تفاقمت أزمات شركة الخطوط الجوية القطرية، التي استنجدت أمس بالدعم الحكومي، بعد إقرارها بنفاد السيولة لديها، في ظل مكابرتها عبر مواصلة تسيير 1800 رحلة على مدى الأسبوعين المقبلين، رغم انعدام الجدوى الاقتصادية وارتفاع مخاطر نشر فايروس كورونا، وقلة المسافرين على طائراتها.
لندن – حذر الرئيس التنفيذي لشركة الخطوط الجوية القطرية أكبر الباكر أمس من قرب نفاد السيولة الضرورية لتسيير رحلات الشركة، وأكد أنها سوف تضطر في نهاية المطاف لطلب الدعم من الحكومة القطرية.
تدخلت عدة دول بالفعل لمساعدة شركات الطيران التي شهدت تبخر الطلب بين عشية وضحاها جراء تفشي فايروس كورونا، مع عرض الولايات المتحدة مساعدات بقيمة 58 مليار دولار.
والخطوط القطرية من بين عدد قليل من شركات الطيران العالمية التي لم تتوقف تماما، وهي تتوقع تسيير 1800 رحلة على مدار الأسبوعين المقبلين.
ويرى محللون أن تلك الرحلات عديمة الجدوى الاقتصادية، حيث تؤكد الشركة قلة المسافرين عليها، إضافة إلى مخاطر نشر فايروس كورونا علميا من خلال تلك الرحلات.
ونسبت وكالة رويترز إلى الباكر قوله في مقابلة هاتفية “تلقينا طلبات كثيرة من حكومات في أنحاء العالم وسفارات في دول معينة تطلب من الخطوط القطرية ألا توقف الرحلات”.
وتسيّر شركة الطيران المملوكة للدولة رحلات إلى أوروبا وآسيا وأستراليا، لتنقل الركاب الذين تقطعت بهم السبل بسبب فايروس كورونا مع إغلاق العديد من الدول حدودها.
وقال الباكر “سنواصل الطيران ما دامت هناك ضرورة ولدينا طلبات لنقل أشخاص تقطعت بهم السبل إلى أوطانهم، شريطة أن يكون المجال الجوي والمطار مفتوحين”.
ويبدو ذلك الإجراء حملة علاقات عامة لتخفيف عزلة قطر الدولية، التي تعاني من تداعيات المقاطعة العربية بسبب دعمها لجماعات متطرفة.
في المقابل أوقفت جميع شركات الطيران العالمية جميع أو معظم رحلاتها وبضمنها شركتا طيران الإمارات والاتحاد للطيران.
وقال الباكر إنه “من المؤكد أن نلجأ للحكومة في النهاية من أجل السيولة” لكنه امتنع عن تحديد موعد لطلب مساعدة الحكومة، التي قد تأتي في صورة قروض أو تمويل رأسمالي.
وأضاف أن عاملين في الشركة حصلوا على إجازات مدفوعة الأجر وغير مدفوعة الأجر وأنهم لم يرغموا على خفض أجورهم. وتتناقض تلك التصريحات مع تقارير تؤكد تسريح المئات من العاملين، وصدور احتجاجات رسمية من بعض الدول على تسريح موظفين يعملون في الخطوط القطرية.
وكشف وزير العمل الفلبيني سلفستر بيلو في 18 مارس الجاري أن الخطوط الجوية القطرية استغنت بشكل مفاجئ عن نحو 200 موظف فلبيني في قطر، وقال إن مانيلا قدمت احتجاجا رسميا على ذلك الإجراء.
وأعلنت الشركة قبل الوباء أنها ستتكبد خسارة في العام المالي الجاري بسبب تداعيات المقاطعة العربية التي أغلقت بموجبها أجواء الدول المحيطة بوجه طائرات قطر وأجبرتها على البحث عن مسارات طويلة ومكلفة.
وتسيّر الخطوط القطرية بعض الرحلات بنسبة إشغال تقل عن نصف المقاعد، الأمر الذي يجعلها عديمة الجدوى اقتصاديا.
ويقول الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) إنه قد تكون هناك حاجة لدعم حكومي بقيمة 200 مليار دولار على مستوى العالم لدعم شركات الطيران.
وتعاني الخطوط القطرية منذ سنوات من أزمات عميقة بسبب المقاطعة العربية للدوحة، التي أدت إلى إغلاق الأجواء المحيطة بها وفقدان أكبر أسواقها الاقليمية.
وتحاول منذ ذلك الحين البحث عن حلول لتشغيل أسطولها الكبير، في ظل العقبات وارتفاع تكاليف التشغيل بعد أن أجبرتها المقاطعة العربية على البحث عن مسارات طويلة للكثير من الرحلات.
وأعلنت الشهر الماضي عن توقيع اتفاق مع مجموعة أميركان إيرلاينز بعد خلافات طويلة. وقال محللون إن الصفقة قد تهدف للتسلل إلى تلك الأجواء الخليجية من خلال المشاركة بالرمز مع شركة طيران أميركية.
ويرى محللون أن الخطوط القطرية حاولت من خلال الاتفاق أن تبعث برسالة لجيرانها الخليجيين بأنها يمكن أن تجد حلولا للمقاطعة، إضافة إلى محاولة استرضاء السلطات الأميركية للمساهمة في إنهاء الأزمة مع جيرانها.
ولا تقتصر تداعيات المقاطعة العربية على فقدان عدد كبير من الرحلات الكثيفة إلى عدد من أكبر أسواقها مثل السعودية والإمارات، بل تؤثر على جميع رحلاتها الأخرى لأن الدوحة لا تمثل وجهة نهائية لمعظم المسافرين على رحلات الشركة.
وتعتمد الخطوط القطرية بشكل أساسي على رحلات الترانزيت بسبب الحجم الصغير للبلاد كوجهة نهائية للمسافرين حيث لا يدخل ويخرج من مطارها الدولي سوى نسبة ضئيلة من المسافرين.
ويشكل المسافرون إلى الدول الخليجية المجاورة من رجال الأعمال والسياح والعمال العرب والآسيويين والأفارقة نسبة كبيرة من زبائن الخطوط القطرية حيث يسافرون بين الدول المجاورة عبر الدوحة إلى الوجهات الكثيرة التي أطلقتها الشركة في السنوات الأخيرة.
كما أدى إيقاف رحلات شركات الطيران السعودية والإماراتية والمصرية والبحرينية إلى قطر إلى إيقاف تدفق المسافرين إلى الدوحة للانتقال عبر الخطوط القطرية إلى دول الخليج الأخرى وأوروبا وأفريقيا وأستراليا ودول الأميركتين.
العرب