية نيسان/إبريل المقبل.

4-   بلد صلاح الدين  يوجد فيها مقاتلات ذات أجنحة ثابتة مثلF16 وF15 وبعض الطائرات الأخرى.
5-  التاجي  بغداد  يوجد بها جميع أنواع الطائرات المروحية” سمتيات” وقوات حماية.
6-  مطار بغداد” فيكتوري”  بغداد  يوجد بهذه القاعدة طائرات مسيرة واسناد لمكافحة الإرهاب وطائرات أباتشي ودعم لوجستي.

وما تردد من أخبار في الصحافة العربية والغربية بأن الانسحاب الأمريكي من تلك القواعد جاء كمقدمة لقيام الولايات المتحدة الأمريكية بعمل عسكري سريع ضد الفصائل المسلحة أو القيام بانقلاب عسكري ضد الحكومة العراقية، أخبار عارية تمامًا عن الصحة.

والدليل على ذلك وبحسب معلومات خاصة حصل عليها مركز الراوبط للبحوث والدراسات الاستراتيجية أجرى رئيس الأركان الامريكي اتصالًا هاتفيًا بنظيره العراقي، حيث تمحور الاتصال حول إعادة انتشار القوات الأمريكية في العراق، وأبلغ رئيس الأركان الأمريكي نظيره العراقي بأن واشنطن لا توجد لديها نية في توجيه ضربة عسكرية للفصائل المسلحة العراقية إذا التزمت بعدم الاعتداء على القوات الأمريكية وفي حال الاعتداء عليها فإن وزير الدفاع الأمريكي مخول باتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة ذلك الاعتداء.

وفي محاولة من الحكومة العراقية للحفاظ على علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية اتخذت اجراءات مشددة ضد كل من يحاول الاعتداء على المصالح الأمريكية في العراق، الأمر الذي انعكس على اتصالات المسؤولين في الدولتين اذ اتسمت بالراحة والحذر في نفس الوقت.

الانسحابات السريعة من القواعد العراقية التي تستضيف قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن، والتي تمثل قوات الأخيرة عمودها الفقري، إذ يبلغ عدد القوات الأميركية من مجمل الجهد العسكري والعملياتي للتحالف أكثر من 60 في المائة، وصفتها أوساط سياسية وأمنية عراقية، وحتى من داخل “الحشد الشعبي”، بأنها “غير مريحة”. وطرح مسؤول عراقي في حكومة تصريف الأعمال الحالية برئاسة عادل عبد المهدي مخاوف من أن تخفي خطوة الانسحابات المتتالية نيّة مبيتة من قبل الأميركيين لتصعيد أكبر داخل العراق ضد من تسميهم واشنطن وكلاء ايران. وأضاف، في حديثه، أن خطوة انتقال الأميركيين من القواعد سهلة الاستهداف، أو الواقعة ضمن مدى ترسانة الفصائل المسلحة، قد تعني أنهم يريدون تأمين حياة جنودهم قبل تنفيذ سلسلة عمليات ضد قيادات وزعامات بفصائل مسلحة.

وقال النائب عن “تحالف الفتح”، الجناح السياسي لـ”الحشد الشعبي”، كريم المحمداوي، إن “الإدارة الأميركية تخطط لشن هجمات على الحشد الشعبي، والفصائل وقياداتها، وأن عملية سحب بعض جنودها من بعض القواعد العسكرية تأتي ضمن المخطط”، مبيناً في تصريح صحافي، أن “أي تصرف أميركي ضد الحشد والفصائل سيواجه بردة فعل من قبلها، ومن عموم الشعب العراقي”.

ودعا واشنطن إلى “الحذر من أي تصرفات، خصوصا أن لكل فعل رد فعل، وأن العراقيين جاهزون للخيارات كافة في حال الاعتداء عليهم من أي طرف”.

لكن السؤال الذي يطرح بناء على كل ما تقدم هل العراق جاهز أمنيًا وعسكريا وقتصاديًا لمغادرة قوات التحالف الدولي والناتو والأمريكية من أراضيه؟
نقولها بصراحة أن العراق لغاية هذا اليوم لا يستطيع بمفرده أن يسطير عسكريا وأمنيا على الجغرافيا العراقية، وفي حال انسحاب تلك القوات بمختلف صنوفها فإن العراق يصبح في حالة انكشاف أمني وعسكري، ويتوقف مع ذلك الانسحاب الدعم الاستخباراتي واللوجستي ويصبح وضعها الأمني وعسكري هشًا تمامًا. فما تقوم به المليشيات حليفة ايران من اعتداءات مستمرة ضد القوات الأمريكية في العراق تعرض حاضره ومستقبله للخطر.

أما إقتصاديًا، وفي تطور لافت قلصت واشنطن مدة الإعفاء إلى 30 يومًا بدلًا من 60 يومًا لمشتريات العراق من ايرن، التي تحاول تعطيل تشكليها، وإذا استمرت ايران على موقفها المعطل، فإن الإعفاء سيتم إلغاؤه تمامًا.

ناهيك عن تراجع سعر النفط الذي وصل إلى 20 دولار أمريكي، والذي سينعكس بشكل سلبي على إيرادات الدولة العراقية التي تعتمد على مورد عائدات النفط في تغطية نفقاتها، فالعراق مع هذا الهبوط في أسعار النفط، لن يكن بوسعه إلا صرف ما نسبة 30 إلى 35 في المئة، من رواتب المواطنين، وهذا يعني أن يصبح العراق بحاجة إلى مساعدات مالية كبرى من الولايات المتحدة الأمريكية والتحالف الدولي والجماعة الدولية،في الوقت الذي تعيش فيه اقتصاديات العالم أصعب الظروف نتيجة تفشي فايروس كورونا

أمام هذا التحدي الوجودي الخطير، هل يعقل أن ينجر أو يخطف العراق من قبل مليشيات لا تأخذ بعين الاعتبار مصالح العراق العليا، وإلى متى ستبقى تلك المليشيات تنفذ أوامر طهران مستخفة تمامًا بالعراق، فإذا استمر الأمر على هذا النحو فإن العراق كدولة لن يصمد أكثر من شهرين أو ثلاثة أشهر في أحسن الأحوال، لكن الشعب العراقي لن يقبل أن يتجه بلاده إلى المجهول، وسينفجر في وجه الطبقة السياسية التي أوصلته إلى هذه الحالة الكارثية الإنسانية.

وحدة الدراسات العراقية