في إشارة إلى وباء فيروس كورونا، أقرّ الرئيس ترامب هذا الأسبوع بأن “الأسبوعين القادمين قد يكونان سيئين جداً”. وبصرف النظر عن الضحايا والألم، سيكون أيضاً وقتاً صعباً للغاية بالنسبة للاقتصاد.
ومن الواضح أن حرب أسعار النفط بين السعودية وروسيا تلفت انتباه الرئيس الأمريكي بشكل مقلق. وفي مؤتمر صحفي عقده يوم الثلاثاء، قال إنه تحدث مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الروسي بوتين. وصرّح بأن الرجلين كانا يتفاوضان، مضيفاً أنه “قد ينضم شخصياً إلى المحادثات، إذا دعت الحاجة إلى ذلك، في الوقت المناسب”. وأشار أيضاً إلى قلقه الرئيسي – وقد تكون أسعار النفط المنخفضة بمثابة تخفيض ضريبي كبير للكثيرين، لكن الأمر قد لا يستحق العناء إذا كانت التكلفة هي دمار قطاع النفط الأمريكي.
وتمّ الإعلان عن نشوب حرب أسعار النفط بين السعودية وروسيا – حيث يحاول البلدان إنتاج أكبر قدر ممكن من النفط، لمعرفة أي اقتصاد وطني يمكنه تحمل الضغوط على عائداته – بعد فشل الرياض وموسكو في الاتفاق على تخفيضات الإنتاج في 6 آذار/مارس. وربما لم تكن هذه التخفيضات لترفع أسعار النفط المتدنية أساساً، لكنها كانت لتؤدي إلى انحدار متواضع فقط في الأرباح. ومن دون المبالغة في تفاصيل النظرية الاقتصادية، فإن عدم وجود إطار عمل ليّن على الأقل لمبيعات سلعة أساسية على غرار النفط قد يؤدي إلى تقلبات كبيرة في الأسعار، على حساب المستهلكين والمنتجين على حد سواء.
ويدرك الرئيس ترامب ذلك. ففي مقابلة أجراها مع قناة “فوكس نيوز” في 30 آذار/مارس، قال إن حرب أسعار النفط هي معركة بين السعودية وروسيا: “وقد فقدا صوابهما، كلاهما فقدا صوابهما”. وبالكاد كانت اللغة دبلوماسية، وربما لم تسْرِ بشكل جيد في موسكو أو الرياض، لكنها تلخص بدقة أصول الأزمة في أذهان العديد من محللي قطاع الطاقة.
وما يثير الدهشة على نحو أكبر، هو ميل الإدارة الأمريكية نحو توجيه اللوم إلى السعودية أكثر من موسكو. فبعد اتصال هاتفي بين وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو والأمير بن سلمان في 24 آذار/مارس، وردت في بيان أمريكي صدر بهذا الخصوص عبارة: “شدّد وزير الخارجية على أن السعودية كونها تترأس دول “مجموعة العشرين” وقائداً مهماً في قطاع الطاقة، فلديها فرصة حقيقية لبذل الجهود اللازمة للتعامل مع هذا الوضع الصعب وإعادة طمأنة قطاع الطاقة والأسواق المالية على الصعيد العالمي عندما يواجه العالم حالة خطيرة من عدم اليقين الاقتصادي”. عذراً! هناك جملة ختامية أخرى قصيرة لم يفطن لها أحد حول “شراكتنا في مواجهة السلوك الإقليمي للنظام الإيراني المزعزع للاستقرار”.
لكن كل هذا لا يعني أن البعض في البيت الأبيض لم يريد الانحياز للسعودية في هذا الجدال. ففي 31 آذار/مارس، نقلت وكالة “رويترز” أنه تم النظر في اقتراح يقوم على “تحالف الولايات المتحدة مع السعودية لإدارة سوق النفط العالمي”. وقال مصدر أن فكرة قيام مثل هذا البديل لـ “أوبك” قد “تم طرحها لكنها لم تصل إلى مرحلة الدراسة الجدية”. وقالت مصادر أخرى لرويترز إن بومبيو ناقش الفكرة مع وزير الطاقة الأمريكي دان برويليت ومستشار الأمن القومي الأمريكي الجديد روبرت أوبراين.
وذكرت وكالة “رويترز” أن الكونغرس ربما سيعارض الفكرة، لكنها قد تُستخدم للضغط على الرياض لكي تبادر من جانبها إلى خفض إنتاجها من النفط.
ولا يمكن معرفة الكيفية التي ستتبلور فيها حرب أسعار النفط في النهاية – ومتى سيحدث ذلك؛ فالمسألة تتطور بسرعة. وعلى الرغم من تأكيد الرئيس ترامب على أن روسيا والسعودية تجريان مناقشات، قال الكرملين يوم الأربعاء إن البلدين لا يجريان محادثات ولا توجد خطط للرئيس بوتين للاتصال بالقيادة السعودية.
وفي تطور آخر غير اعتيادي، أرسلت روسيا طائرة محمّلة بمعدات طبية تتعلق بفيروس كورونا إلى الولايات المتحدة. ومن المرجح أن يقلل التشكيك في جودتها جزئياً فقط من مفعول هذه الهدية التي هي أشبه بحملة دعائية للتأثير على الرأي العام.
سايمون هندرسون
معهد واشنطن